تتزايد الانشقاقات داخل الجيش السوري بعد أكثر من 15 شهرًا على بدء حركة الاحتجاج ضد نظام الرئيس بشار الأسد، من دون أن تنجح حتى الآن في زعزعة النظام الذي يعتمد على ضباط أوفياء له عن قناعة أو خوفًا مما قد يحمله سقوط النظام من تداعيات.


بيروت: برز أخيرًا انشقاق طيار سوري انتقل على متن طائرته المقاتلة من طراز ميغ الى الاردن في الحادي والعشرين من حزيران/يونيو الماضي، ثم انشقاق 85 عسكريًا الاثنين لجأوا إلى تركيا المجاورة، ما يعطي دفعًا الى المقاتلين المعارضين الذين يجمع الخبراء على أنهم باتوا اكثر تنظيمًا، فيما يقول ناشطون إنهم يلحقون خسائر فادحة بالجيش النظامي.

ويقول مدير مركز quot;اينغماquot; للتحليل العسكري في الشرق الاوسط والخليج رياض قهوجي لوكالة فرانس برس: quot;هذه الانشقاقات تضرب معنويات الجيش في الصميمquot;.

القوات النظامية متهمة بارتكاب مجازر بحق المدنيين

الا أن الباحث آرام نيرغيزيان من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن يؤكد أن quot;هذه الانشقاقات لم تصل بعد الى حد يؤثر فيهquot; على المؤسسة.

ويصعب تقدير عدد المنشقين من الجيش السوري، احد اكبر الجيوش في العالم العربي، وذلك على الرغم من عشرات أشرطة الفيديو التي يوزعها ناشطون بانتظام حول تصريحات لجنود وضباط منشقين يعلنون انضمامهم إلى الجيش السوري الحر.

ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان إن هناك عشرات الآلاف من العناصر فروا من صفوف القوات النظامية من دون أن يعني ذلك انهم انضموا الى الجيش الحر.

ويقول الخبير العسكري بول سميث، مؤسس مركز quot;آر ثري آي كونسالتينغquot; للاستشارات في مجال الدفاع، quot;بعد سنة من المعارك في البلاد، يحتفظ الجيش بدرجة لا بأس بها من التلاحمquot;.

ويبلغ عديد الجيش السوري، بحسب تقرير للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في 2010، 325 الف عنصر، يضاف اليهم 300 الف احتياطي.

ويتساءل سميث، وهو ضابط بريطاني متقاعد، quot;هل العسكريون يبقون في صفوف الجيش السوري لانهم اوفياء للنظام، او لانهم يخشون عمليات انتقامية تطال عائلاتهم في حال انشقاقهم؟quot; ويجيب quot;لا شك ان الأمرين صحيحانquot;.

وغالبا ما يعلن المنشقون في اشرطة الفيديو انهم انشقوا بعد رفضهم الأوامر باطلاق النار على المدنيين. ويؤكدون في شهاداتهم لوسائل الاعلام والمنظمات الدولية للدفاع عن حقوق الإنسان انهم quot;لم يعودوا يتحملون رؤية المعاناة في قراهم وبلداتهمquot;، لا سيما أن كثيرين منهم فقدوا احد افراد عائلته في أعمال العنف القائمة في البلاد منذ منتصف آذار/مارس 2011.

ويكشف المتحدث باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل قاسم سعد الدين ان الجنود الذين لا يزالون يترددون في الانشقاق خوفا من ان يتم الاقتصاص منهم ومن عائلاتهم، quot;يدعمون الثورة بالسلاح والمعلومات والعتادquot;.

ويؤكد الخبراء ان الوحدات النخبوية التي تشكل عماد المؤسسة العسكرية، لم تشهد أي انشقاقات تذكر.

ويقول قهوجي quot;في سوريا، هناك جيشان: الجيش النظامي والجيش الذي يدافع عن النظامquot;.

ويقصد بهذا الجيش الأخير خصوصا الفرقة الرابعة بقيادة شقيق الرئيس السوري بشار الأسد، وهي الفرقة quot;الأفضل تجهيزا والتي تحصل على الرواتب الاعلىquot;، بحسب قهوجي. كما ان القوات الخاصة والحرس الجمهوري وأجزاء من الفرقتين الخامسة والتاسعة هي من الوحدات quot;التي تتمتع بامتيازات من جانب النظامquot;.

وكلما طال النزاع في سوريا كلما اتخذ طابعا طائفيا، لا سيما بالنسبة إلى الأقلية العلوية التي تنتمي اليها عائلة الرئيس السوري والتي تشعر بالتهديد في حال سقوط النظام وسط اكثرية شعبية سنية.

ويقول نيرغيزيان ان العلويين quot;هم المتحكمون بطريقة مباشرة او غير مباشرة بكل الوحدات السورية المسؤولة عن الامنquot;.

ويوضح ان quot;غالبية المنشقين هم من السنة الذين لا يمكنهم الوصول إلى مراكز قياديةquot;.

ويشير الى ان قسما كبيرا من الضباط السنة أنفسهم يترددون في الانشقاق. ويقول quot;كثيرون منهم مقتنعون اليوم انه في حال رحيل الاسد، ستشهد البلاد سنوات من عدم الاستقرار. ويفضلون نوعا من الاستمرارية على الفوضىquot;.

ويرى الباحث ان الضباط والجنود المترددين يخشون ايضا من ان يقوم quot;المنتصرونquot; في حال سقوط النظام بquot;عملية تطهيرquot; على الطريقة العراقية عندما تم حل الجيش وكل الاجهزة الامنية وحزب البعث العراقي، بعد سقوط الرئيس الراحل صدام حسين.

ويقول نيرغيزيان quot;حتى لو كان هؤلاء يدعمون المعارضة، فهم يخشون عملية +اجتثاث لحزب البعث+ في مرحلة ما بعد الاسدquot;.

وفي ظل استمرار الانقسام الدولي حول الازمة السورية وتأكيد حلف شمال الاطلسي انه لن يتدخل عسكريا في البلاد، فان الوضع قد يراوح مكانه لفترة طويلة.

ويقول نيرغيزيان quot;لا يمكن للنظام ان يطيح بالمعارضة بالقوة، والامر ذاته ينطبق على المعارضة. انها حرب استنزاف حقيقيةquot;.