اوغلو خلال مؤتمره الصحافي في كركوك مع محافظها نجم الدين عمر كريم |
قال وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو أن بلاده تقف على مسافة واحدة من جميع العراقيين بمختلف دياناتهم وطوائفهم، مؤكدا دعم أنقرة لبقاء مدينة كركوك رمزا للتعايش بين مكونات الشعب العراقي.
اتهمت بغداد وزير خارجية تركيا بانتهاك الاعراف الدبلوماسية والتدخل في شؤونها والاستهانة بسيادتها بعدما قام الخميس بزيارة مدينة كركوك المتنازع عليها دون موافقتها، بحسب بيان رسمي.
وقال البيان الذي نشرته وزارة الخارجية العراقية على موقعها ان زيارة احمد داود اوغلو الى كركوك جرت quot;بدون علم وموافقة وزارة الخارجية ومن دون اللجوء الى القنوات الرسمية والدبلوماسيةquot;.
واضافت الوزارة في بيانها ان quot;هذه الزيارة نعتبرها نوعا من الانتهاك الذي لا يليق بتصرف وزير خارجية دولة جارة ومهمة مثل تركيا، وهو يشكل فضلا عن ذلك تدخلا سافرا بالشأن الداخلي العراقيquot;.
ورات وزارة الخارجية العراقية انه quot;ليس من مصلحة تركيا او اي جهة اخرى الاستهانة بالسيادة الوطنية وانتهاك قواعد التعامل الدولي وعدم الالتزام بابسط الضوابط في علاقات الدول والمسؤولينquot;.
كما استغرب في الوقت ذاته quot;موقف حكومة الاقليم التي سهلت هذه الزيارة دون علم الحكومة الاتحاديةquot;، معتبرة انها quot;تخالف بذلك مسؤولياتها الدستوريةquot;.
واكد البيان انه quot;على تركيا تحمل نتائج هذا العمل امام الشعب العراقي وما يمكن ان يفرزه من آثار سلبية على العلاقات بين البلدين وعلى عموم الشعب العراقي واهالي كركوك خصوصاquot;.
وكانت تركيا اعتبرت المعارضة لمطالب الاكراد العراقيين بضم مدينة كركوك الشمالية الى اقليمهم الكردي، المدينة بأنها العمود الفقري للعراق ورمزا للتعايش بين مكونات البلاد حيث وصفها وزير الخارجية التركي أحمد داود اوغلو خلال زيارة مفاجئة لها اليوم الخميس بأنها نموذج للشرق الاوسط.
ووسط اجراءات امنية مشدد زار اوغلو اليوم الخميس مدينة كركوك (255 كم شمال بغداد) الغنية بالنفط والمتنازع عليها واجرى مباحثات مع محافظها نجم الدين كريم ورئيس مجلس المحافظة حسن توران كما التقى المسؤولين الامنيين فيها ومدراء الادارات الخدمية ورئيس هيئة الاستثمار وناقش معهم المساعدات التي يمكن ان تقدمها تركيا للمدينة وسكانها البالغ عددهم حوالي المليون نسمة من اجل تنفيذ مشاريع خدمية فيها واعمارها.
وفي مؤتمر صحافي مشترك مع محافظ كركوك اعتبر اوغلو ان وضع كركوك يشكل quot;نموذجا للشرق الاوسطquot; وقال quot;كنت منذ مدة طويلة انوي زيارة كركوك لكنني اخترت شهر رمضان لانه شهر مباركquot;. واضاف ان quot;هذه كركوك بتاريخها العريق ووضعها الحالي الخاص تشكل نموذجا للشرق الاوسط وقوتها تكمن في التعايش السلمي منذ عقود بين العرب والاكراد والتركمانquot;.
وأضاف quot;كركوك بتاريخها العريق ووضعها الخاص تمثل الشرق الاوسط وروح كركوك تتمثل بتعايش جميع قومياتها وأديانها والمنظر الذي تشاهدونه هو دليل على ذلك فالعرب والكُـرد والتركمان متعايشين منذ عقود وكركوك تمثل العمود الفقري لوحدة العراق وتحقيق الأمن. وقال quot;نحن كشعب تركي وحكومة تركية مع الاخوة في العراق سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين شيعة أو سنة فهم اخواننا وجيرانناquot;.
وأوضح اوغلو أن زيارته للمحافظة تأتي لأهميتها على جميع الصعد لأنها مدينة غنية بالنفط ولها دور مستوى الشرق الأوسط . وتابع قائلا quot;نحن نرى ان كركوك غنية بثرواتها وتنوعها ولذا فانها ستكون من المدن الرائدة في الشرق الاوسط ونحن كاتراك مستعدون لخدمة كركوك والعراق فصداقتنا ابدية ودائمةquot;.
وقال اوغلو ان المحافظ حقق توأمة بين مدينة كركوك وقونيا التركية التي انتمي اليها وهي مدينة المتصوف جلال الدين الرومي وينادونه برجل السلام والاخوه ودعا ادارة كركوك ومحافظها ومجلس المحافظة المشاركة بالاحتفالات فيها في السابع عشر من كانون الاول (ديسمبر) المقبل.
ومن جانبه وصف محافظ كركوك نجم الدين عمر كريم زيارة أوغلو للمدينة بالمهمة كثيرا نظرا لاهتمام تركيا بكركوك وكركوك بتركيا. واكد ضرورة توسيع مجالات التعاون بين كركوك وتركيا .
وتواجه كركوك ويسكنها مواطنون يمثلون معظم اطياف المجتمع العراقي تحديات ومشاكل مختلفة ابرزها التنازع على السلطة حيث يطالب الاكراد بالحاقها باقليمهم الشمالي الذي يحكمونه منذ عام 1991 فيما يصر العرب والتركمان على الابقاء عليها محافظة مستقلة مرتبطة بالحكومة المركزية وهو امر تؤيده تركيا الرافضة لضمها لاقليم كردستان.
وكان اغلو ورئيس اقليم كردستان العراق مسعود بارازني قد اتفقا عقب مباحثات في اربيل امس على مواجهة اي محاولة لاستغلال الفراغ في السلطة في سوريا من قبل quot;جماعات متشددةquot; في اشارة الى تنظيم القاعدة وحزب العمال الكردستاني التركي الانفصالي. كما اتفقا ايضا على quot;التعاون والتنسيق في جهودهماquot; لمساعدةالشعب السوري quot;لتحقيق تطلعاته المشروعة لسوريا ديموقراطية حرة وتعدديةquot;.
واعرب الجانبان عن quot;قلق عميق ازاء عدم الاستقرار والفوضى التي تعم سورياquot;. وشددا على انه quot;سيتم النظر في اي محاولة لاستغلال الفراغ في السلطة من قبل اي جماعة او تنظيم متشدد وان امرا كهذا يعتبر تهديدا مشتركا وينبغي معالجته بتنسيق مشتركquot;. وقالا quot;يجب ان تكون سوريا الجديدة خالية من المجموعات والمنظمات المتشددة والارهابية المتطرفةquot;.
وكانت انقرة اكدت الاحد الماضي انها ستتخذ quot;كافة الاجراءاتquot; لمنع تمركز quot;خلايا ارهابيةquot; في المناطق الحدودية مع سوريا حيث تتهم تركيا النظام السوري بتسهيل تمركز انفصاليي حزب العمال الكردستاني المتمرد. واضافا ان quot;الوضع في سوريا خطير وكارثي وتصرفات النظام السوري وسياسته في اثارة الصراع الطائفي والعرقي في تصاعد مستمر، والمستجدات في سوريا تمثل تهديدا للامن والاستقرار الاقليميquot;. واكدا على quot;التزامهما بالانتقال السلمي السياسي في سورياquot; واتفقا على quot;التعاون والتنسيق في جهودهما بغية مساعدة الشعب السوري من اجل تحقيق تطلعاته المشروعة لسوريا ديموقراطية حرة وتعدديةquot;.
وجاء ذلك في وقت اعلن حزب بارزاني ان قوات كردية قامت بتدريب اكراد سوريين في مخيمات اقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي quot;لملء اي فراغ امني بعد سقوط النظام السوريquot;.
وتتبنى الحكومة العراقية الاتحادية في بغداد والحكومة المحلية في اقليم كردستان تتبنيان موقفين متناقضين من الاحداث الجارية في سوريا التي تشهد نزاعا مسلحا قتل فيه الآلاف. وتدعو الحكومة الاتحادية في بغداد الى حل سلمي للنزاع المسلح المستمر منذ اذار (مارس) عام 2011 وترفض تسليح المعارضة في حين تتبنى سلطات اقليم كردستان موقفا متشددا حيال النظام السوري.
واليوم الخميس اكدت الحكومة العراقية على أن تدريب اقليم كردستان لمقاتلين كرد سوريين لا يمثل التوجه الرسمي للدولة صوب احداث سوريا لافتة إلى أن موقف العراق المحايد من الاوضاع في سوريا امر اتحادي يجب ان يلتزم به الجميع. وقال المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ في تصريح وزعه المركز الخبري لشبكة الاعلام العراقي الرسمية إن quot;العراق لا يدعم أي جهة مرتبطة في احداث سوريا على حساب جهة اخرى، وهو موقف اتحادي محايد يجب ان يلتزم به الجميعquot;. وأضاف أن quot;أي تدخل في صراع المتنازعين في سوريا سيكلف العراق الكثير وهذا امر لا نريد الولوج فيهquot;. وبشأن تدريب اقليم كردستان لمعارضين سوريين كرد في الاقليم قال الدباغ إن quot;هذا موقف غير صحيح ويخالف موقف العراق الاتحادي وهو لا يتعدى توجهات ومواقف حزبيةquot;.
وتعد محافظة كركوك (255 كم شمال بغداد) التي يقطنها خليط سكاني من العرب والكرد والتركمان والمسيحيين والصابئة من أبرز المناطق المتنازع عليها التي عالجتها المادة 140 من الدستور العراقي وفي الوقت الذي يدفع العرب والتركمان باتجاه المطالبة بإدارة مشتركة للمحافظة يسعى الاكراد إلى إلحاقها بإقليم كردستان العراق .
التعليقات