المالكي مترئسًا اجتماع حكومته في كركوك

فيما أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عراقية مدينة كركوك الشمالية الغنية بالنفط رافضا طغيان هوية أخرى عليها في إشارة إلى مطالبة الأكراد بها ووسط تصعيد خطير وتراشق اتهامات معهم فانه أقدم اليوم على عقد اجتماع لحكومته في المدينة قاطعها الوزراء الأكراد حيث سعى إلى تأكيد سلطته مع تصاعد المواقف السياسية لسحب الثقة منه.


ترأس رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي فور وصوله الى كركوك (255 كم شمال بغداد) يرافقه عدد من وزرائه اجتماعا لحكومته قاطعه الوزراء الأكراد وتم خلاله بحث الأوضاع السياسية والخدمية والأمنية في المحافظة التي يقطنها حوالى مليون نسمة وتضم خليطا من السكان التركمان والأكراد والعرب وتشهد توترات عرقية مستمرة بين هذه القوميات على خلفية مطالبة الأكراد بضمها الى اقليم كردستان ومعارضة التركمان والعرب لذلك. وشارك في الاجتماع محافظ كركوك نجم الدين كريم ورئيس مجلس المحافظة حسن توران وعدد من اعضاء مجلس المحافظة.

وأكد المالكي في كلمة له خلال الاجتماع حل مشكلة كركوك لا يتحقق بالقوة والإملاءات وإنما بإرادة أهلها وجماهيرها مشددا على ضرورة أن تكون هويتها عراقية ولاتطغى هوية على أخرى في إشارة الى تأكيدات الأكراد بأنها كردية ويطالبون بضمها لإقليم كردستان. وأضاف أن لمدينة كركوك سمات خاصة كونها تمثل عراقا مصغرا ومثالاً للتآخي والتعايش السلمي بين جميع العراقيين وقال إن هذا التعايش سيستمر ويتعزز بين جميع مكوناتها.

وأشار إلى أنّ عقد اجتماع مجلس الوزراء في محافظة كركوك يأتي في إطار سعي الحكومة لمتابعة مشاكل المحافظات والتوصل الى حلول مناسبة لها ولتعزيز الخدمات وحل المشاكل بما يتلاءم مع القانون. ودعا الى استثمار ثروات المحافظة بما يحقق الرفاه والتطور والإستقرار لمواطنيها.

ووصل المالكي الى كركوك في ساعة مبكرة من صباح اليوم الثلاثاء وسط إجراءات أمنية مشددة لم تشهدها المحافظة من قبل حيث سبقته اليها قوة عسكرية تضم عشرات العجلات مدعومة بمروحيتين فيما كثفت القوات الأمنية انتشارها في شوارع المدينة وأقامت نقاط تفتيش تحسباً لاي هجمات مسلحة. وكركوك هي المحافظة الثانية التي تشهد انعقاد جلسة مجلس الوزراء بعد محافظة البصرة. وعلى الجانب الاخر فقد اعتبر نائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة بارزاني زيارة المالكي هذه بأنها خطوة استفزازية لإقليم كردستان ولشركائه في العملية السياسية.

وقال النائب شريف سليمان إن quot;زيارة رئيس الحكومة نوري المالكي اليوم الى كركوك هي زيارة استفزازية للاقليم لكونها تأتي في ظروف حساسة جدا تعيشها البلادquot; مشيرا إلى أن quot;المالكي ليست لديه النية الصادقة للإطلاع على احوال المواطنين في مدينة كركوكquot;.

وأضاف سليمان في تصريح نقلته وكالة quot;السومرية نيوزquot; أن المالكي يريد من هذه الزيارة ايصال رسالة استفزازية لإقليم كردستان وشركائه في العملية السياسيةquot; وتابع بالقول quot;ستؤدي هذه الزيارة الى رفع وتيرة التصعيد بين الكتل السياسيةquot;.

وتأتي خطوة المالكي هذه بعقد اجتماع حكومته على تخوم الحدود الادارية لاقليم كردستان بمثابة محاولة لتأكيد عراقية كركوك وعدم تابعيتها لكردستان وهو ما قد يزيد من تعقيد العلاقات المتوترة اصلاً بين الاقليم وبغداد حيث تصاعدت حدة الخلافات بين الكتل السياسية وتحولت من صراع بين ائتلافي العراقية ودولة القانون إلى اختلاف الأخير مع التحالف الكردستاني أيضاً حيث دأب رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني مؤخرا على مهاجمة المالكي واتهامه بالتنصل من الاتفاقات الموقعة بين الكتل السياسية في اربيل اواخر عام 2010 وهي الاتفاقات التي انبثقت منها الحكومة الحالية إضافة الى تأكيده رفض الأكراد دكتاتورية جديدة ينشئها رئيس الوزراء وحزبه من خلال قيادته quot;جيشا مليونياquot;.

وشهدت الساعات الاخيرة التي سبقت وصول المالكي الى كركوك تراشق اتهامات غير مسبوقة بين ائتلافي المالكي والأكراد اللذين تبادلا خلال مؤتمرين صحافيين في مبنى مجلس النواب في بغداد كيل الاتهامات السياسية، تناولت ممارسات quot;دكتاتوريةquot; وتبديد ثروات البلاد وصلت الى حد اتهام بارزاني بالتعاون مع الرئيس السابق صدام حسين.

وقال ياسين مجيد النائب عن ائتلاف المالكي إن بارزاني يحكم الاقليم منذ 20 عاما وهو رئيس الحزب الحاكم والقائد العام لقوات البيشمركة وابنه يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات وابن اخيه رئيس للحكومة وخمسة من اعضاء اسرته هم اعضاء في المكتب السياسي للحزب الديمقراطيquot;. وأضاف أن quot;الشعب يعرف من هو الدكتاتور ومن تعاون مع الدكتاتور ايام زمان (في إشارة منه إلى صدام حسين)quot;.

وقال إن quot;الدكتاتورية في اقليم كردستان تتنامى ولهذا نشعر بالخطر على الديمقراطية التي يعيشها الشعب الكرديquot;، معتبرا أن البارزاني quot;سيستمر في الهجوم على بغداد لحين إجراء انتخابات في اقليم كردستانquot; في ايلول سبتمبر المقبل.

وأشار الى أن بارزاني يحاول من خلال هذا الهجوم توجيه رسالة للشعب الكردي بوجود عدو وهمي في بغداد للتغطية على عمليات تهريب النفط لكي ينسى الجميع هذه الفضيحة. وأوضح أن quot;مليارات الدولارات تذهب الى جيوب الحيتان في الاقليم من خلال عمليات التهريبquot;.

وحول تصريحات بارزاني عن تقرير المصير للشعب الكردي أكد مجيد أن quot;جميع القيادات الكردية عتبت على البارزاني بشأن هذا الموضوع كما أن رئيس الجمهورية جلال الطالباني انتقد هذا الامرquot;.

وعلى الفور رد الأكراد على هذه الاتهامات واعتبر التحالف الكردستاني تهجم النائب ياسين مجيد على القيادات الكردية quot;دليلا على فقدانه التوازنquot;. وقال النائب عن التحالف فرهاد الاتروشي في مؤتمر صحافي إن الهجوم يمثل محاولة للتغطية على فشل ائتلاف دولة القانون في ادارة الدولة العراقية واضاعته 500مليار دولار من موازنات الاعوام الماضية.

وأضاف ان الحكومة الحالية لم تحقق شيئا للعراق بعكس ما تحقق للاقليم من تقدم ورفاه مشيرا الى أن بارزاني حصل على 70% من اصوات الشعب الكردي وهذا يدل على الديمقراطية بعكس حكومة بغداد التي تشكلت على اساس التوافقات.

وسبق لبارزاني أن أكد أنه ليس لدي أي خلاف شخصي مع رئيس الحكومة المركزية نوري المالكي وحذر من أن العراق يتجه إلى quot;نظام دكتاتوريquot; فيما أكد أن تقرير المصير بالنسبة للأكراد سيكون الخيار الوحيد في حال عدم تعاون بغداد مع الإقليم لحل المشاكل.