وجّهت قوى سياسية عراقية تحذيرات إلى حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي بضرورة التعجيل بالعمل على إجراء إصلاحات سياسية وتنفيذ اتفاقات أربيل، وبعكس ذلك سيتم اللجوء إلى سحب الثقة من حكومته بانتهاء مهلة القادة المجتمعين في أربيل التي تنتهي في الثامن عشر من الشهر الحالي.. فيما اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن العراق وإيران روحان في جسد واحد من دون الانصهار والتميع، لأن العراق دولة مستقلة.


علاوي والصدر وطالباني وبارزاني والنجيفي خلال اجتماعهم في أربيل

أسامة مهدي: أكدت كتلة الأحرار النيابية الممثلة للتيار الصدري (40 نائبًا و5 وزراء) ضرورة إجراء الحكومة لإصلاحات حتى لا تضطر إلى تنفيذ الفقرة الثامنة في رسالة الصدر إلى المالكي، والتي تقضي بسحب الثقة من الحكومة.

وقالت الكتلة إثر اجتماع لها برئاسة القيادي في التيار النائب بهاء الأعرجي إنها بحثت بصورة مستفيضة رسالة الصدر إلى التحالف الوطني إثر اجتماع عدد من القادة في أربيل عاصمة إقليم كردستان في 28 من الشهر الماضي، وضم رئيس الجمهورية جلال طالباني ورئيس مجلس النواب أسامة النجيفي ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس القائمة العراقية أياد علاوي.

وأكد التيار الصدري إثر الاجتماع quot;أن الإصلاحات هي من مبادئنا، ولا بد من وجودها، حتى لا نضطر إلى أن نستعمل الفقرة الثامنة الواردة في الرسالة، وهي سحب الثقة من الحكومة، إلا أنه يجب أن يكون التحالف الوطني أولى بالإصلاح، ونحن متمسكون به، ونسعى إلى تقويته، والخلافات موجودة، لكن هناك أكبر من هذه الخلافات، فهناك تجاوز على مؤسسات الدولة وعلى الصلاحيات، ما يعطينا شعورًا بأن هناك تفردًا في السلطة، والمالكي هو مرشح التحالف الذي يبقى هو الأجدر والأولى أن يتعامل بالإصلاحاتquot;. وقال quot;إن كتلة الأحرار أجمعت على أن تكون الإصلاحات هي الأهمquot;.

وأكد التيار الصدري التزامه برسالة الصدر، نافيًا تجميدها، وقال المتحدث باسم مقتدى الصدر صلاح العبيدي في تصريح صحافي اليوم إن التيار الصدري لم يجمد العمل برسالة زعيم التيار إلى الجعفري بشأن تنفيذ اتفاقات أربيل، مبينًا أن quot;الحديث عن تجميدها من قبل بعض الجهات هو أمر غير صحيحquot;.

من جهتها، قررت الكتلة العراقية بزعامة رئيس الوزراء السابق أياد علاوي عدم المشاركة في الاجتماع الوطني لحل الأزمة السياسية ما لم يتم تنفيذ اتفاقية أربيل الموقعة بين القادة في أواخر عام 2010 وعلى ضوئها تشكلت الحكومة الحالية.

جاء هذا القرار إثر اجتماع لقادة العراقية وممثليها في المحافظات، حيث تم اتخاذ قرار بعدم المشاركة في الاجتماع الوطني، الذي دعا إليه طالباني لحل الأزمة السياسية في البلاد ما لم تنفذ اتفاقية أربيل، وخاصة ما يتعلق منها بالتوازن في مؤسسات الدولة واختيار الوزراء الأمنيين والمشاركة الحقيقية في السلطة.

وأكدت العراقية دعم وتأييد موقف مقتدى الصدر بمنح المالكي مهلة 15 يومًا لبدء تنفيذ مقررات اجتماع أربيل أو طلب سحب الثقة منه. وكان المالكي تسلم في الثالث من الشهر الحالي رسالة الاجتماع الخماسي لقادة الكتل في أربيل أخيرًا، وبذلك يكون آخر موعد لتنفيذها هو الثامن عشر من الشهر الحالي، وتقضي بأنه في حال عدم تنفيذ المالكي لرسالة الاجتماع فستتم مطالبة التحالف الوطني بترشيح بديل منه لرئاسة الحكومة.

وتضمنت رسالة الصدر إلى زعيم التحالف الوطني إبراهيم الجعفري بند سحب الثقة من حكومة المالكي في حال عدم تنفيذ اتفاقات أربيل، حيث دعا المجتمعون هناك في بيان صدر من رئاسة إقليم كردستان إلى حل الأزمة السياسية وفقاً لاتفاقية أربيل ونقاط الصدر الثماني عشرة، مشددين على الالتزام بالأطر الدستورية التي تحدد آليات القرارات الحكومية وسياساتها.

إثر هذه الدعوات إلى سحب الثقة، فقد اعتبر ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي مهلة الـ15 يوماً التي حددها التيار الصدري quot;شرطًا تعجيزيًا سيعقد الأمورquot;. وقال القيادي في الائتلاف عباس البياتي إن تحديد مدة 15 يوماً يعدّ شرطاً تعجيزياً يزيد من تعقيد الأزمة الحالية التي تشهدها البلاد ولا يسهم في حلحلتهاquot;، مشيرًا إلى أن quot;النقاط الثماني التي نتجت من اجتماع بعض الكتل في أربيل تمثل وجهة نظر أشخاص، ولا تشكل بديلاً من الاجتماع الوطني. وأضاف أن quot;الاجتماع الوطني ليس له بديلquot;، مبيناً أن quot;النقاط التي وردت في رسالة التيار الصدري صيغت من قبل أطراف محددة نحترم آراءها، بيد أنه لدينا نقاط أخرى تمثل وجهة نظرناquot;.

يذكر أن اتفاق أربيل الذي تم التوصل إليه في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2010 برعاية مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان، والذي أدى إلى تشكيل الحكومة الحالية، قد نص على تشكيل مجلس السياسات الاستراتيجية العليا، على أن يرأسه علاوي، وأن تقوم القائمة العراقية بترشيح شخصية لشغل منصب وزارة الدفاع، وإجراء مراجعة حول العديد من المناصب، وخاصة الأمنية منها، وترشيح هيئة جديدة للمساءلة والعدالة، لكن العراقية تتهم دولة القانون بالتنصل من الاتفاق.

ويعيش العراق حاليًا أزمة سياسية كبيرة هي الأولى بعد الانسحاب الأميركي في أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي على خلفية إصدار مذكرة قبض ضد نائب رئيس الجمهورية القيادي في القائمة العراقية طارق الهاشمي، بعد اتهامه بدعم الإرهاب، وذلك في 19 من الشهر نفسه.. وتقديم رئيس الوزراء نوري المالكي طلباً إلى مجلس النواب بسحب الثقة من نائبه صالح المطلك القيادي في القائمة العراقية أيضاً بعد وصف الأخير للمالكي بأنه quot;دكتاتور لا يبنيquot;، الأمر الذي دفع العراقية إلى تعليق عضويتها في مجلسي الوزراء والنواب، وإلى أن تقدم طلباً إلى البرلمان بحجب الثقة عن المالكي قبل أن تقرر في 29 من كانون الثاني (يناير) الماضي العودة إلى جلسات مجلس النواب، ثم لتعود في السادس من شباط (فبراير) الماضي وتقرر إنهاء مقاطعة مجلس الوزراء، وعودة جميع وزرائها إلى حضور جلسات المجلس.

الصدر: العراق وإيران روحان في جسد واحد
هذا وقال الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر إن العراق وإيران روحان في جسد واحد، من دون أن يعني ذلك الانصهار والتميع، لأن العراق دولة مستقلة دائماً وأبداً.

جاء ذلك في رد لزعيم التيار الصدري على سؤال وجّهه إليه أحد أتباعه، قال فيه quot;بعدما تلاشت مشاريع الوحدة العربية، ولم يعد العرب يرفعون شعار الوحدة العربية والإسلامية، فقد فاجأنا النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الايرانية محمد رضا رحيمي بطرح مشروع للاتحاد بين الجارين الإسلاميين العراق وإيران، ووصف البلدين بأنهما روحان في جسد واحد... فما هو رأيكم في هذا المشروع؟quot;.
وقد أجاب الصدر قائلاً:
بسمه تعالى
نعم إنهما روحان في جسد واحد، حالهما حال كل الدول الإسلامية والعربية الشقيقة كما يعبرون الآن .. هذا لا يعني الانصهار والتميع، فدولة العراق مستقلة دائماً وأبداً، ولا يجوز التدخل في شؤونها وقراراتها.
مقتدى الصدر

وكان نائب الرئيس الإيراني رحيمي قال خلال اجتماعه برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في طهران في 23 من الشهر الماضي إن اتحاد العراق وإيران بشكل تام سيجعلهما يشكلان قوة كبيرة على الصعيد العالمي. وأضاف إن quot;الاتحاد بين طهران وبغداد اتحاد لا ينفصم، وهو ما يثير استياء الأعداءquot;، واصفًا إيران والعراق بأنهما quot;روحان في جسم واحدquot;.

وواجهت دعوة رحيمي هذه ردود فعل متباينة من قبل الكتل السياسية العراقية، حيث اعتبر ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي الدعوة بأنها تحمل معاني مجازية، وهدفها توحيد المواقف بين البلدين على المستوى السياسي والأمني، وبما يخدم مصالحهما، فيما رأى القيادي في التحالف الكردستاني محمود عثمان أن الاتحاد بين العراق وإيران غير ممكن ولا يمكن تنفيذه.

يأتي موقف الصدر هذا في وقت يزور بغداد حاليًا وفد من مجلس الشورى الإسلامي الإيراني quot;لجنة السياسة الخارجية والأمن القوميquot; برئاسة علاء الدين بروجردي، بدعوة من لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي.

وقال بروجردي في تصريح صحافي بعد اجتماع الوفد مع أعضاء في مجلس النواب العراقي إن quot;الوفد جاء إلى بغداد للتباحث مع رئيس وأعضاء لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية بشأن العلاقات بين البلدين والمسائل المهمة في المنطقةquot;.

وأضاف quot;كما تحدثنا عن سياسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في توطيد العلاقات وحسب الاتفاقات الموقعة بين الطرفين، وأن تكون العلاقات أفضل في المستقبلquot;. وقال بروجردي quot;إننا نفتخر أن العراق على رأس الجامعة العربية، وبالتطورات التي حصلت في العراق في كل المجالاتquot;.
وعن اجتماع 5 + 1 حول الملف النووي الإيراني في بغداد في 23 من الشهر الحالي أكد بروجردي أن quot;الاجتماع سيعقد في الموعد المحدد في بغداد، وسيكون للعراق دور مهم في هذا الأمرquot;.

كما بحث الوفد الإيراني مع وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري تعزيز العلاقات بين البلدين على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبرلمانية، كما ناقش استعدادات العراق لاستضافته اجتماع مجموعة 5+1 quot;حيث يحتل هذا الاجتماع أهمية خاصة على الصعيدين الدولي والإقليمي، وذلك لمناقشته الملف النووي الإيرانيquot;، كما قال بيان صحافي للخارجية العراقية اليوم.

وكان قائد فيلق القدس الإيراني العميد قاسم سليماني أعلن خلال ندوة تحت عنوان quot;الشباب والوعي الإسلاميquot; في 20 كانون الثاني (يناير) الماضي بحضور عدد من الشباب من البلدان العربية التي شهدت ثورات ضد أنظمة الحكم فيها أن العراق وجنوب لبنان يخضعان لإرادة طهران وأفكارها، مؤكداً أن بلاده يمكن أن تنظم أي حركة تهدف إلى تشكيل حكومات إسلامية في البلدين، ما أثار موجة غضب منددة من غالبية الكتل السياسية العراقية قبل أن تنفي إيران ما نسب إلى سليماني.