حفل تسلّم العراق القواعد العسكرية والقصور الرئاسية من القوات الأميركية |
استلمت القوات العراقية اليوم الخميس القصور الرئاسية التي استخدمت كقواعد عسكرية أميركية كما تسلمت القاعدة البحرية في مدينة أم قصر. واعتبر المالكي هذا الانسحاب سيؤسس لمرحلة جديدة بين البلدين. وقال بايدن إن العراق والولايات المتحدة نجحا في تحدي كل الصعوبات.
لندن:خطا العراق والولايات المتحدة اليوم الخميس خطوة هامة على صعيد جلاء كامل القوات الاميركية من البلاد، وذلك باستلام القوات العراقية القصور الرئاسية التي استخدمت كقواعد عسكرية أميركية طيلة السنوات الثماني الماضية وكذلك القاعدة البحرية في مدينة ام قصر جنوب البلاد، حيث اعتبر المالكي ذلك انتصاراً تاريخياً فيما قال بايدن إن تضحيات الجنود العراقيين والأميركيين أنهت الحرب في هذا البلد.
وتم تنظيم احتفالية كبيرة أطلق عليها quot;يوم الوفاءquot; لمناسبة تسليم القواعد العسكرية ومقر العمليات الأميركية إلى القوات العراقية. وجرت الإحتفالية في مطار بغداد الدولي في ضواحي العاصمة الغربية، بمشاركة قيادات عراقية واميركية، حيث تسلمت الحكومة العراقية القصور الرئاسية وفي مقدمتها قصر الفاو ومقر عمليات القوات الأميركية في المطار من القوات الاميركية تنفيذا لبنود الاتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين أواخر عام 2008 .
وشارك في الاحتفال الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ونائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن، الذي يقوم بزيارة إلى العراق منذ يوم الثلاثاء الماضي إضافة إلى عدد من الوزراء والنواب. ويعتبر قصر الفاو وبقية القصور من أهم مقرات القوات الأميركية، اما اليوم فقد تم تسليمه بشكل كامل للحكومة العراقية حيث أخلت القوات الأميركية جميع القصور بشكل نهائي منذ يومين .
المالكي: اليوم تحقق الانسحاب
وفي كلمة له قال المالكي إن إكمال عملية انسحاب القوات الأجنبية من جميع الأراضي العراقية وفق الجداول الزمنية المتفق عليها بين العراق والولايات المتحدة الأميركية quot;يعد انتصارا تاريخيا لخيار المفاوضات الذي كنا قد اعتمدناه في فترة صعبة وحساسة من تاريخ العراق الحديث في التعاطي مع قضية وجود القوات الأجنبيةquot;.
قادة أميركيون وعراقيون خلال تسليم القواعد الأميركية |
وأضاف أن انسحاب القوات الأميركية سوف يؤسس لمرحلة جديدة في العلاقة بين العراق والولايات المتحدة تكون فيها اتفاقية الإطار الاستراتيجي حجر الزاوية في العلاقات الثنائية بين البلدين والتي ستشمل الجوانب السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية، بما يدفع بالعلاقات الثنائية إلى مزيد من التعاون والتفاهم في المرحلة المقبلة quot;والتي نعتقد جازمين أنها ستكون متوازنة ومتكافئة بين بلدين ذات سيادة وعلى أساس المصالح المشتركةquot;. وقال quot;اليوم تحقق الانسحاب الكامل الذي كان مجرد الحديث عنه قبل سنوات ضرباً من ضروب المستحيل، لكن العراق وكما عهدناه في الشدائد نهض بهمة أبنائه بقوة وبسرعة فاقت التوقعات واثقاً من قدراته الذاتية وإمكانياته وبالإرادة الصلبة لأبنائه وبحب العراقيين لوطنهم، ولن يطول الزمن حتى يتحول العراق إلى بلد فاعل في مسيرة البناء والأعمار والتنمية، ونقطة جذب اقتصادية واستثمارية كبيرة وعامل استقرار وسلام في محيطه الإقليمي وفي الأسرة الدوليةquot; .
وأوضح quot;إننا في هذه المناسبة العزيزة نمدّ أيدينا إلى جميع الدول الشقيقة والصديقة، وبالأخص دول الجوار وندعوها إلى إقامة أفضل العلاقات على أساس حسن الجوار والاحترام المتبادل وعدم التدخل، وحل المشاكل العالقة بالحوار والطرق السلمية، وتعزيز أواصر التعاون في جميع المجالات التي تخدم المصالح المشتركة للجميعquot;.
ودعا المالكي جميع القوى السياسية وعلماء الدين وشيوخ العشائر والمثقفين والفنانين والإعلاميين ومنظمات المجتمع المدني إلى الوقوف بجانب القوات الأمنية في هذه المرحلة الحساسة التي يمرّ بها العراق، وأن يقدموا لها جميع أنواع الدعم والمساندة وأن يبتعدوا عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إضعاف المؤسسة العسكرية التي أثبتت ولاءها للوطن ولم تعد أداة بيد حزب او طائفة او شخص. وناشد المالكي أبناء الشعب العراقي كافة بضرورة الحفاظ على هذا الإنجاز الوطني بوحدة الصف ونبذ الخلافات من اجل سلامة الوطن ووحدة أراضيه وسلامته.
طالباني: العراق سيظل وفيا لعهوده مع الولايات المتحدة
ومن جانبه أكد الرئيس طالباني في كلمة له أن العراق سيظلُّ وفيا للعهودِ والمواثيق التي أبرمها مع الولايات المتحدة التي سيبقى صديقا لها.
وأضاف طالباني أنه في حياةِ الشعوب لحظاتٌ يتكثّف فيها التاريخ، تُطوى مراحل وتُفتحُ آفاق جديدة تُغيّر مجرى الحياة وتعدّل مسيرتَها، ولقد كان يوم التاسع من نيسان عامَ 2003 واحدةً من تلك اللحظاتِ الفاصلة في تاريخِ العراق الذي عانى طوال عقودٍ من طغيانِ نظامٍ ظالم هيمنَ على كلِّ مرافقِ الحياة و جعل من بلادِنا سجناً يُسام فيه الشعبُ صنوفَ العذابِ و الحرمان وعُطِّلت الحياةُ الحزبية و جرى احتكارُ الإعلام، وغدت القوانينُ مجردَ ورقةٍ تُكتَب بأمرِ الحاكم وتُعَدُّ وفقَ مشيئتِهِ. وبدلاً من استخدام مواردِ العراق،الطبيعية منها و البشرية، في تنمية الاقتصاد وتحسينِ أوضاعِ المواطنين، سُخِّرت تلك المواردُ لشراء الذمم والتدخّلِ في شؤونِ دولٍ أخرى فشنَّ حرباً أهلية و شنَّ عدواناً خارجياً و بفعل ذلك أصبحَ الحكمُ في العراق مكروهاً في الداخل ومعزولا على الصعيدين الإقليمي و الدولي الأمر الذي زادَ من معاناةِ شعبنا، وحفَّزَ القوى الوطنية على تصعيد نضالِها من اجلِ التخلصِ من الطغيان.
وقال إن انجازُ هذه المهمة كان أمراً فائقَ الصعوبة، ومحفوفا بتضحياتٍ جسام لكنَّ دعمَ الحلفاءِ وفي مقدمتِهم الولاياتُ المتحدة والاصدقاء، ساعدَ في انهاءِ التسلّطِ والإستبداد وفتحَ آفاقاً رحبة لبناءِ عراقٍ ديمقراطي إتحادي مستقل.
وقد ساهمت دولُ التحالف و بخاصةٍ الولايات المتحدة بقسطٍ كبير في تعزيزِ الأمن، ومواجهةِ الهجمةِ الارهابية الشرسة التي كانت القوى المحركة لها والمحرضة عيها تدفعُ البلادَ نحو هاويةِ حربٍ أهلية طاحنة. وبفضل الجهود المشتركة تمَّ ضمانُ الاستقرار في العراق ما بعد صدام وإعادة تشكيل وتسليح وتجهيز قواتِنا المسلحة. وقدّم منتسبو قوات التحالف، العاملين يداً بيد مع أفراد القوات العراقية، الكثيرَ من التضحياتِ و الشهداءِ الذين نبجِّلُ دوماً ذكراهم و نجدّدُ اليومَ تقديمَ التعازي لأسرِهم وذويهِم و مواطنيهم .
و بفضل تلك الجهودِ و التضحيات تهيأت المناخاتُ اللازمة لوضعِ الركائز والأسس لإعادةِ بناء الدولة وسنِّ الدستور الدائم وإقرارِه والشروعُ في إعمار ما هدمته سنواتُ الحروب الماضية. ولم تكن معركةُ الإعمار أيسرَ و أهونَ من معركةِ التحرر من النظام الجائر، وقد خضناها بإسنادٍ قوي و مساعدةٍ كبيرة من أصدقائِنا من مختلفِ بلدان العالم وفي مقدمتها الولاياتُ المتحدة الاميركية.
وأوضح أن إتمام الجزءِ الأكبر من هذه المهمات الصعبة قد هيّأ الأجواءَ الكفيلة بعقد اتفاقيةِ انسحاب القوات عام 2008 والتي كانت إقراراً فعلياً بأن الطرفين، العراقي والأميركي قد نجحا في تحقيقِ الأهدافِ المنشودة، والانتقال الى مرحلةٍ جديدة من التعاونِ وُضِعتْ ملامحُها و آفاقُها في اتفاقيةِ الإطار الاستراتيجي المعقودةِ بين الدولتين والتي صارت أساساً للعلاقاتِ المستقبلية بين بلدينا.
وقال quot;إننا اذ نعبّرُ عن الشكرِ الجزيل لاصدقائِنا الذين كان لهم دور فائق الأهميةِ في صَونِ الأمن و الاستقرار وتأهيلِ قواتِنا المسلّحة، فإننا نُعرب عن قناعتِنا الراسخة بانّ الجيشَ العراقي باسل وقوات الشرطة و سائر الأجهزةِ الأمنية ستواصلُ بذلَ مزيدٍ من الجهود من أجلِ الحفاظِ على أرواحِ المواطنين وممتلكاتِ الدولة والدفاعِ عن أرضِ العراق و سمائِه و مياهِه، معوّلين أيضاً على أن يواصلَ المدرّبون الأجانب مهماتِهم في الإرتقاءِ بجاهزيةِ القوات المسلحة في إتقانِ أفرادِها استخدامَ الأسلحةِ الحديثةquot;.
وقال طالباني إن المُراجعَ المُنصف للتاريخ سوف يسجّل أن إسقاطَ الدكتاتورية في بلادِنا لم يكن نقطةَ تحوّلٍ في العراق وحده بل كان إيذانا بحلولِ عصر انتفاضِ الشعوب في منطقتنا على مضطهديها، ومطالبتِها بالكرامةِ والعدلِ والمساواة والمشاركة في تقريرِ مصيرِها وصُنع مستقبلِها. وقال quot;إننا اذ نودّع اصدقاءَنا الأميركيين الذين ساهموا بقسطٍ وافرٍ في تحقيق تلك النقلةِ نعربُ لكلٍّ منهم عن الإمتنان ونحمّلُهم تحياتنا الى الشعب الأميركي العظيم والرئيس باراك اوباما والكونغرس معاهدينهم أن العراقَ الذي حقّقَ السيادةَ الوطنية الناجزة سيظلُّ وفيا للعهودِ والمواثيق وصديقاً للولايات المتحدةquot;.
بايدن: تضحيات الجنود أنهت الحرب
وفي كلمة له قال بايدن ان تضحيات القوات العراقية والأميركية قد وضعت نهاية للحرب في العراق. وأشار إلى ان العراق والولايات المتحدة نجحا في تحدي كل الصعوبات ورسما علاقات استراتيجية لمصلحة شعبي البلدين.
وكان الرئيس الأميركي باراك اوباما أعلن أواخر تشرين الاول/ اكتوبر الماضي انتهاء الحرب في العراق، وقال إن القوات الأميركية ستنسحب من العراق نهاية عام 2011 تطبيقاً للإتفاقية الأمنية الموقعة بين البلدين، حيث لايزال في العراق حوالى 14 الف جندي أميركي في سبع قواعد عسكرية سيتم تسليمها إلى القوات العراقية مع نهاية الشهر المقبل.
البحرية العراقية تتسلم من الأميركية قاعدة ام قصر
وفي وقت سابق اليوم الخميس تسلمت القوات البحرية العراقية قاعدة أم قصر في محافظة البصرة (550 كم جنوب بغداد). وشارك في مراسم تسلم القاعدة البحرية عدد من القادة العسكريين العراقيين والأميركيين حيث تم إنزال العلم الأميركي ورفع العلم العراقي مكانه في القاعدة.
وقال قائد القوات البحرية الأميركية في العراق الأدميرال كيلفن دكسن في كلمة له، إنه تم افتتاح معمل تصليح السفن البحرية بكلفة أربعة ملايين دولار و توفير آليات وأجهزة حديثة لتصليح السفن بإشراف أميركي. واشار إلى أن هناك ملاكات عراقية ستقوم بإدارة المصنع موضحاً انه بتسليم هذا المصنع ستنتهي مهام القوات البحرية الأميركية في قاعدة ام قصر فيما ستبقى القوات الأميركية في المياه الإقليمية العراقية حتى نهاية الإنسحاب الأميركي الكامل نهاية العام الحالي 2011.
من جانبه أكد نائب قائد القوات البحرية العراقية اللواء الركن موفق نجم استلام القوات البحرية العراقية المسؤولية كاملة من القوات الاميركة. وأضاف أن المصنع الذي افتتح اليوم يعتبر مهماً وضرورياً في تطوير القدرات البحرية العراقية. وأشار إلى ان مهام القوات البحرية العراقية ستتركز منذ الان على حماية المياه الإقليمية والموانئ النفطية العراقية في الخليج العربي.
وكانت القوات البحرية العراقية التي احتفلت في الرابع عشر من ايلول/ سبتمبر الماضي بمرور 74 عاماً على تأسيسها، تمتلك حاليا 60 سفينة وقارب سريع وأكثر من اربعة الاف فرد من قوات البحرية. وتنفذ البحرية العراقية أكثر من 50 دورية أسبوعيا لحماية المياه الإقليمية و البنى التحتية النفطية للعراق، واعتباراً من نهاية العام الحالي فإنها ستتولى كامل المسؤوليات في توفير الأمن في المياه الإقليمية وحماية الموانئ النفطية.
بايدن والمالكي خلال ترؤسهما اجتماع اللجنة العليا المشتركة لبلديهما |
ومن جهته شكل رئيس الوزراء نوري المالكي لجنة برئاسته للتفاوض مع الجانب الأميركي حول توفير الحماية للأجواء العراقية. وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب النائب عن القائمة العراقية فلاح حسن زيدان إن لجنة تفاوضية برئاسة المالكي أخذت على عاتقها مهمة التفاوض مع الجانب الأميركي لضمان حماية الأجواء العراقية وذلك بالتزامن مع قرب إنهاء الإنسحاب الأميركي من العراق. وأضاف النائب أن أعضاء مجلس النواب سيسألون رئيس الوزراء خلال استضافة البرلمان له منتصف الشهر الحالي عما تردد عن بقاء قاعدة جوية أميركية في العراق. وقد أعلنت الحكومة مؤخراً عزمها إبرام صفقة شراء طائرات أميركية لتعزيز قدرات القوات الجوية العراقية.
يذكر أن الاتفاقية الأمنية الموقعة بين بغداد وواشنطن في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2008 تنص على وجوب انسحاب كل قوات الولايات المتحدة من الأراضي والمياه والأجواء العراقية كافة في موعد لا يتعدى 31 كانون الأول/ ديسمبر عام 2011 الحالي، بعدما انسحبت المقاتلة منها بموجب هذه الإتفاقية من المدن والقرى والقصبات العراقية في 30 حزيران/ يونيو عام 200.
كما وقّع العراق والولايات المتحدة أيضاً خلال عام 2008 اتفاقية الإطار الإستراتيجية لدعم الوزارات والوكالات العراقية في الإنتقال من الشراكة الإستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة إلى مجالات اقتصادية ودبلوماسية وثقافية وأمنية.. إضافة إلى تنفيذ برنامج تطوير الشرطة والإنتهاء من أعمال التنسيق والإشراف والتقرير لصندوق العراق للإغاثة وإعادة الإعمار.
التعليقات