تتواصل الأزمة السياسية العراقية فصولاً، ومحورها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، الذي يتفق حلفاؤه وخصومه على عدم التجديد له لولاية ثالثة، بعد التأكد من عدم سحب الثقة منه خلال وأثناء اجتماعات أربيل في نهاية الشهر الماضي التي ضمت كل من الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس البرمان أسامة النجيفي وزعيم القائمة العراقية أياد علاوي وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إضافة إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، وغاب عنها كل من رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس المجلس الإسلامي العراقي عمّار الحكيم.


مقتدى الصدر

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: ماتسرب من تلك الاجتماعات هو إقناع الصدر الذي يتحالف سياسيًا مع المالكي من خلال الائتلاف الوطني العراقي بأربعين نائباً بعد التجديد للمالكي في ولاية ثالثة والخروج بمطالب كأساس للاجتماع الوطني المنتظر في بغداد لجميع الكتل السياسية وتتضمن دعم مقترحات الصدر، والتمسك باتفاقية أربيل، التي تاسست وفقها الحكومة العراقية الحالية عام 2010، وتضم وزراء من الكتل كافة، بما فيها خصوم المالكي، الذين يشكون تفرده باتخاذ القرارات وتهميشهم، وتضمن وجوب تقديم مصالح العراق على المصالح الحزبية والطائفية والعرقية، وهذا خط أحمر يجب أن لا نتجاوزه أبدًا، والتأكيد على وحدة العراق وسلامته واستقلالهquot;.

ويتمتع زعيم التيار الصدري بقاعدة شعبية كبيرة في العراق، خاصة بين سكان الجنوب وشرق العاصمة بغداد، في ما يعرف بمدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية، ويقطنها نحو مليونين. وتمكن تياره من حصاد أربعين مقعداً في انتخابات عام 2010، ويتوقع أن يزيد عدد نوابه في البرلمان في الانتخابات المقبلة عام 2014.

ودخل quot;جيش المهديquot; الجناح العسكري في تيار الصدر في معركتين مع القوات الأميركية والعراقية عامي 2004. وتلقى ضربة موجعة عام 2008 على يد المالكي، بما عرف بصولة الفرسان في الجنوب وبغداد. وقد جمّد الصدر جيش المهدي قبل انسحاب القوات الأميركية من العراق. واشترك تياره في كل الانتخابات العراقية المحلية والتشريعية.

وكان الصدر قال في ردهعلى سؤال من أحد اتباعه، الذي نشر اليوم، عما إذا كان ذهابه إلى أربيل للقاء البارزاني والاطراف المعارضة للحكومة هو إضعاف للتشييع، فإجاب الصدر quot;أوجه خطابي للأخ المالكي الذي جعل من حفظ التشييع هدفا له، إن حفظ التشييع لا يكون إلا بحفظ العراق.. وحفظ العراق لا يكون إلا بحفظ أطيافه؛ لا بحفظ أطراف حكومتهquot;.

واضاف الصدر في كلامه للمالكي quot;عموما الحكومات تزول والشعوب تبقى.. والأديان والطوائف تعلو وتتحدquot;.

ويعود حديث سحب الثقة عن المالكي من جديد بعد كشف النائب عن كتلة الأحرار في التحالف الشيعي جعفر الموسوي عن رسالة كان مقتدى الصدر أرسلها إلى رئيس التحالف إبراهيم الجعفري، تتضمن خيار سحب الثقة عن المالكي، في حال عدم تنفيذ اتفاقات أربيل. وهو ما رفضه ائتلاف دولة القانون، الذي يتزعمه المالكي، خلال آخر اجتماعات التحالف في الأسبوع الماضي، وجدد الثقة بالمالكي رئيسًا للوزراء.

فقد اعتبر القيادي في ائتلاف دولة القانون حسن السنيد في تصريح لوكالة السومرية نيوز أن محاولات سحب الثقة من رئيس الحكومة نوري المالكي هي quot;ورقة ضغط غير مجديةquot;، مؤكداً أن الحل الأمثل للمشكلة السياسية هو حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة. يأتي ذلك مع تصاعد أصوات مطالبة بالتخلي عن النظام البرلماني، والعودة إلى النظام الرئاسي، الذي يؤيده المالكي، حسب ما يردد عدد من الساسة العراقيين.

لكن رسالة الصدر بخيار سحب الثقة عن المالكي لم تلق ترحيباً كبيرًا من خصوم المالكي في القائمة العراقية بسبب ما وصف بتقلبات الصدر في مواقفه وتصريحاته التي تتغير بين يوم وليلة.

فقد انتقد القيادي في القائمة العراقية عبد ذياب العجيلي المواقف التي يطلقها التيار الصدري بشأن تحالفاته السياسية، مبينًا أنه يعلن عن سعيه إلى التحالف مع عدد من الكتل، ثم يتراجع، لكنه يرى أن النقطة الوحيدة الثابتة حتى الآن لدى الصدر هي عدم التجديد للمالكي لولاية ثالثة.

وتطالب معظم الكتل السياسية العراقية، بما فيها المنضوية في التحالف الوطني العراقي، الذي يضم ائتلاف دولة القانون الذي يزعمه المالكي بعدم التجديد له لولاية ثالثة، فيما يصرّ quot;دولة القانونquot; على أن الدستور لم يحدد عدد الولايات لرئيس الوزراء. ويطالب خصوم المالكي بسنّ قانون يحدد عدد ولايات رئيس الوزراء بولايتين فقط.

يأتي هذا وسط جهود حثيثة يقوم بها الرئيس العراقي جلال طالباني بجمع كل من رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني ورئيس القائمة العراقية إياد علاوي قريباً لحلّ الأزمة السياسية في البلاد قبيل عقد الاجتماع الوطني.

وقد اندلعت الخلافات بين أربيل وبغداد على خلفية العقود النفطية، التي تريد بغداد أن تكون مركزية، من خلال وزارة النفط، وهو ما ترفضه أربيل، التي عقد اتفاقيات مع شركات نفط عالمية من دون الرجوع إلى الحكومة المركزية، وبسبب ما باتت تعرف بالمناطق المتنازع عليها بين حدود إقليم كردستان العراق وبقية محافظات العراق، خاصة كركوك الغنية بالنفط، والخلافات أيضًا على الميزانية العامة ورواتب حرس الإقليم (البيشمرغة).

وكان بارزاني كرر هجومه في أكثر من مناسبة ضد الحكومة المركزية في بغداد، واتهمها بالتنصّل من الوعود والالتزامات، مشددًا على أن الكرد لن يقبلوا بأي حال من الأحوال أن تكون المناصب والصلاحيات بيد شخص واحد، يقود جيشًا مليونيًا، متهمًا إياه بـquot;الدكتاتوريةquot; وتهميش بقية المكونات، ومهددًا بطرح استقلال كردستان على الاستفتاء العام في أيلول/سبتمبر المقبل، في حال لم تحلّ الأزمة السياسية.

وينضم بارزاني إلى علاوي كخصم للمالكي، الذي يتهمه زعيم القائمة العراقية بتهميش وتجاوز الكتل المشاركة في حكومة الشراكة الوطنية، التي جاءت به اتفاقية أربيل، ولما تزل بلا وزارات أمنية، حيث تدار بإشراف من المالكي، على الرغم من مرور نحو سنتين على تشكيل الحكومة.