هيفي (الصين): تبدأ الخميس محاكمة زوجة القائد الصيني السابق بو تشيلاي التي كانت في قلب فضيحة فساد هزت الحزب الشيوعي قبل تداول مرتقب للسلطة مع جيل جديد من القادة.

وانهارت الطموحات السياسية لبو تشيلاي الذي يتمتع بحضور قوي في وقت سابق هذه السنة عندما هرب مساعده وانغ ليجون بعد اقالته الى قنصلية اميركية في جنوب غرب الصين واتهم زوجة مسؤوله بالتورط في قتل رجل اعمال بريطاني.
وادى الاتهام الى اثارة فضيحة سياسية اظهرت وجود خلافات عميقة داخل قيادة الحزب الشيوعي الصيني مع استعداد كبار قادة البلاد لتسليم السلطة الى جيل جديد من القادة في وقت لاحق من السنة.
ويرى محللون ان محكمة مدينة هيفي، شرق الصين ستعتبر غو كيلاي، زوجة بو، وهي محامية مشهورة، مذنبة بجريمة قتل رجل الاعمال البريطاني نيل هيوود.
ولكنهم يرون ان الحكم ومصير بو تشيلاي نفسه، يتوقفان على المساومات الجارية حاليا على اعلى المستويات في الحزب الشيوعي بشأن من سيتولى قيادة الصين خلال السنوات العشر المقبلة.
وقال جوزف تشنغ، المحلل السياسي المختص في الشؤون الصينية في جامعة سيتي يونيفرسيتي في هونغ كونغ quot;يبدو انه تم التوصل الى نوع من الاتفاق في قضية بو تشيلاي وهذا بالطبع من خلال المساومات والضغوط المتصلة بالقرارات الاخيرة حول تداول المناصب القياديةquot;.
ومع انتظار غو كيلاي للمحاكمة هذا الاسبوع، بدأ كبار قادة الحزب بالتجمع في منتجع بيداهي الساحلي لمناقشة من سيتم ترفيعه الى اعلى مناصب السلطة في وقت لاحق من السنة.
وقال تشنغ ان اي تساهل في قضية بو quot;ستقابله مكاسب لمصلحة القيادات الاكثر تفضيلاquot;.
وعادة يلف الغموض عملية اتخاذ القرار في هذا الشأن، كما انه من غير الواضح ما يمكن ان يكون عليه شكل اي تعويض. لكن هناك ما يوحي بان التساهل مع بو يمكن ان يحسن موقف منافسيه في المفاوضات.
ووصف مراقبون الفضيحة التي لحقت ببو تشيلاي على انه انتصار للرئيس المنتهية ولايته هو جينتاو ورئيس الوزراء وين جياباو اللذين يؤيدان الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية في الصين.
وكانت حملة بو تشيلاي quot;إحياء الحمرquot; التي اراد من خلالها احياء التقاليد الماوية اثناء توليه قيادة الحزب في مدينة تشونغكينغ الجنوبية الكبيرة لقيت استحسان اليسار التقليدي في الحزب واثارت غضب القادة النافذين.
واعتبر المسار المهني لبو منتهيا فعليا منذ نيسان/ابريل عندما جمد الحزب مهامه واحاله الى التحقيق بتهمة عدم الانضباط وهو ما يعني اتهامه بالتورط في الفساد.
ولم يشاهد بو ولا زوجته ولا مساعده منذ احالتهم الى التحقيق. ولا يعرف شيء عن مكان احتجازهم.
وحتى قبل بروز قضية رجل الاعمال البريطاني هيوود، كان بو قد واجه جفاء العديد من كبار قادة الحزب من خلال الاعلان صراحة عن طموحه للانضمام الى لجنة المكتب السياسي للحزب وهي اعلى هيئة لاتخاذ القرار. ومن المفترض تغيير سبعة من اصل تسعة من اعضائها هذه السنة.
كما تعرض لانتقادات شديدة لانه اختار ان يتجاهل الاجراءات القضائية خلال حملته الكبيرة لاجتثاث المافيا والتي قتل خلالها عدد كبير من الاشخاص في تشونغكينغ خلال توليه منصب سكرتير الحزب الشيوعي.
ويرى المحللون ان الفضيحة المتصلة برجل الاعمال البريطاني الذي عثر عليه مسموما بالزرنيخ في تشرين الثاني/نوفمبر في غرفة فندقه، وفرت لخصومه الحجة التي كانوا يبحثون عنها لازاحته.
وقالت وسائل الاعلام الصينية ان زوجته غو كيلاي قالت انها خشيت ان يشكل هيوود تهديدا لسلامة ابنها - وهي اشارة يرى الخبراء انها تعني انها لن تعاقب بالاعدام.
ويتوقع ان تستمر محاكمة غو كيلاي يوما او يومين فقط.
واستخدمت وسائل الاعلام الحكومية القضية لتقول انها دليل على ان كبار المسؤولين وابناء النخبة مثل بو وغو وهي ابنة جنرال شهير، ليسوا فوق القانون.
ونشرت صحيفة quot;غلوبال تايمزquot; اليومية مقالة كتبت فيها ان المحاكمة quot;رسالة الى المجتمع بان لا احد، بغض النظر عن مركزه وسلطته، يمكن ان يفلت من العقاب اذا ما قام باعمال مخالفة للقانونquot;.
ويثير الفساد السياسي الكثير من الغضب في الصين حيث يعاني كثيرون من الفقر.
ولكن ستيف تسانغ، مدير معهد السياسة الصينية في جامعة نوتنغهام البريطانية يقول انه عندما يتعلق الامر بتحديد مصير بو وغو فان الامر يتوقف على التوافق بين القادة اكثر من ايلاء الاعتبار للرأي العام.
ويضيف ان quot;المسالة الرئيسية هي في تحديد مصير بو تشيلاي. هذا يتطلب الكثير من المساومات بين كتلتي السلطة الرئيسيتين في اعلى الهرم. وهذا هو لب القضيةquot;.