ممرضة أميركية تساعد طفلاً عراقيًا على الرسم في مستشفى الفلوجة

الفلوجة: لجأت مستشفى مدينة الفلوجة العراقية التي كانت مسرحًا لعملية عسكرية أميركية مدمرة عام 2004، إلى اطباء أميركيين لمعالجة اطفال يعانون من مشاكل في القلب يرى سكان أن الهجوم الاميركي تسبب بها.

ولم يكن القرار سهلاً أبدًا على المدينة الواقعة غرب بغداد والتي لا تزال شوارعها وابنيتها تحمل آثار المعارك، فيما يحمل سكانها مرارة تجاه الولايات المتحدة. ورغم ذلك، استعان مستشفى الفلوجة العام لدى افتتاحه قسمًا جديدًا لقسطرة القلب في تموز (يوليو) باطباء اميركيين للمساعدة على اطلاق مسار العمل واختبار المعدات.

ويقول الطبيب المختص بأمراض القلب لدى الاطفال فراس الكبيسي: quot;انا رجل مثقف، لذا اعلم أن الشعب الاميركي هو غير سياسييهquot;. ويضيف quot;الا أن السكان هنا يحملون جروحاً في قلوبهم لم تندمل بعد. هم لا يدرون ماذا يجري، وعندما يسمعون أن اطباء اميركيين موجودون في المدينة يشعرون بالصدمة جراء مساعدتهم لناquot;.

وامضى الفريق الاميركي المؤلف من ستة افراد هم طبيبان واربع ممرضات، عدة ايام في المستشفى الشهر الماضي من دون أن يغادروها، في وقت شددت الشرطة حراستها للمستشفى، وفقا لمديرها عبد الستار كاظم لوس.
ويقول رئيس الفريق الاميركي كيرك ميلهون، وهو طبيب في سلاح الجو خدم في العراق مرتين في عامي 2005 و2007، انه كان صريحًا مع زملائه العراقيين. ويوضح انه قال لهم: quot;كم من اصدقائكم واقربائكم تأثروا بوجود القوات الاميركية وقوات التحالف الدولي، وكم من ليلة لم تناموها بسببنا؟quot;.

وخاضت القوات الاميركية مع المتمردين السنة عام 2004 حربين في الفلوجة تسببتا بسقوط آلاف القتلى. ورغم مرور اكثر من سبع سنوات على الحربين، ما زالت المدينة التي يسكنها حوالي نصف مليون نسمة وتبعد حوالي 60 كلم عن غرب بغداد، تحمل آثار الهجوم المزدوج في نيسان/ابريل وتشرين الثاني/نوفمبر 2004.

وكان الهجوم الاميركي الاول الذي هدف الى اخضاع التمرد السني في المدينة، شهد فشلاً ذريعًا حوّل الفلوجة سريعًا الى ملجأ لتنظيم القاعدة وحلفائه الذين تمكنوا من السيطرة وفرض امر واقع فيها. وقتل في المعركة الثانية حوالي الفي مدني اضافة الى 140 جنديًا اميركيًا. وقد وصفت في ما بعد بأنها المعركة الاقسى التي خاضتها القوات الاميركية منذ حرب فيتنام.

وعرفت الفلوجة بالتظاهرات المناهضة للوجود الاميركي في العراق منذ عام 2003 حيث كانت ترمي الاحذية على الجنود الاميركيين، في وقت كانت باقي انحاء البلاد لا تزال مأخوذة بالاجتياح. وفي 2004 قتل اربعة اميركيين يعملون لدى شركة quot;بلاكووترquot; للخدمات الامنية في الفلوجة. وتسبب نشر صورهمالتي علقتعلى أحد الجسور، باطلاق الحملة العسكرية الاولى.

ويقول الكبيسي (36 عامًا) إنه خلال هذه المعارك غادر المدينة الى بغداد مع عائلته، وحين يسأل عن منزله يجيب quot;لقد تدمرquot;، اما عن ارضه quot;فهجرتهاquot;، معتبرًا أن quot;المعارك لم تكن ضروريةquot;. واظهرت دراسة نشرتها المجلة الدولية للبحث البيئي والصحة العامة في كانون الاول 2010 أن quot;التشوهات في الولادات واحتمالات الاصابة بأمراض القلب منذ الصغر بلغت معدلات غير مسبوقةquot; في الفلوجة حيث أنه في شهر ايار/مايو وحده من ذلك العام بلغ معدل التشوهات لدى الولادة 15 في المئة في مستشفى الفلوجة العام.

ويتهم اطباء ومسؤولون في الفلوجة القوات الاميركية باستخدام اليورانيوم خلال معارك العام 2004، ويرون أن هذا الامر تسبب في حدوث تشوهات لدى الولادات. ويوضح لوس أن quot;الفلوجة شهدت حروبًا كثيرة، وهوجمت مرتين من قبل الاميركيين، وتعرضت لانواع عدة من الاسلحة. نعتقد أن هناك رابطًا بين هذه الهجمات والامراض هناquot;.

من جهته، يقول جيريمي كورتني الذي يدير مؤسسة خيرية اميركية في السليمانية في اقليم كردستان العراق وساعد في تنظيم زيارة الاطباء quot;لا أحد اراد رؤية اميركي في الشارع، وحتى وإن كان آتيًا للمساعدةquot;.
وقد زار الفريق الاميركي الفلوجة بشكل سري وتحت حماية مشددة، واثار سخط سكان علموا في ما بعد بهذه الزيارة.

ويقول المهندس المدني عمر ابو عودة (28 عامًا) quot;الاميركيون لم يجلبوا المساعدة الانسانية أو الديموقراطية، هم لم يفعلوا شيئًا لنا. حتى وإن اتوا بكل اميركا الى الفلوجة لمساعدتنا، فإن ما فعلوه هنا اكثر قسوة من أي شيء رأيناه في حياتناquot;.

وقتل والد ابو عودة وشقيقه خلال معارك الفلوجة، فيما انجبت زوجته مؤخرًا طفلاً يعاني من مشاكل في القلب. ويؤكد ابو عودة quot;افضل أن أرى ابني يموت على أن أذهب الى الاميركيينquot;.