أدت مواجهة حادة بين امرأة منقبة ورجل شرطة في الشارع إلى تنبيه الفرنسيين إلى الاستياء المتصاعد تجاه قرار الحظر بين المسلمين الأكثر تشدداً، وهو ما يزيد من مأزومية هذا البلد الذي يضم في جنباته أكبر جالية مسلمة في أوروبا.
الخارجية الأميركية أدانت في تقريرها قانون حظر ارتداء النقاب |
اشتعل النقاش المحتدم في فرنسا من جديد بشأن مسألة ارتداء النقاب في الأماكن العامة، وذلك بعد أن نشبت مواجهة بين فردي شرطة وامرأة ترتدي النقاب في أحد شوارع مدينة مرسيليا الفرنسية، قبل عدة أيام، نتيجة إيقاف رجال الشرطة السيدة اعتراضاً من جانبهما على ارتدائها النقاب، المحظور في البلاد منذ نيسان/ أبريل عام 2011.
وهي المواجهة التي تصاعدت حدتها، بعد أن انضم للمشادة عشرات المارة وقدمت تعزيزات إضافية من الشرطة، حيث تعالت الأصوات، نتيجة تشبث كل طرف بموقفه.
وفي هذا السياق، اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية أن ذلك الصدام المفاجئ، الذي وقع يوم الـ 24 من الشهر الماضي، كان الدليل الأكثر واقعية على حقيقة مشاعر الرفض التي يكنها المسلمون لقرار حظر النقاب منذ تفعيله قبل 16 شهراً.
ورغم هدوء تلك المشاجرة بالسرعة نفسها التي اشتعلت بها، إلا أنها نبهت الفرنسيين إلى الاستياء المتصاعد تجاه قرار الحظر بين المسلمين الأكثر تشدداً ومحافظةً هناك.
وبينما تشتكي المنظمات الإسلامية التي تحظى بقواعد شعبية كبيرة في فرنسا مما تطلق عليه quot;الوصمquot;، فإنها قد تعاملت مع ذلك القانون على اعتبار أنه قانون الأرض ودعت الأنصار إلى الانتباه إليه. ورغم التزام معظم الناس بذلك، إلا أن الشرطة نوهت بأن مسجد السنة الكبير بدأ يكتسب سمعة باعتباره مقراً لوعاظ المدينة الأكثر تشدداً، التي لا تحظى الجماعات الوطنية المعتدلة بأي تأثير يذكر عليهم، والذين يحرص أتباعهم كل الحرص على مداومة التأكيد على هوياتهم الإسلامية.
ومضت الصحيفة تنقل عن ناصرة بنمارنية، التي تترأس اتحاد الأسرة المسلمة المحلية، قولها: quot;لقد أحبط هذا الحظر المتشددين الشبان. في الوقت الذي يريد معظم الناس أن يُترَكوا وشأنهمquot;. وهو المعنى الذي وافق عليه رجل في منتصف العمر يعمل في محل متخصص في تقديم وجبات الشاورمة، حيث قال للصحيفة، أثناء مزاولته مهام عمله، إن معظم المسلمين الفرنسيين لا يرون أن هناك حاجة للنقاب، لكنه ضروري بالنسبة إلى البعض لأنه يحجب ظهور جمال المرأة خارج نطاق أسرتها.
وأعقبت الصحيفة بلفتها إلى أن فرنسا، التي يوجد فيها أكبر جالية مسلمة في أوروبا، هي الدولة الوحيدة التي تفرض حظراً وطنياً على مسألة ارتداء النقاب. وهو الحظر الذي تم تدعيمه من جانب كافة الأطياف السياسية في باريس. بيد أن وزارة الخارجية الأميركية أدانت في تقريرها السنوي بشأن الحريات الدينية ذلك القانون، للمرة الثانية، باعتباره تعدياً على حرية الأفراد في اختيار ما يمكنهم أن يرتدوه.
وقد وافق مؤخراً مجلس النواب في بلجيكا على تمرير قانون مماثل مناهض لارتداء النقاب، وإذ تأمل الحكومة هناك أن يتم تأييد القانون عما قريب في مجلس الشيوخ.
كما قالت الحكومة الهولندية إنها ستسعى أيضاً لفرض حظر على ارتداء النقاب العام المقبل. بينما أقرت بعض المدن البلجيكية، ومن بينها العاصمة بروكسل، قرار الحظر على مستوى البلديات. ورأت الصحيفة من جهتها أن قرارات الحظر هذه تعكس حالة عدم الارتياح الموجودة في غرب أوروبا تجاه تنامي الأقليات الإسلامية، التي يكون بمقدورها في بعض الأحيان الاحتفاظ بملابسها وتقاليدها فيما قد ينظر إليه باعتباره تحدياً لعادات وجذور المواطنين المسيحيين في القارة الأوروبية.
وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن أجواء الغضب بدأت تحتدم أثناء الأزمة الاقتصادية المشتعلة في أوروبا، في وقت بدأ يتهم فيه كثيرون المهاجرين المسلمين باستحواذهم على الوظائف التي كان من المفترض أن تكون من نصيب العمال الفرنسيين.
وقال رشيد نيكاز، وهو رجل أعمال فرنسي من أصل جزائري ويعمل أيضاً كمتحدث باسم جماعة quot;لا تلمسوا دستوريquot;، إنهم تلقوا شكاوى من 488 سيدة منقبة تم اقتيادهن لأقسام الشرطة للتحقيق معهن على مدار مدد تتراوح ما بين ساعة إلى ثلاثة.
وأضاف نيكاز أن بعضهم كان يتم تغريمه، والبعض الآخر لا يتم تغريمه، لكن كان يتم إجبارهن جميعاً على الخضوع لاستجوابات بشأن قرارهن المتعلق بارتداء النقاب خرقاً للقانون. وأكمل:quot; وهو ما يوضح أن القانون لم يتم فرضه في واقع الأمر لحماية السيدات من أزواجهن، بل لمنعهن من ممارسة حقهن الدستوري في التعبير عن أنفسهنquot;.
التعليقات