الرباط: يبدو أن الجسم التعليمي بالمغرب يشكو من العديد من العلل التي دفعت الملك محمد السادس إلى دق ناقوس الخطر بشكل رسمي، عبر دعوة رئيس الحكومة، في الخطاب الذي وجهه إلى الشعب، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، إلى التركيز على ضرورة النهوض بالمدرسة العمومية، إلى جانب تأهيل التعليم الخاص، في إطار من التفاعل والتكامل.

ومنذ الاستقلال إلى اليوم جرى اعتماد ما يقارب عشرة برامج إصلاحية، آخرها البرنامج الاستعجالي، الذي أعلن عنه في سنة 2008، والذي لم يتمكن بدوره من بلوغ الأهداف المسطرة إليه.

وفي هذا الإطار، أكد عبد العزيز إيوي، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أن quot;دق ناقوس الخطر جرى منذ زمن، غير أنه أعيد دقه للمرة الثالثة، بشكل رسمي، بعد عدم نجاح الإصلاحات المتتالية، التي اعتمدت منذ سنة 2000quot;.

وقال عبد العزيز إيوي، في تصريح لـquot;إيلافquot;، quot;سبق لنا، في سنة 2010، دق ناقوس الخطر، بالإشارة إلى أن البرنامج الاستعجالي تعترضه عراقيل ومشاكل ستجعله يفشل، لكن مع الأسف لم تجد كلماتنا آذانا صاغيةquot;.

واعتبر القيادي النقابي أن quot;العرقلة الأساسية التي تواجه الإصلاح، منذ سنة 2000، هي الخصاص المهول في الموارد البشريةquot;، مبرزا أن quot;الحكومة والدولة يريدان اعتماد إصلاح بأبخس الأثمان، وبدون رجال التعليم، وهذا هو صلب المشكلquot;.

وأرجع إيوي ذلك إلى كون أن quot;مانحي المساعدات للحكومة المغربية لإصلاح التعليم يرفضون أي زيادة في أعداد رجال التعليم، وهذا عمق المشكل، إذ لا يمكن توسيع التعليم وتعميمه مائة في المائة، مع تزايد الخصاص بشكل مستمرquot;.

واعتبر الكاتب العام للنقابة أن quot;الإصلاحات التي أنجزت لحد الآن غير كافية في مقابل انتظارات القطاعquot;.

من جهته، أشار محمد أبو النصر، أستاذ جامعي وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للتعليم العالي، إلى أن quot;التعليم مرتبط بجميع القطاعات الاستراتيجية في المغربquot;، مبرزا أن quot;إشكالية التعليم، باعتبارها لديها علاقة بجميع المرافق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، مرتبطة بالمشروع المجتمعي للبلادquot;.

وأوضح محمد أبو النصر، في تصريح لـquot;إيلافquot;، أنه quot;في ظل غياب مشروع ديمقراطي تقدمي حداثي، فإن التعليم سيكون خاضعا للطبقية، وبالتالي فإن من يتوفر على إمكانيات سيدرس أبناءه في المدارس المرتفعة الأسعار، ومن ليست لديه الإمكانيات سيدرسهم في المؤسسات العموميةquot;.

وأكد الاستاذ الجامعي أن quot;المبادرات التي أطلقتها الدولة قصد إصلاح التعليم كانت فاشلة، وهذا الأمر يقر به الجميعquot;، مضيفا أن أي مبادرة سيجري اعتمادها، في ظل غياب تصور مجتمعي حداثي وديمقراطي وتقدمي، سيكون مصيرها أيضا الفشل، وستكون بمثابة إعادة إنتاج للأزمة ولن تكون متقدمةquot;.

وقال محمد أبو النصر إن quot;هذا الموضوع يجب أن يكون شأن المجتمع، ويجب على جميع المكونات المساهمة في بلورة تصور يخرج التعليم من الأزمة التي يوجد عليها.

وطالب الأستاذ الجامعي بضرورة محاكمة ومحاسبة كل من كان وراء وصول الأمور إلى هذه الوضعية.

يشار إلى أن المضامين والأهداف الكبرى والمتنوعة للبرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم تتمثل في (تعميم التمدرس، ومعالجة الانقطاع عن الدراسة، والتجديد التربوي، وتوفير بنية تحتية، وبيداغوجيا الإدماج، والتخطيط، والمناهج، والتقييم، والتقويم، والمفاهيم...).

وكان البنك الدولي منح الحكومة المغربية قرضا لأغراض سياسة التنمية بقيمة 60 مليون دولار، وذلك لمساندتها في تنفيذ quot;المخطط الاستعجالي لإصلاح التعليم 2009-2012quot; الذي يستهدف تحسين فعالية وكفاءة الخدمات والنواتج التعليمية.