يكثف الأكراد الأتراك هجماتهم على القوات الحكومية التركية، مستلهمين مكاسب حققها أكراد سوريا، ليست سوى تنازلات آنية قدمها النظام السوري ليكسب الأكراد إلى جانبه في صراعه مع الثوار.


إسطنبول: خلال الصيف الجاري، خاض الجيش التركي والمسلحون الأكراد واحدة من أطول المعارك في صراعهم الممتد على مدار عقود، استمرت ثلاثة أسابيع، وفقًا لما نقلته اليوم الأحد صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية عن خبراء.

وقد جرت عادة المسلحين الأكراد أن يستهدفوا القوات التركية بهجمات نوعية وخاطفة خلال فصلي الصيف والخريف، إلا أنّ المعركة هذه تميّزت بعنفها وطول مدّتها على نحو استثنائي. فقد أوضحت الصحيفة أن الصادمات اتخذت منحنىً جديداً بسبب الصراع الدائر في سوريا المجاورة، والتي يقطنها عدد كبير من الأكراد.

مكاسب في سوريا

يحارب حزب العمال الكردستاني الدولة التركية منذ العام 1984، وتعتبره الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وقد لقي ما لا يقل عن 40 ألف شخص حتفهم في هذا الصراع الذي يعتبره الأكراد وجوديًا، يتوسّلونه سبيلًا لنيل حكم ذاتي كردي في جنوب شرق تركيا، وللحفاظ على حقوقهم الثقافية، والإفراج عن زعيمهم عبد الله أوجلان المعتقل في تركيا منذ العام 1999.

مقاتلون سوريون أكراد بالقرب من حلب

خلال الأسابيع القليلة الماضية، اتهمت الحكومة التركية حزب العمال الكردستاني بتجديد علاقاته السابقة بالحكومة السورية، ليكونوا طرفًا في ما يعتبره كثيرون صراعًا إقليميًا مرشّحًا للتوسّع.

وعلى الرغم من ضآلة المعلومات المتوافرة في هذا الشأن، إلا أن واشنطن بوست تفيد بأن الجيش التركي أنهى في منتصف الشهر الماضي عملية واسعة ضد مسلحين أكراد، استولوا على مواقع في منطقة هكاري الواقعة شرق تركيا، على الحدود المشتركة بينها وبين كل من العراق وإيران.

بحسب سياسي كردي محلي، حاول الأكراد السيطرة على هكاري وإقامة نقاط تفتيش على طرقها العامة، إلى جانب استمرارهم في تنفيذ هجماتهم التقليدية الخاطفة ضد القوات التركية الموجودة في المنطقة، مستلهمين ما حققه الأكراد السوريون من مكاسب كبيرة خلال الأشهر القليلة الماضية، ما دفعهم ليصعّدوا قتالهم ضد السلطات التركية.

فقبل ابتداء القتال في هكاري بمدة قصيرة، أخلت القوات الموالية للنظام السوري العديد من المدن والقرى الكردية الواقعة على طول الحدود مع تركيا، وسلّمتها للمسلحين التابعين لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي. أتاح ذلك لأكراد سوريا فرصة التحكّم بالحدود مع تركيا، ما أثار قلق الحكومة التركية.

وبحسب المراقبين، أتى هذا الاخلاء السوري بعد عروض وتنازلات عديدة قدّمتها الحكومة السورية للأكراد منذ اندلاع الثورة السورية، كي تكسبهم إلى جانبها وتقطع عليهم طريق الانضمام إلى صفوف الثوار.

ضارباً عصفورين بحجر!

في هذا السياق، قال مسؤول تركي رفض الكشف عن هويته: quot;تركت قوات النظام السوري بعض المواقع في المناطق ذات الغالبية الكردية، وهو ما يشير إلى وجود تعاون بين الجانبينquot;. وفي الحديث عن تأثر أكراد تركيا بهذا الأمر الذي قد يلهمهم لتأجيج الصراع مع السلطات التركية، يرى محللون سياسيون اختلافًا كبيرًا بين الأوضاع في الدولتين.

جوردي تيجيل، الخبير في الشؤون الكردية في المعهد العالي للدراسات الدولية والتنموية في جنيف، يردّ النجاحات التي تمكن أكراد سوريا من تحقيقها إلى سبب لوجستي ليس إلا. يقول: quot;مكاسب أكراد سوريا سببها حاجة النظام إلى نقل قواته المرابطة في مناطق كردية إلى مدينة حلب، لتعزيز وحدات الجيش النظامي هناك، بسبب ضغط الثوار، ولهذا أخلى المناطق الكردية وسلّمها للأكراد، ضاربًا عصفورين بحجرquot;.

على أي حال، صراع المسلحين الأكراد والسلطات التركية مستمر. فقد قال روج ويلات، المتحدث باسم المسلحين الأكراد في تركيا، إن المسلحين quot;حاولوا إخراج القوات الحكومية من الجزء الشرقي من البلادquot;، محذرًا من يتعاون مع الدولة التركية بالاعتقال والاستجواب.