قوات الأمن تحيط بالفتاة المسيحية المفرج عنها

بعد إطلاق سراح الفتاة المتهمة بحرق النصوص الدينية، يأمل النشطاء الذين يسعون إلى إصلاح قوانين التجديف الصارمة في باكستان في أن تشجع هذه الخطوة على التغيير في المجتمع الباكستاني.


بيروت: أفرجت باكستان عن فتاة مسيحية اتهمت بحرق النصوص القرآنية وتم نقلها إلى مكان مجهول على متن مروحية تابعة للحكومة.
يقول طاهر نافيد تشودري، أحد محامي الفتاة، انه quot;نظراً لمخاوف أمنية حولها وأسرتها، يتم الاحتفاظ بالفتاة في عهدة الحكومة، كما أن هناك خطط لتوطينهم خارج إسلام أبادquot;.
وقد وافقت المحكمة على إطلاق سراح الفتاة يوم الجمعة بموجب كفالة بلغت مليون روبية (أي ما يعادل 10,500 دولار أميركي) على أساس كونها قاصر. وفقدت الاتهامات زخمها عندما تبين ان رجل دين محلي قام بدس صفحات القرآن المحترقة ضمن الأدلة، من أجل طرد المسيحيين من البلدة التي يعيشون فيها.

ويأمل النشطاء في أن تؤدي هذه الخطوة إلى تحفيز النقاش العام والعمل الحكومي نحو تعديل قوانين التجديف الصارمة في باكستان. لكن شيئاً من هذا لم يحصل بعد كما أن إطلاق سراح الفتاة قد يتسبب في تلاشي الضوء الذي سلط على هذه القضية في الأيام الماضية.
في هذا السياق، نقلت صحيفة الـ quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; عن بيتر جاكوب، رئيس واحدة من الجماعات الناشطة في حقوق الأقليات في باكستان، قوله: quot;على الرغم من أننا سعداء بلم شمل الطفلة مع والديها، إلا أنني غير راض عن الوجه العام للحكومة خلال المحنة. الدولة لم تأت بأي حل على المدى الطويل لوقف إساءة استخدام قوانين التجديف، والنقاش لا يبدو ذاهباً في هذا الاتجاهquot;.

نفذت قوانين التجديف، التي تعود إلى الحقبة الاستعمارية في جنوب آسيا، إلى الأمام في الدستور من قبل السلطات الباكستانية بعد استقلال البلاد في عام 1947. وفي الثمانينات، أدخلت تعديلات شديدة القسوة على القوانين من قبل الدكتاتور العسكري، لدرجة أن أي شخص تثبت إدانته بالتجذيف سيعاقب مدى الحياة، وفي الحالات الشديدة، سيكون مصيره الإعدام.
من جهتها، تقول مكارفي سرميد، وهي ناشطة اجتماعية تعرضت للتهديد عدة مرات لآرائه العلمانية القوية، إن quot;نص القانون فيه الكثير من المشاكل، لكن حتى لو تم تغيير القانون، فإن عقلية المجتمع هي التي تحتاج إلى التغييرquot;، مشيراً إلى أن الدولة يجب أن تفصل نفسها عن الدين وتتوقف عن اضطهاد الأقليات.

العديد من رجال الدين وغالبية السكان في باكستان يدافعون عن هذه القوانين ولا يرحبون بأي محادثات عن الإصلاحات. وتجلى هذا الدعم في حادثة سلمان تاسير، محافظ بونجاب الباكستانية، الذي ندد علناً بهذه القوانين العام الماضي، ودعم امرأة مسيحية تواجه عقوبة الإعدام بتهمة التجديف.
اغتيل تاسير في وضح النهار من قبل ممتاز قدري، الشرطي الذي يتولى حراسته، والذي ndash; على الرغم من أنه يواجه عقوبة الإعدام حالياً ndash; إلا انه يتمتع بتأييد شعبي كبير في البلاد ويعتبر بطلاً في باكستان.

خطط في باكستان من أجل توطين الفتاة خارج إسلام آباد


عبّر بعض رجال الدين عن دعمهم للفتاة القاصر، وطالبوا بمعاقبة رجل الدين الذي عبث بالأدلة، إلا أن أياً منهم لم يتحدث عن تغيير أو إلغاء القوانين.

quot;لا يجب أن يكون هناك أي تغيير في القانون، وإلا فإن الناس سوف يلتقطون السلاح ويلجأون للعنف أنفسهم. البلاد يمكن أن تصبح غير آمنة وخطرة جداًquot;، تقول ابتسام إلهي، مدرسة دين إسلامي، وهي جزء من تحالف ديني يعارض علاقات باكستان الودية مع الولايات المتحدة والهند.
وتصر إليهي على أن اضطهاد الأقلية المسيحية في باكستان غير موجود وان هذه الأخبار هي مجرد quot;بروباغندا تنفذها وسائل الاعلام الغربية والمنظمات غير الحكوميةquot;.

الطائفة المسيحية في باكستان

يشكّل حوالي 2.7 مليون مسيحي في باكستان أقل من 2٪ من إجمالي السكان. والمجتمع المسيحي في هذه البلاد، سواء الكاثوليكية والبروتستانتية، تعود جذوره إلى الجهود التبشيرية أثناء الحكم البريطاني لشبه القارة الهندية.
وقد سجلت حالات التجديف في باكستان ما يقرب من 1000 حالة منذ عام 1986، من ضمنها 180 حالة ضد المسيحيين ومئات أخرى ضد الأقليات الدينية الأخرى.

ويقول جاكوب، الناشط في مجال حقوق الأقليات، إن الحكومة فقدت الفرصة مرة أخرى للمشاركة مع عناصر في باكستان التي عادة ما تكون غير راغبة في الاستماع إلى اقتراحات لإصلاح قانون التجديف.
quot;هذا الوقت كان مناسباً لتشكيل لجنة التحقيق التي، على سبيل المثال، كان من الممكن أن تجلس مع أولئك الذين يعارضون الإصلاحات وتستخدم قضية الفتاة لتسليط الضوء على الانتهاكات الواسعة لهذا القانون، لكن هذا لم يحصلquot;، يقول جاكوب، مشيراً إلى أن نقل الفتاة من السجن جواً يعكس عدم قدرة الحكومة على وقف العنف من قبل المتطرفين.
quot;لا أحد يريد أن يتحدث عن الإصلاحات علناً. عدد قليل من الناس يطلبون إلغاءها، فيتم قتلهم واحدا تلو الآخر. كان سلمان تاسير الأول، ثم وزير الأقليات شهباز بهاتي. غداً قد يكون مصيري أنا القتل، وهكذا لن ييتبق أحد للوقوف ضد الاعتداءاتquot; تقول سرميد.