أثارت عالمة انثروبولوجيا عاصفة من الدهشة والنقد بهجوم غير مألوف على عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينغ. فقالت إن عقله الوقّاد وجسده العاجز عن الحركة يجعلان منه شيئًا مثل laquo;دماغ في وعاءraquo; أو laquo;إنسان أقرب للماكينةraquo;.
لندن: وصفت عالمة الأنثروبولوجيا الأميركية هيلينا مياليت عالم الفيزياء النظرية البريطاني الشهير ستيفن هوكينغ بأنه أقرب الى ماكينة منه الى إنسان. وأضافت أنه، في أفضل الأحوال laquo;عقل في وعاءraquo;.
يذكر أن مياليت أكاديمية مرموقة حاضرت في بعض أعرق جامعات العالم بما فيها هارفارد واوكسفورد، وتحاضر حاليًا في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، وتعتبر مرجعًا ايضًا في ما يتعلق بالبروفيسور هوكينغ وأعماله إذ أصدرت عنه عددًا من الكتب والمقالات باعتباره نموذجًا لنوع خاص من الذكاء.
واستندت مياليت في هجومها الذي أخذ الجميع على حين غرة بأن هوكينغ laquo;ليس بحاجة حقيقية الى جسده لأن كل نشاطه نظري ولا يستوجب شيئًا غير العقلraquo;. وقد استعارت تعبير laquo;ماكينة أكثر من إنسانraquo; من شخصية دارث فادر الشريرة الشهيرة في سلسلة أفلام laquo;حرب النجومraquo; وهي نصف إنسان ونصف ماكينة. والواقع أن حديثها هذا أتى في مقالة لها عنونتها laquo;عن ستيفن هوكينغ وفادر وأن يكون الشيء ماكينة أكثر منه بشرًاraquo;.
وقالت في مقالتها، التي نشرتها في زاوية الآراء بالموقع الإلكتروني Wired.com laquo;وايارد دوت كومraquo;، إن هوكينغ هو laquo;تجسيد العالم العبقري الذي يسعى الى تغيير العالم بعقله وحسب... فلا حاجة له بجسد ولا حاجة لنا بجسد له... فقط ذلك العقل الجميل. وعلى هذا النحو فإن كيانه بأكمله أشبه بدماغ في وعاء عبارة عن جسد بشريraquo;.
يذكر أن هوكينغ اصيب بمرض يٌعرف باسم laquo;التصلب الضموري الجانبيraquo;، وهو نوع من خلل يلحق بالخلايا العصبية الحركية، وكان هذا قبل قرابة 50 سنة عندما كان في الحادية والعشرين من عمره. وأوقف هذا المرض عضلات جسده عن النمو والحركة لكن عقله لم يتأثر به فصار وقّادًا وكذلك الحال مع حواسه. وظل حبيس كرسي متحرك منذ ذلك الوقت ويتواصل مع الناس عبر برمجية خاصة تترجم حركة العضلات في وجهه الى كلمات مسموعة. ويذكر أيضاً أنه أنجب ثلاثة أبناء في أتم العافية العقلية والجسدية.
وكتبت مياليت مقالتها عنه بمناسبة عيد ميلاده السبعين الذي اعتبرته الأوساط العلمية في مختلف أرجاء الدنيا حدثاً يستحق أقصى درجات الاحتفال. وقالت: laquo;في هذه المناسبة يتعين علينا أن نقف ونتأمل في مغزى ما نحتفل به حقًا: الرجل، أم العقل، أم الماكينةraquo;؟ ومضت تقول: laquo;الواقع أن هوكينغ - المعاق بهذا الشكل - صار أشبه بدماغ في وعاء. فقد عطّل التصلب الضموري جسده بالكامل لكنه لم يمس دماغه العبقري. ولهذا صار مثل شخصية اسطورية قادرة على فهم أسرار الكون وقوانينه، فقط بعقله الذي ازداد شكيمة وكأنه أخذ من جسده قوته المفقودةraquo;.
ولا شك في أن مياليت كانت تعلم أن حديثها هذا لن يمر مرور الكرام وإن كان داخل إطار بحوثها في علاقة العقل بالآلية الميكانيكية. ولو أنها تعمّدته من أجل إثارة عاصفة ما، فقد كان لها ذلك. ولا غرو أن ردات الأفعال تواترت بسرعة وكان أولها من الجماعات المعنيّة برفاه المعاقين.
فنقلت صحف بريطانية عن فرح نظير، مديرة العلاقات الخارجية في laquo;رابطة أمراض الخلايا العصبية الحركيةraquo;، قولها: laquo;نحن نتفهّم تمامًا أن مياليت عالمة انثروبولوجيا تتحدث في إطار علمي... عن علاقة العقل بالماكينة مثلاً... ولكن كما قال البروفيسور هوكينغ نفسه فإن مريض الخلايا العصبية الحركية إنسان عادي لكنه يعاني من وضع غير عادي. هذا هو كل ما في الأمرraquo;.
وقال كريس هوايتهاوس، من جماعة laquo;الحق في الحياةraquo; الخيرية التي تحارب الإجهاض غير المبرر، من جهته: laquo;شخصيًا فإنني أختلف في الكثير من الأحيان مع آراء البروفيسور هوكينغ، لكنني أفدي هذه الآراء بحياتي نفسها. فلا شيء عندي غير الاحترام والتبجيل لهذا العالم الفذ وما أنجزه لصالح الناس. وأن يحط المرء من شأنه فقط لأنه معاق جسديًا، فهذه إساءة للبشر أجمعينraquo;.
التعليقات