تشهد العلاقات بين باراك أوباما وفلاديمير بوتين توترًا فاجأ الجميع، محوره الانتقاد الأميركي لممارسات ضد حقوق الانسان في روسيا، والموقف الروسي من بشار الأسد، ما يهدد سياسة أميركا الخارجية في أكثر من منطقة في العالم.


توتر العلاقات بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا يهدد أجندة الرئيس باراك أوباما الخارجية في فترة رئاسته الثانية. فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يملك أوراقًا كثيرة، بدءًا من سوريا وإيران حتى كوريا الشمالية وأفغانستان، ما يعزز قدرته على المساعدة أو على إلحاق الضرر بأهداف الإدارة الأميركية في آن واحد.
ومن الواضح أن أوباما في أمس الحاجة إلى بوتين لسحب القوات الأميركية من أفغانستان، فضلًا عن حاجته إلى تعاون روسي في جبهات دولية أخرى، أو على الأقل ضمان بعدم التدخل. لكن بوتين لا يرغب في المساعدة، في ظل ارتفاع أسهمه السياسية بين المواطنين الروس منذ انتخابه رئيسًا لفترة ثالثة ومواجهته للغرب والولايات المتحدة بصفة خاصة، وانحسار التظاهرات المطالبة بالديمقراطية التي اندلعت منذ عام.
توتر مفاجئ
يقول خبير روسي في مجلس العلاقات الخارجية لصحيفة واشنطن بوست إن السؤال الحقيقي الذي يواجهه الرئيسان الأميركي والروسي هو: ما هي المسائل التي يمكنهما التعاون فيها إذا ما تمت تنحية المسائل موضع الخلاف، مثل الديمقراطية وسوريا؟.
ترى روسيا أن تجاهل أوباما لمخاوفها بخصوص مسألتي الدرع الصاروخية والتدخل العسكري في ليبيا ساهم في تعزيز الاعتقاد بأن نفوذ الولايات المتحدة الرئيسي يكمن في قدرتها على القفز فوق مصالح الأصدقاء والأعداء على حد سواء.
بدورها، تعلم إدارة أوباما أنه ليس من السهل التعامل مع بوتين. لكن التدهور السريع في العلاقات بين البلدين فاجأ الجميع، وفقًا للعديد من المسؤولين والمحللين، إذ طرد بوتين الوكالة الأميركية للتنمية الدولية من دون سابق إنذار في أيلول (سبتمبر) الماضي، منهيًا عملها داخل روسيا الذي استغرق عقدين من الزمن.
وفاجأت موسكو واشنطن بالإعلان عن نهاية اتفاق الحد من الأسلحة والذي كانت الولايات المتحدة طرفًا رئيسيًا فيه. وكان تم تجديد الاتفاق مرتين، ما سمح بتعطيل أكثر من 7650 رأساً حربياً استراتيجياً.
انتقاد أميركي
قالت فيكتوريا نولاند، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الاميركية: quot;ما زلنا نحاول التعاون مع روسيا بقدر ما نستطيع في العديد من المسائل، بما في ذلك إيران وأفغانستان وسوريا، لكننا سنتحدث بوضوح وصراحة عندما نختلف حول حقوق الإنسان، والديمقراطية في روسيا، وكما فعلنا سابقًا بشأن سوريا وغيرها من الامورquot;.
في بعض الحالات، كان رد فعل الولايات المتحدة قاسيًا، إذ قالت وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون في الشهر الماضي إن روسيا تحاول إعادة تأكيد نفوذها السياسي والاقتصادي بين الدول التي كانت جزءًا من الاتحاد السوفياتي.
أضافت كلينتون: quot;هناك خطوة لإعادة إحياء الأسلوب السوفياتي في المنطقة، إنما بثوب تنكري يستند إلى التكامل الإقليمي. ونحن نعرف ما هو الهدف، ونحاول معرفة الطرق الفعّالة لإبطاء ذلك أو منعهquot;.
عكست تصريحات كلينتون استياء الولايات المتحدة من وضع الحريات السياسية والصحافة في روسيا والدول المجاورة، وعلى نطاق أوسع الإحباط من موسكو. كما أن تحذيرها الذي أتى قبل ساعات من لقائها وزير الخارجية الروسي لاجراء محادثات صعبة حول الحرب الأهلية في سوريا، يشير أيضًا إلى مفارقة بالنسبة لواشنطن في إدانة التجاوزات الروسية وطلب المساعدة منها في الوقت ذاته.
نقطة خلاف
روسيا حليف رئيس لسوريا، وتملك قاعدة بحرية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. ولمجموعة من الأسباب، رفضت روسيا دعم التحركات الدولية للطعن في حكم الرئيس السوري بشار الأسد أو محاولة إسقاطه.
ويبدو أن الوضع السوري في حال من المراوحة، إذ لم يتم التوصل إلى أي إجراء فعال ضد الأسد، بعد نحو عامين على الحرب التي تقدر الامم المتحدة أنها أسفرت عن مقتل أكثر من 60 ألف سوري.
ونجحت علاقة الولايات المتحدة مع روسيا بشكل رئيسي في المجالات ذات الاهتمام المتبادل، مثل الأمن والحد من التسلح. لكن أوباما غير قادر على توسيع مجالات التعاون هذه، بالرغم من العلاقات الجيدة نسبيًا مع سلف بوتين، ديمتري ميدفيديف.
وقال مارك كاتز، المختص في الشؤون الروسية بجامعة جورج ميسون، إن الروس يسخرون من تعهدات أوباما، في إشارة إلى تعهد الرئيس الأميركي لروسيا بهامش تفاوض أوسع بشأن الدفاع الصاروخي بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية.
أضاف كاتز: quot;نحن نطلب منهم فقط أن يفعلوا الأشياء التي ينبغي عليهم فعلها، كما أننا لا نقدم أي تنازلات لنسير جنبًا إلى جنب معهم. وهنا نقطة الخلاف الجوهريةquot;.