اوباما اتخذ القرار فقط بعد ضغوط كلينتون وفقًا للكتاب

رغم أن باراك أوباما سيتخذ من مقتل أسامة بن لادن مطيّة أخرى لولاية ثانية في البيت الأبيض، فقد كاد يسمح بإفلات زعيم laquo;القاعدةraquo; لولا الضغوط التي تعرض لها من وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون. هذا ما يأتي في كتاب نُشر لتوه وحتمًا فلن يجد فيه الرئيس ما يسرّه.


لندن: تراجع الرئيس الأميركي باراك أوباما ثلاث مرات عن الشروع في عمليات لقتل أسامة بن لادن. وحتى عندما قدم الضوء الأخضر أخيرا لتلك التي قتلت زعيم القاعدة فعلاً، كان ذلك بإصرار عنيد من وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون.

هذه المزاعم - التي تصفها الصحف الغربية التي تداولت النبأ بأنها laquo;صاعقةraquo; - تأتي في كتاب جديد بعنوان laquo;القيادة من الخلف: الرئيس المتردد والمستشارون الذين يتخذون القرار نيابة عنهraquo;، لمؤلفه الصحافي ريتش مينيتر وطُرح للبيع الثلاثاء من الأسبوع الحالي.

وكما يتضح من العنوان، فإن الكتاب يرمي لنسف الصورة التي يقدمها البيت الأبيض عن أوباما باعتباره القائد المتمتع بالقدرة على الحسم لدى الملمات. ويقدم مؤلفه عملية قتل بن لادن كأحد أسطع الأمثلة على مساعيه لتكذيب مقولة إن أوباما مضى قدمًا في تلك العملية رغم تردد مستشاريه ومخاوفهم، ويقول إن العكس هو الصحيح.

ويستشهد مينيتر، الذي عمل سابقًا صحافيًا في كل من laquo;وول ستريت جورنالraquo; وlaquo;واشنطن تايمزraquo; وlaquo;صنداي تايمزraquo; البريطانية ايضًا، بمن يقول إنهم laquo;مصادر داخل laquo;قيادة العمليات الخاصة المشتركةraquo;. وتبعًا لهؤلاء فقد تراجع اوباما في اللحظات الأخيرة عن ثلاث عمليات لقتل بن لادن، في كل من كانون الثاني (يناير)، شباط (فبراير) وآذار (مارس) 2011. وكان هذا سابقًا لعملية قتله فعلاً في الثاني من مايو من ذلك العام بمجمعه في أبوت اباد الباكستانية على يد وحدة القوات البحرية الخاصة laquo;سيلraquo;.

ويقول مينيتر إن القوة الحقيقية الدافعة وراء مقتل زعيم القاعدة هي هيلاري كلينتون التي ألحّت عليه في التخلي عن تردده والمضي قدمًا في العملية. ولا يكتفي المؤلف بهذا، بل يقول إن اوباما ظل يأتمر بإمرة عدد من النساء النافذات أبرزهن كلينتون ومستشارته فاليري جاريت وعقيلته ميشيل. ويضيف أن تردد الرئيس في تنفيذ العمليات وإلغاءها ثلاث مرات إنما كان بتوجيه من جاريت.

اوباما وكبار شخصيات إدارته يتابعون عملية قتل بن لادن على الهواء

ويكتب مينيتر أن نجاح كلينتون في إقناع اوباما في إصدار الأمر بقتل بن لادن جاء ثمرة لتحالفها مع كل من ليون بانيتا (وزير الدفاع الحالي الذي كان وقتها مديرًا لوكالة الاستخبارات المركزية laquo;سي آي ايهraquo;)، وديفيد باتريوس (مدير سي آي ايه حاليًا، ووقتها قائد قوات أميركا والناتو في أفغانستان).

ويقول الكاتب إن تردد أوباما في التصدي لزعيم القاعدة بعملية خاصة تستهدف حياته laquo;ظل سمة ملازمة له منذ جلوسه في المكتب البيضاوي. وكان، تبعًا له، laquo;يرفض حتى البت في أمور صغيرة إذا تعلقت بمشروع لقتل بن لادن. كان يترك كل شيء لمدير سي آي ايه (بانيتا) ولوزير دفاعه روبرت غيتس ووزيرة خارجيته كلينتون. وكان يرعبه أن يصبح مسؤولاً عن غارة على بن لادن قد تنتهي بأحداث مأسويّة (وسط الأميركيين والباكستانيين)raquo;.

ويمضي المؤلف قائلا: laquo;لهذا ظل الرئيس يطرح المسألة على فاليري جاريت، التي نصحته بالعزوف عنها بسبب مسؤوليته عن عواقبها في حال كان مآلها الفشل، - أو حتى في حال تكللت بالنجاح. ومن جهتها كانت كلينتون تمور بالغضب إزاء ولوج جاريت في كل صغيرة وكبيرة وإخضاعها كل شيء للاعتبارات السياسيةraquo;.

laquo;سيلraquo; تداهم بن لادن في رسم غرافيكي بثه تلفزيون laquo;ايه بي سيraquo;

وطوال العام 2009 كان اوباما يطلب المزيد والمزيد من laquo;التيقنraquo; إزاء سلامة المعلومات الاستخبارية الواردة عن بن لادن. ووفقًا لمؤلف الكتاب فإن أبعاد هذا الأمر تتضح جليًا في أن جاريت ظلت تذكّر الرئيس- وأيضًا رؤساء الإدارات الحكومية المختلفة - بأن حملته الانتخابية قامت على laquo;استغلال الفشل الاستخباراتي الذي تميّز به عهد الرئيس جورج بوش الابنraquo;. laquo;ولهذاraquo;، كما ينقل المؤلف قولها، laquo;فإن آخر ما نريده هو أن نسلّم أعداءنا (الجمهوريين) قائمة بأخطائنا الاستخباراتيةraquo;.

وحتى بعد توفر معلومات laquo;مؤكدةraquo; تشير جميعًا الى مخبأ بن لادن في ذلك المجمع ببلدة أبوت أباد، ظل اوباما، كما يرد في الكتاب، يتلكأ (عبر التشاور والمزيد منه) في إصدار الأمر بالإغارة عليه. لكن كلينتون استطاعت استمالته الى جانبها شيئًا فشيئًا خلال اجتماعات مجلس الوزراء في المكتب البيضاوي. وقد تجاوزت، في سعيها الى هدفها، آثار المنافسة الشرسة بينهما خلال حملة الديمقراطيين (العام 2008) التي فاز بها اوباما في نهاية المطاف.

ويقول مينيتر إن كلينتون كانت مدركة لحقيقة أن زوجها، بيل، دفع ثمنًا سياسيًا باهظًا بعدم تعقبه بن لادن وأن الولايات المتحدة نفسها دفعت الثمن في وقت لاحق ممثلاً في هجمات 9/11. وكانت تعلم ايضًا أن رئاسة أوباما بأكملها ستنهار في حال امتنع عن الضغط على الزناد الآن وقد صار بن لادن أمام فوهة بندقيته.

غلاف الكتاب

وبحلول هذا الوقت صار أوباما مقتنعًا بأن كلينتون على حق. لكن تردده أجبره على الانكباب على التفاصيل غير المهمة لأن إعطاء الضوء الأخضر للمهمة الكبيرة نفسها ظل عسيرًا عليه. وكان مصدر تردده هو أن أي خطأ في الحسابات أو التنفيذ قد يأتي بخسائر فادحة سواء في أرواح الأميركيين و/أو الباكستانيين.

وغني عن القول ربما أن الكتاب يأتي في وقت سيئ بالنسبة لأوباما لأنه سيتخذ من قتل بن لادن محورًا ترتكز عليه حملته لإعادة انتخابه الى الرئاسة العام الحالي. كما أنه سيتخذ من الواقعة ركيزة كبرى يستند اليها خلال إحياء ذكرى الهجوم على الولايات المتحدة (9/11) في ايلول (سبتمبر) المقبل.