تتفاوض السلطات المصرية مع الرئيس السابق حسني مبارك وأركان حكمه السابق للتصالح معهم واستعادة جزء من الأموال التي نهبوها، لكن أبو العز الحريري يقول إنها صفقة سياسية هدفها نقل ولاء رجال الأعمال إلى جماعة الإخوان المسلمين ودعمها إقتصاديًا.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تجري محاولات التصالح مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأفراد أسرته ورموز نظام حكمه المنهار، في قضايا الفساد، مقابل رد الأموال التي حصلوا عليها بغير وجه حق، وصفها القيادي اليساري والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية أبو العز الحريري بالصفقة السياسية بين الإخوان والعسكر ورجال أعمال النظام السابق، مشيرًا إلى أن هدفها هو نقل ولاء رجال الأعمال إلى جماعة الإخوان المسلمين ودعمها إقتصاديًا.
صفقات مستمرة
قال الحريري، في تصريحات خاصة لـquot;إيلافquot;، إنه منذ تنحي مبارك وتولي المجلس العسكري الحكم في مصر في 11 شباط (فبراير) 2011، ثم تسليم السلطة للإخوان في 30 حزيران (يونيو ) 2012، quot;ثبت أن هناك مجموعة من الصفقات عقدتها جماعة الإخوان مع العسكر، والتصالح مع مبارك وأسرته ورجال أعماله صفقة جديدة، يتم بمقتضاها نقل ولاء رجال الأعمال من النظام السابق إلى نظام حكم الإخوان، في مقابل إعادة ثلث الأموال التي نهبوهاquot;.
أضاف الحريري: quot;التصالح المالي مع من نهبوا أموال المصريين لعقود طويلة ينبغي أن يكون على أساس رد الأموال جميعها، وليس الثلث منها فقط، لأن القانون رقم 4 لسنة 2012، الذي أصدره المجلس العسكري للتصالح مع رموز النظام السابق ماليًا، غير دستوريquot;، مشيرًا إلى أنه شخصيًا أقام دعوى قضائية لإلغائه.
ونبه إلى أن اللجنة التي تتولى عملية التصالح هي لجنة حكومية، ولا علاقة لها بالشعب، صاحب الأموال التي نهبت، لافتًا إلى أن التجارب السابقة في التصالح مع الفاسدين أثبتت فشلها، ومنها التصالح في ما يعرف بنواب القروض، وهم مجموعة من نواب مجلس الشعب في عهد مبارك حصلوا على قروض بملايين الدولارات وهربوا بها للخارج، وتم التصالح معهم مقابل رد 20 بالمئة من المبلغ الأصلي، في صورة عقارات أو محال تجارية أو أراض.
الكيل بمكيالين
لفت الحريري إلى أن التصالح مع الفاسدين ورجال أعمال النظام السابق بعد الثورة بالطريقة نفسها التي كان مبارك يتبعها مع الفاسدين في عهده غير مقبولة، وتهدر أهداف الثورة، كما تهدر أموال الشعب المصري.
وقال إن التعامل مع مبارك وأسرته ورموز نظام حكمه على أنهم مستثمرون متعثرون من خلال هذا القانون أمر يرفضه المصريون، quot;لأن هذا التصالح يجعل الدولة تتعامل بذمتين أو تكيل بمكيالين في قضية واحدة، فقانون العقوبات المصري ينظر إلى مبارك وأسرته وجميع المسؤولين الحكوميين المتورطين في نهب المال على العام، على أنهم مختلسونquot;. وأشار إلى أن قانون العقوبات يعاقب صغار الموظفين العموميين المتهمين بالإختلاس بالسجن، ورد المبالغ المختلسة، وتغريمهم مبالغ مماثلة.
أمثلة على الهدر
ضرب الحريري أمثلة على عمليات تصالح مع رجال أعمال من النظام السابق، أهدرت ملايين الجنيهات على خزينة الدولة.
قال: quot;الشركة المصرية الكويتية حصلت في عهد مبارك على 26 ألف فدان للإستصطلاح الزراعي، لكنها لم تستصلحها، بل نهبت ما فيها من مناجم وآثار، وأضافت عليها 11 ألف فدان أخرى، وكانت الصفقة مقابل خمسة ملايين جنيه تدفع بالأقساط لمدة عشر سنواتquot;.
أضاف الحريري أنه أقام دعوى قضائية ضد الحكومة والشركة تطالب ببطلان الصفقة ورد أراضي الدولة وتعويض عنها يقدر 215 مليار جنيه، مشيرًا إلى أن الشركة عرضت أثناء التقاضي سداد 80 مليار جنيه، وقد فوجئ بالرئيس محمد مرسي يعلن التصالح مع الشركة مقابل 42 مليار جنيه، أي نحو 50 بالمئة من المبلغ الذي عرضته الشركة للتصالح أثناء نظر القضاء للقضية، مهدرًا على الدولة 173 مليار جنيه.
أقل من قيمتها
وقال الحريري إن قيمة الأراضي في مشروع مدينتي المملوك لرجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، الذي يقضي عقوبة السجن بتهمة قتل المغنية سوزان تميم، تقدر بنحو 300 مليار جنيه، أقامت له الدولة المرافق مجانًا، كما أعفت جميع مستلزمات البناء من الجمارك، وتقدر قيمتها بنحو مئات الملايين أيضًا.
أضاف: quot;عندما أقام الناشط السياسي المهندس حمدي الفخراني دعوى قضائية ضد الصفقة وقضت المحكمة بإبطالها تدخل مبارك شخصيًا، وأعاد تثمين قيمة الأرض، ولكنها كانت بأقل من 10 بالمئة من قيمتها الحقيقية، ونظام حكم الإخوان ما زال يغض الطرف عن تلك الصفقة، على الرغم من صدور أحكام القضاء ببطلانهاquot;.
لتطبيق مبادرة البنك الدولي
أشار الحريري إلى أن لجنة التسويات التي تتولى عملية التصالح، تقدر الأموال التي سوف تستردها الدولة من التصالح مع رموز نظام مبارك، بزهاء 20 مليار جنيه، quot;فاللجنة لم تفصح عن القيمة الحقيقية للمبالغ المفترض استردادها، والتي تصل إلى أكثر من 800 مليار جنيه، من المتهمين الهاربين أو موجودين داخل السجون حاليًاquot;.
ويدعو الحريري إلى تبني مبادرة أطلقها البنك الدولي وطبقتها دول عدة في التصالح مع المتهمين بالفساد، تقوم على مصادرة الدولة لجميع الأموال والممتلكات التي حصلها عليها المتهمون بالفساد منذ توليهم مناصبهم، إذا عجزوا عن إثبات حصولهم عليها بطرق مشروعة، أو تطبيق عقوبة جريمة الإختلاس عليهم، وإلزامهم برد الأموال وتغريمهم مبالغ مماثلة، والسجن لمدة ثلاث سنوات على الأقل.
التعليقات