تواجه بريطانيا مع اقتراب الذكرى العاشرة لغزو العراق، تهم تعذيب سجناء. إذ مارس ضباط مخابرات ومحققون بريطانيون ممارسات كانت تضم تغطية الرأس واستخدام وضعيات مجهدة والاعتداء الجنسي والضرب والاعتداء الديني ضدّ سجناء عراقيين.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: من المنتظر أن تواجه بريطانيا اتهامات جديدة بخرق القانون الدولي بخصوص وقائع تعذيب وقتل مزعومة لسجناء خلال الحرب في العراق التي بدأت قبل حوالي 10 أعوام.

أمام القضاء

سيتم الكشف عن تلك المزاعم في المحكمة العليا، حيث ستقف بريطانيا متهمة بإتباع سياسة انتهاكات quot;نظاميةquot; على مدار 5 أعوام في الفترة بين عامي 2003 و2008.

وخلال جلسة استماع مقررة على مدار ثلاثة أيام ابتداءً من الـ 29 من الشهر الجاري، سيقوم محامو 180 مواطنا عراقيا ممن يزعمون أنهم وقعوا ضحايا وقائع تعذيب، أو تم قتل أقربائهم بدون وجه حق، بوضع ملف بيانات أمام قاضيين يترأسان المحكمة في لندن، وهو الملف الذي يتهم جنودا وضباط استخبارات بريطانيين بمخالفة القانون في ممارسات الاستجواب التي كانوا يقومون بها مع مواطنين عراقيين.

تعذيب ممنهج

الممارسات كانت تضم تغطية الرأس واستخدام quot;وضعيات مجهدةquot; والاعتداء الجنسي والضرب والاعتداء الديني للسجناء الذين كانوا يحتجزون بشكل غير قانوني. فيما قال شهود في بعض الحالات إن التعذيب كان يؤدي لوفاة بعض المساجين.

ولفتت في هذا الصدد صحيفة الغارديان البريطانية إلى أن البيانات تم تجميعها خلال مقابلات تمت مع ضحايا وأقرباء، معظمهم يتواجد في لبنان، من جانب فيل شينر، المحامي المتخصص في حقوق الإنسان، ويعمل بمجموعة محاميي الصالح العام في برمينغهام.

حوادث معزولة أم سياسة نظامية ؟

ستحدد المحكمة ما إن كانت الاعتداءات عبارة عن حوادث معزولة لم يكن يعلم بها القادة والساسة وكبار مسؤولي الوزارة، كما تؤكد الحكومة، أو أنها كانت سياسة نظامية ومصرح بها.

وأكدت وزارة الدفاع البريطانية أن أي مشكلات عامة فيما يتعلق بالاعتقال والاستجواب قد تم التعامل معها عبر تحقيق في وفاة بهاء موسى، عامل فندق برئ قُتِل أثناء احتجازه بسجن بريطاني في البصرة عام 2003.

لكن مؤلف كتاب عن مقتل بهاء موسى يدعى أندرو ويليامز، وهو أستاذ قانون بجامعة وارويك، أوضح أن ما حدث لبهاء موسى ربما quot;أضاء مصباحاً في جانب مظلمquot;، لكن ما ستنظره المحكمة بعد أيام يشبه quot;إستاد سنقوم فيه بتشغيل الأضواء الكاشفةquot;.

وسوف يقوم فريق مستشاريه، الذي يقوده مايكل فوردهام ، بتقديم خمس مما يطلق عليها quot;ممارسات حكوميةquot; يزعمون أنها quot;غير قانونيةquot;، بما في ذلك أساليب استجواب محظورة تم تدريسها بمقر استخبارات الجيش في منطقة شيكساندز، بشمال لندن، ووقائع اعتقال محظورة، واستخداما غير قانوني للقوة المميتة.

جنس واهانات

وأشارت الغارديان إلى أن ملفات شينر تحتوي على معلومات صادمة للغاية. حيث تضم إهانات للإسلام وفساد جنسي مثل قيام أحد الجنود بالاستمناء على أحد السجناء، وقيام جندي آخر بممارسة اللواط بأصبعه، فضلا عن قيام محققات بالتعري والتظاهر ببعض الحركات التي تبعث على الإغراء مقابل الحصول على معلومات.

وأضافت الصحيفة أن معظم الحوادث المزعومة وقعت أثناء احتجاز المساجين، رغم أن بعضها وقع أثناء الهجمات التي كانت تتم على منازل المواطنين، حيث تردد أن المشتبه بهم وأقربائهم كانوا يتعرضون لانتهاكات ولأعمال عنف تتسم بقسوتها.

وتأتي جلسة الاستماع هذه قبيل أسابيع قليلة من حلول الذكرى السنوية العاشرة لغزو العراق، وسيتم اعتبارها مقياساً للطريقة التي يمكن أن تحسب من خلالها بريطانيا إرثها في العراق.

ويقول أستاذ القانون أندرو ويليامز في الأخير quot;هذه لحظة القرار الحاسمة. وهي آخر فرصة لنا كي نتوصل إلى حقيقة ما حدث. وهذا ما نطلبه من الآخرين، ولا نطلبه من أنفسنا. فأي رسالة يبعثها ذلك للعالم بشأننا ؟quot;.