أثار فشل البرلمان العراقي اليوم في تمرير قانون جديد للانتخابات العامة مخاوف من عدم التمكن من إجرائها بموعدها المقرر في نيسان (أبريل) المقبل وذلك إثر بروز خلافات جديدة بين الكتل.
لندن: فشل مجلس النواب العراقي الخميس للمرة الثالثة خلال أسبوعين في التصويت على قانون جديد ينظم الإنتخابات العامة في البلاد ما استدعى ترحيل التصويت إلى الاثنين المقبل بعد مطالب طرحها التحالف الكردستاني. وجاء تأجيل التصويت على الرغم من اتفاق الكتل على معظم مواد القانون وخاصة ما يتعلق منها بزيادة عدد مقاعد البرلمان ومقاعد ممثلي الاقليات وطريقة الاقتراع.
النجيفي يؤكد الخلافات
وخلال جلسة لمجلس النواب اليوم أكد رئيسه اسامة النجيفي وجود نقاط خلافية حول بعض الخيارات الواردة في مقترح القانون رغم الجهود المبذولة لتسويتها مشيرا إلى ان الكتل السياسية طلبت مزيدا من الوقت للتشاور بهدف الوصول إلى توافق وطني لأهمية القانون.
وفي مداخلات النواب بشأن مقترح القانون أكد النائب ابراهيم الجعفري رئيس التحالف الوطني الشيعي اهمية تجاوز الجزئيات التي تعرقل مسيرة العملية السياسية. ومن جانبه اشار رئيس كتلة العراقية النائب سلمان الجميلي إلى وجود رغبة لدى بعض الكتل للتشاور بشأن مواد القانون لافتا إلى ان عدم تشريع الانتخابات يوازي مسألة تأجيلها.
اما رئيس كتلة التحالف الكردستاني فؤاد معصوم فقد أكد أنّ التفاهم والتوافق هما اساس العمل السياسي في هذه المرحلة منوها بأن التحالف لاتوجد لديه نية لتأجيل الانتخابات ومتمسك باقامتها في موعدها المحدد لكن طلب تأجيل الجلسة إلى يوم الاثنين كان من اجل ترسيخ القناعة وعدم عرقلة التصويت.
وعقب المداخلات تم تأجيل التصويت على مقترح قانون انتخابات مجلس النواب والمقدم من اللجنة القانونية إلى يوم الاثنين المقبل. وخلال مؤتمر صحافي اليوم في بغداد قال مقرر مجلس النواب محمد الخالدي إن الخلافات على فقرات قانون الانتخابات لاتزال مستمرة بين الكتل السياسية موضحًا أن هيئة رئاسة مجلس النواب أعطت فرصة اخيرة للكتل السياسي للتوافق على قانون الانتخابات إلى يوم الاثنين المقبل. وقال إن من أهم فقرات المختلف عليها بين الكتل المقاعد التعويضية والنظام الانتخابي والكوتا والعتبة الانتخابية.
وقد اتهم المجلس الأعلى الإسلامي بزعامة عمار الحكيم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي والتحالف الكردستاني بعرقلة اقرار القانون لضمان بقائهما في السلطة. وقال النائب عن كتلة المواطن عزيز العكيلي إن كتل العراقية والمواطن الممثلة للمجلس الاعلى والاحرار الصدرية ليس لديها اعتراض على فقرات القانون لكن دولة القانون والكردستاني يعرقلان اقراره من دون توضيح اسباب ذلك.
ويطالب التحالف بزيادة المقاعد التعويضية استنادًا إلى كثافة التصويت التي تشهدها محافظات إقليم كردستان مع ضعفها في بقية المحافظات كما أنه يرغب بجعل العراق دائرة انتخابية واحدة.
ويريد التحالف الكردستاني أيضًا أن يكون توزيع المقاعد التعويضية على أساس نسبة إقبال الناخبين على الاقتراع في كل محافظة وهو ما سيضمن عدم ضياع حق إقليم كردستان الذي تكون فيه نسبة المشاركة في التصويت اعلى من باقي المحافظات.
وما زالت هذه الخلافات تعيق التصويت على القانون رغم تأكيدات نيابية بأنه قد تم الاتفاق خلال الجلسات التشاورية التي عقدت الليلة الماضية على رفع عدد مقاعد البرلمان من 325 إلى 340 مقعدا.. واجراء انتخاباته بحسب القائمة المفتوحة بدل المغلقة كما كان سابقا.. وجعل العراق 18 دائرة انتخابية بعدد محافظات البلاد الثماني عشرة.
ونص القانون على جعل كوتا الاقليات 15 مقعدا سيتم منح 5 مقاعد للمسيحيين، و4 مقاعد للايزيديين، و3 مقاعد للكرد الفيليين، ومقعد واحد للكلدواشوريين، ومقعد واحد للصابئة المندائيين، ومقعد واحد للشبك.
وسيكون هناك 30 مقعدا تعويضيا في الدورة البرلمانية المقبلة بدلا من 15 كما هو عليه الحال الان ستوزع على الكتل الفائزة في الانتخابات بحسب مقاعدها النيابية لكن الاكراد يريدون زيادة عددها.. فيما ستوزع 310 مقاعد المتبقية على المحافظات العراقية الثمانية عشر بحسب عدد سكانها. كما تم الاتفاق على جعل القاسم الانتخابي 150 ألف صوت بدلاً من 100 ألف صوت.
وسيتم توزيع هذه المقاعد التعويضية مناصفة : 15 مقعدا للاقليات و15 مقعدا لقادة الكتل السياسية لترشيح من يشاؤون لاحتلالها على ان يحسم تصويت الأغلبية طريقة احتساب الأصوات.
ووفقا للقانون الجديد فإن التصويت الخاص للقوات المسلحة لن يجري قبل الاقتراع العام كما كان معمولا به سابقا وانما سيجري تصويت قوات الامن ومنتسبي وزارة الداخلية مع التصويت العام خشية استغلاله من قبل احزاب متنفذة لكن تصويت قوات الجيش ومنتسبي وزارة الدفاع سيجري قبل الاقتراع العام بثمان واربعين ساعة.
مخاوف
وقد أثار فشل البرلمان في الاتفاق على قانون الانتخابات وتأجيل التصويت عليه لمرات عديدة تخوفات من عدم امكانية اجراء هذه الانتخابات في موعدها المحدد في نيسان (ابريل) المقبل. وأوضح برلماني عراقي في اتصال مع quot;إيلافquot; أن قانون المفوضية العليا للانتخابات ينص على ضرورة تهيئة فترة ستة اشهر لامكانية اجراء اي انتخابات ستكلف بالاشراف على اجرائها.
وقال انه لم يبق حاليا حتى اشهر ستة على موعد الانتخابات وان أي تأخير سيعرقل اجراء الانتخابات في موعدها. وأشار إلى أن المفوضية وفي حال تأخر التصويت على القانون لفترات أخرى مقبلة ستطلب حتما تأجيل الانتخابات وهو أمر ترغب به بعض الكتل السياسية المتنفذة والحاكمة.
دعوة لطرح القانون على الاستفتاء
ودعا المرجع الشيعي الشيخ قاسم الطائي إلى طرح القانون الجديد على استفتاء شعبي لما قال انها نواقص تعتريه تجعل البرلمان أسيراً لرغبات الكتل الكبيرة موضحا ان القانون هو أقرب إلى القائمة المغلقة منه إلى المفتوحة.
وقال المرجع الطائي في بيان صحافي تسلمت quot;إيلافquot; نسخة منه اليوم إن القانون المزمع الموافقة عليه من قبل البرلمان لا يختلف عما سبقه من القوانين الانتخابية المعمول بها سابقاً، والتي لم يجد العراقيون فيها إلا الوجوه نفسها تتداول السلطة مشتركة في ما بينها، ولم يحصل أكثر من ثلاثمائة نائب على الحد الأدنى من الأصوات المطلوبة، كما نقل ذلك نائب سابق في البرلمان ما يعني ان ما يقال ممثل الشعب هو ليس كذلك لأن الشعب لم يعطه الأصوات التي تسمح له بأن يكون نائباً.
وأضاف أن هذا القانون الجديد فيه من الثغرات ما لا ينبغي تمريره على المواطنين، والتي منها توزيع الفائض من الأصوات هبة على الكتل، وكل كتلة لا تصل إلى (150) الف صوت تحول أصواتها، وهو قائم على قانون حساب سكاني تخميني لا واقعي يعتمد البطاقة التموينية أساساً له ما يسهل عملية زيادة الناخبين في بعض مناطق العراق وبالتالي يستفيد أكبر عدد من المقاعد لا يتناسب مع واقعها السكاني.
وأشار إلى أن هذه النواقص تجعل البرلمان أسيرًا لرغبات الكتل الكبيرة وهو أقرب إلى القائمة المغلقة منه إلى المفتوحة ولهذا فإن هذا القانون ينبغي الرجوع فيه إلى الشعب عبر استفتاء شعبي عام وليس من خلال البرلمان quot;الذي نستغرب حتى قراءته فيه والعمل على توافقات سياسية لتمريره، ومن الضروري ان يكون للشعب صوته في تقرير مصير مستقبله والمشاركة فيه بفاعلية كبيرة، وذكرنا في مناسبات سابقة ان القضايا المصيرية ينبغي الرجوع فيها إلى الشعبquot;.
ودعا المرجع الطائي الساسة العراقيين إلى ضرورة مراجعة الأمر أو قبول الاستفتاء الشعبي.. وحذر قائلا quot;والا فمستقبل الايام لا يبشر بخير لو بقيت الأمور على ما هي عليه، اللهم أجعل بلدنا آمناًquot;.
وكان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف قد بحث الاحد الماضي مع رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي وقادة الكتل السياسية النيابية موضوع القانون وقال مؤكدا quot;إنني أحث جميع القادة السياسيين على التوصل إلى حل توافقي بشأن تبني مسودة قانون الانتخابات بأسرع وقت ممكن فضلاً عن الالتزام بالجدول الزمني للانتخابات بحسب الإطار الزمني الذي ينص عليه الدستورquot;.
وشدد بالقول quot;سوف تواصل الأمم المتحدة العمل مع كافة الكيانات والكتل السياسية لتسهيل التوصل إلى اتفاق بشأن مسودة قانون الانتخابات، وستواصل أيضاً تقديم دعمها للعملية الانتخابيةquot;.
التعليقات