ولى زمن رعب الوزراء الكويتيين من منصة الاستجواب داخل البرلمان، فالمشهد الجديد الذي بدأ يترسخ اليوم هو إصرار الحكومة على مواجهة الاستجوابات بحزم، ورفض الحلول الوسط.


عامر الحنتولي: في وقت لا يزال فيه رئيس الحكومة الكويتية الشيخ جابر المبارك الصباح خارج البلاد، في زيارة إلى العاصمة الهندية نيودلهي، بات مؤكدًا أن الحكومة الكويتية لن تطلب تأجيلًا لاستجواب رئيس الوزراء في جلسة الغد الثلاثاء، إذ إن موعد إدراج الاستجواب لرئيس الوزراء، الذي قدمه النائب رياض العدساني، يأتي قبل انقضاء مهلة الأسبوعين على تقديم الاستجواب، وهو ما يعني أن الحكومة لن تكون ملزمة بطلب تأجيل مناقشة الاستجواب، لأن المهلة المبدئية لم تنته.

دشتي صامدة
ومن المحتمل أن تتقدم الحكومة بهذا الطلب في جلسة البرلمان المقبلة، علمًا أن أوساط حكومية كويتية كشفت لـquot;إيلافquot; أن الشيخ المبارك سيصعد إلى المنصة، وسيعمل على تفنيد بنود الاستجواب، لكن ذلك لم يتقرر رسميًا كقرار حكومي، إذ أمام الحكومة أكثر من خيار دستوري للتعاطي مع استجواب الشيخ المبارك، الذي سبق له أن صعد إلى المنصة في برلمان سابق، انتُخِب وأُبطِل قضائيًا في العام الماضي.

ورغم أن النية البرلمانية تتجه نحو تقديم ثالث استجواب خلال الساعات أو الأيام القليلة المقبلة بحق وزيرة التخطيط والتنمية وزيرة الدولة لشؤون مجلس الوزراء الدكتورة رولا دشتي، عبر النائب خليل عبدالله، إلا أن الأخيرة تؤكد أنها لن تتهرّب من مسؤولياتها، وستتعاطى مع الاستجواب كأداة سياسية ودستورية راقية، إذا كان الهدف منها الإشارة إلى مكامن الخلل والأخطاء، مؤكدة أيضًا أنها لا تجزع من أي استجواب سيوجّه إليها، وأن الاستجواب حق كفله الدستور لكل نائب.

قرار المجابهة
إلى جانب الشيخ المبارك والوزيرة دشتي، فإن وزير الصحة الشيخ محمد العبدالله المبارك الصباح بدأ يتحضّر للصعود إلى منصة الاستجواب، من خلال مطالعته الدقيقة للاستجواب، الذي وجّهه إليه النائب حسين قويعان.

فقد أرسل الوزير الكويتي مذكرة إلى النائب المُسْتجوِب، يطلب منه إيضاحات بشأن بعض بنود الاستجواب، وهو ما يعني أنه بات جاهزًا للصعود إلى المنصة، إذ سبق للشيخ العبدالله أن استُجْوِب برلمانيًا حينما كان وزيرًا للإعلام في نيسان (أبريل) من العام الماضي، وتمكن من محاصرة استجواب النائب السابق حسين القلاف. يقول الشيخ العبدالله إن لكل استجواب ظروفه، وإنه لن يتردد في الصعود إلى المنصة، ولن يستقيل من الحكومة.

وتقول الناشطة السياسية الكويتية خلود الأربش لـquot;إيلافquot;: quot;مشهد تقافز الوزراء الكويتيين من سفينة الحكومة مع كل استجواب أصبح من الماضي، فوزراء الحكومة الكويتية متوجّهون نحو مجابهة البرلمان، فإما أن يقنعوا الأمة بسلامة وجدية ردودهم السياسية والدستورية، أو تُطرح الثقة بهم فيغادرون الحكومةquot;. لكن الأربش تلفت إنتباه quot;إيلافquot; إلى أن الوزراء يبتعدون عن الخيارات السهلة، quot;مثل الاستقالة قبل مناقشة الاستجواب، أو الانتقال إلى حقيبة وزارية أخرى في تعديل وزاري، ما يعني أن الوزراء قرروا العمل الجاد ولا يخشون شيئًاquot;.

الحل قائمًا
من جهته، يقول عبدالله المطيري، أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت، لـquot;إيلافquot; إن ما يشغل باله ليس الاستجوابات، بل عودة أجواء التأزم السياسي بين الحكومة والبرلمان إلى مستوى يشبه إلى حد كبير جو الأزمات السياسية بين الحكومة والبرلمانات السابقة والمنحلة دستوريًا والمبطلة قضائيًا، quot;إذ كانت المعارضة الغائبة تحظى فيها بتمثيل وازن، وكان يُعاب عليها وقتذاك أنها تعطل عمل الحكومة، وتعرقل مشاريع التنميةquot;.

ويتوقع المطيري تدخل الأمير الشيخ صباح الأحمد لوضع حد للأزمة الحكومية عبر قرار أميري بحلّ البرلمان دستوريًا إذا توسع في موضة الاستجوابات.

يشار إلى أن الحكومة الحالية تشكلت برئاسة الشيخ جابر المبارك الصباح في الأسبوع الأول من شهر آب (أغسطس) الماضي، بعد نحو أسبوعين من انتخاب البرلمان الحالي، وفيها 16 وزيرًا. وشهدت تغييرات محدودة، مع تغييرات على الحقائب السيادية التي تمثلت بعودة وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح بعد 10 سنوات من مغادرته هذه الحقيبة تحديدًا، وحل الشيخ سالم العبدالعزيز الصباح وزيرًا للمالية، وجاء مصطفى الشمالي وزيرًا للنفط، والشيخ سلمان الحمود وزيرًا للإعلام والشباب، فيما حافظ معظم وزراء الحكومة المستقيلة، وهي برئاسة الشيخ المبارك أيضًا، على مواقعهم السابقة.