أصاب اغتيال محمد شطح قوى 14 آذار ودعاة الاعتدالين السني واللبناني في مقتل، إذ كان دبلوماسي 14 آذار، ويأتي قتله في مكان وزمان دالين، على أن لا مكان للسياديين المعتدلين في لبنان.

بيروت:في التاسعة والأربعين دقيقة من صباح اليوم الجمعة، كان محمد شطح، وزير المال والاقتصاد السابق ومستشار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، في طريقه إلى بيت الوسط، لحضور اجتماع يضم أركانًا في قوى 14 آذار. لكنه لم يصل. فعلى بعد أمتار قليلة من بيت الوسط، قتل شطح بانفجار سيارة مفخخة استهدفت سيارته، وقتلته مع مرافقه.
رمزية لافتة
لم يكن شطح يتجول في البلد بمرافقة، أو بموكب مهيب، بل بسيارة وحيدة، إذ توهم أن يد القتل لن تمتد إليه بعدما عرف عنه من اعتدال في الموقف، وعقلانية في التفكير، وانفتاح على جميع الأطراف، وتخصص في الاقتصاد، ومناداة بوقف النزف، من دون تخلٍ عن ثوابته الوطنية، وثوابت تيار المستقبل، الذي ينتمي إليه. فقبل نحو ساعة من مقتله، غرّد الراحل على صفحته بموقع تويتر قائلًا: quot;حزب الله يهول ويضغط ليصل الى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدة 15 عامًا: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الامن والسياسة الخارجيةquot;.
قتل شطح على بعد عشرات الأمتار فقط من موقع اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، وقبل عشرة ايام تقريبًا من انطلاق أول جلسة في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، بمحاكمة غيابية للمتهمين، الذين ينتمون جميعًا لحزب الله. وهذا ما يرسم الكثير من علامات الاستفهام حول معنى قتل رجل معتدل في هذا الوقت بالذات.
القتلة نفسهم
وقد نعى سعد الحريري الراحل شطح ببيان صدر عن مكتبه في بيروت، هذا نصه: quot;إنها رسالة إرهابية جديدة لنا، نحن أحرار لبنان في تيار المستقبل وقوى ١٤ آذار. إنه الحقد بعينه على أي إنسان يحمل رايات الرئيس الشهيد رفيق الحريري وينادي بقيام دولة لا شريك لها في القرار الوطني. إرهابيون وقتلة ومجرمون يتوسلون التفجير والسيارات المفخخة وكل أدوات الحقد والكراهية لاصطياد أحرار لبنان واحدًا تلو الآخر. إرهابيون وقتلة ومجرمون يواصلون قتلنا أمام بيوتنا ومكاتبنا وفي مدننا وساحاتنا وشوارعنا، كما قتلوا رفيق الحريري وكل شهداء انتفاضة الاستقلال، وها هم قد نالوا هذا الصباح من رفيق دربنا وشريكنا في الإرادة الصلبة والكلمة الطيبة ومسيرة الدفاع عن لبنان والدولة القرار الوطني المستقل الأخ الدكتور محمد شطحquot;.
أضاف البيان: quot;الموقعون على الرسالة لا يخفون بصماتهم. ولن يتوقفوا عن سلوك طريق الإجرام والإصرار على جر لبنان الى هاوية الفتنة، طالما هناك في لبنان من يغطي هذه الجرائم ويطالب بدفن الرؤوس في الرمال، ويبرر انتشار السلاح وقيام التنظيمات المسلحة على حساب الدولة ومؤسساتهاquot;.
وتابع بيان الحريري: quot;الذين اغتالوا محمد شطح هم الذين اغتالوا رفيق الحريري، والذين يريدون اغتيال لبنان وتمريغ أنف الدولة بالذل والضعف والفراغ. المتهمون بالنسبة لنا، وحتى إشعار آخر، هم أنفسهم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية، ويرفضون المثول امام المحكمة الدولية، إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين، ويستدرجون الحرائق الإقليمية الى البيت الوطنيquot;.
معتدلون رغم القتل
يضع النائب عاطف مجدلاني، عضو كتلة المستقبل النيابية، هذا الاغتيال في إطار إعادة لبنان إلى منزلة صندوق بريد إقليمي للرسائل المتفجرة المتبادلة. وقال لـquot;إيلافquot; إن شطح منزعج من اعتدال تيار المستقبل، ومن المواقف الوطنية التي تعتمدها قوى 14 آذار التي تحمي باعتدالها سيادة لبنان وحريته واستقلاله. أضاف: quot;أرادوا تفجير الاعتدال، وقتل كل أمل بتحقيق العدالة، قبل ايام قليلة من افتتاح موسم المحاكمات الدولية في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، في محاولة لثنينا عن مساعينا نحو الحقيقة الكاملة والعدالة الكاملةquot;. وأيّده تمامًا النائب السابق مصطفى علوش، عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل، في أن الجريمة استهداف لخيار الاعتدال السني اللبناني، متهمًا النظام السوري وأزلامه اللبنانيين المخلصين، باغتيال شطح. وقال لـquot;إيلافquot;: quot;العدالة قادمة، ومسلسل التفجيرات لن يثني المستقبل عن المضي قدمًا في خياراته، وهذه رسالة لسعد الحريري كي لا يعود إلى لبنان، ولتبقى الساحة السنية خالية أمام التشدد، الذي صار مبررًا لوجود حزب الله وتورطه في سورياquot;.

طواحين هواء
وتعترف قوى 14 آذار أن مقتل شطح أصابها في الصميم. فمعروف عنه أنه كان يجترح الحلول من العدم، ويطلق المبادرات كلما ضاق الخناق على البلد، بفضل اتصالات الجيدة بجميع أطراف المعادلة اللبنانية الساخنة، حتى أطلق عليه اسم quot;دبلوماسي ثورة الأرزquot;.
يقول النائب أنطوان زهرا، عضو كتلة القوات اللبنانية، إن قتل شطح استمرار لمسلسل استهداف السياديين في البلد، الذين يتصدون بعزم لفكرة استسلام لبنان لقبضة التشدد والأصولية، من أي جهة أتت، quot;وهو يأتي قبل أيام من انطلاق عمل المحكمة الدولية لصرف النظر عنها بأي وسيلة، وإلهاء لبنان واللبنانيين بهاجس الأمن، وكأننا عدنا أدراجنا إلى العام 2005 وما بعده، وتخييرنا بين أمننا وسياداتنا، أما من يدعي محاربة الارهابيين والتكفيريين في سوريا دفاعًا عن لبنان، فيبدو أنه مصر على إفراغ البلد من السياديين المعتدلين، لتبقى طواحين الهواء التي يحاربها مبرره للتمسك بسلاحه، وتورطه خارج الحدود اللبنانيةquot;.
ورأى النائب نبيل دو فريج، عضو كتلة المستقبل، أن التطرف يزداد في لبنان، quot;والتطرف من جهة يزيد التطرف في الجهة المقابلةquot;. وقال في حديث متلفز إن انخراط حزب الله في سوريا لم يأت الا بالويلات على لبنان، وإن استهداف شطح استهداف للرمز الأكبر للإعتدال في لبنان، quot;وكان الشهيد لديه مواقف سياسية، ودعا في آخر مقابلة له الى تحييد لبنان عن كل الأزمات الخارجيةquot;.
اضاف: quot;يشير موقع الإنفجار الى رسالة من الفاعلين، مفادها ان رئيس التيار الإعتدالي سعد الحريري يمكن الوصول إليه ايضًاquot;.