صار رتشارد برانسون أول ملياردير بريطاني يعلن استعداده للتبرّع بمعظم ماله من إمبراطوريته laquo;فيرجينraquo; للأعمال الخيرية حول العالم. وهو بهذا ينضم إلى مبادرة إنسانية هائلة يقف وراءها المليارديران الأميركيان وارين بافيت وبيل غيتس.


لا يمكن القول إن السير رتشارد برانسون يضارع أسماء من أمثال المكسيكي كارلوس سليم والأميركييْن وارين بافيت وبيل غيتس، بسبب أن ثروته الشخصية لا تتعدى 4.2 مليار دولار، وحتى داخل بريطانيا، فهو يأتي في المرتبة الرابعة على قائمة أثرى أثرياء البلاد.

قارِن أموال برانسون بما تملكه تلك الأسماء الكبيرة نفسها: كارلوس سليم (69 مليارًا)، بيل غيتس (61 مليارًا)، ووارين بافيت (44 مليارًا). لكن الملياردير البريطاني لا يقلّ شهرة عن أي من هؤلاء بسبب انطلاقه في سماء المال من لا شيء تقريبًا في 1970 وهو في سن العشرين، ووصوله إلى بناء إمبراطورية Virgin Group laquo;مجموعة شركات فيرجينraquo;، التي تملك اليوم 400 مؤسسة وشركة، تقدم خدماتها إلى الناس حول العالم في مختلف احيتاجاتهم.

تسيير رحلات فضائية تجارية
ساهم أيضًا في شهرة هذا الرائد أنه يطمح إلى أن يصبح أول جهة تسبر الفضاء الخارجي برحلات تجارية قد تصبح متاحة للجميع في يوم ما. كما إن العالم عرف عنه أنه عاشق لكسر الأرقام القياسية في مختلف الأنشطة التي تدخل في مضمار المغامرات الخطرة، مثل محاولته الدوران حول العالم على منطاد وعبوره المحيط الأطلسي على زورق سريع... وهكذا دواليك.

الآن تأتي الأنباء في الصحف البريطانية بأن برانسون قرر السير على طريق مجيد شقّه المليارديران وارين بافيت وبيل غيتس وأعلن أنه سيتبرع بمعظم ثروته للأعمال الخيرية. وكان الأميركيان قد أنشآ (بمبادرة من بافيت) ما يسمى laquo;حملة الوعد بالعطاءraquo; التي حثّت كل أثرياء العالم على وهب ثرواتهم للأعمال الخيرية، سواء خلال حياتهم أو بعد وفاتهم.

عالم جديد معافى
والخبر الوارد الآن هو أن برانسون كتب خطابًا مشتركًا مع زوجته، جوان، إلى القائمين على شؤون الحملة. وجاء في هذه الرسالة إنهما يرغبان في توظيف أموالهما الطائلة من laquo;مجموعة شركات فيرجينraquo; من أجل laquo;خلق عالم جديد معافى تتمتع فيه الأجيال المقبلة بالعدالة والسلامraquo;.

وقالا إنهما توصلا إلى قناعة بأن laquo;المال والماديات لا تملك القدرة على ضمان السعادة، وإنما الذي يأتي بها حقًا الصحة والأسرة والأصدقاء والرضا النفسي النابع من المشاركة الإيجابية في تغيير حياة الناس عمومًا إلى الأفضلraquo;.

وأضافا قولهما: laquo;لحسن الطالع فإن ابنينا، اللذين سيصبحان الوارثين الرئيسين لثروتنا، يتفقان معنا بالكامل في هذا الموقف. ولذا فقد قررنا أن نخصص لذلك الغرض معظم أموالنا من مجموعة شركات فيرجين في استثمارات تعود بما ينفع الناس عمومًا في الدنياraquo;.

يذكر أن laquo;حملة الوعد بالعطاءraquo; تأسست قبل ثلاث سنوات على أيدي وارين بافيت وبيل غيتس وزوجته ميليندا. وفي غضون أشهر قليلة تمكنت من الحصول على وعود من 30 مليارديرًا أميركًا بتبني منهاجها وأغراضها. ولا تقبل الحملة الأموال من أولئك الأثرياء، وإنما تطلب إليهم الالتزام الأخلاقي بأن يخصصوا أموالهم أو القدر الأكبر منها للأعمال الخيرية.

الأثرياء الأميركيون... أولًا
ورتشارد برانسون ndash; إضافة الى كونه أول بريطاني يسير على هذا الطريق - فهو من أوائل المليارديرات الذين ينضمون إلى هذه الحملة من خارج الولايات المتحدة، حيث قرر بافيت وغيتس أن يكون التركيز في المراحل الأولى على الأثرياء الأميركيين.

يبرز في قائمة المليارديرات laquo;الأجانبraquo;، إضافة إلى برانسون، ملياردير الاستثمارات الروسي فلاديمير بوتانين، وامبراطور الإعلام الأوكراني فيكتور بينتشوك. كما إن من بين الأسماء الشهيرة، التي وعدت بتخصيص قطاع كبير من ثرواتها، مارك زوكربيرغ (مؤسس laquo;فايسبوكraquo;)، والمخرج - المنتج الهوليوودي جورج لوكاس، صاحب سلسلة أفلام laquo;حرب النجومraquo;، إضافة إلى تيد تيرنر، مؤسس شبكة laquo;سي إن إنraquo; الإخبارية المعروفة عالميًا.

إحصاءات
برغم انفجار ما يسمى laquo;فقاعة الدوت كومraquo; - في إشارة إلى الشركات الهائلة التي تأسست على الإنترنت، وعادت على أصحابها بأموال طائلة، لكنها تبخرت فجأة في الهواء بفعل عوامل عدة، تضافرت لتخلق الأمة المالية العالمية الأخيرة ndash; فقد تمكن المليارديرات من مضاعفة ثرواتهم مرات عدة.

ففي العام 2000 كان إجمالي ثروات هؤلاء يقارب يبلغ 898 مليار دولار، (بمليارين دون عتبة الترليون). لكنه قارب الضعف في العام التالي ليصل إلى 1.8 ترليون. وفي 2005 تجاوز المليارين للمرة الأولى فبلغ 2.2 ترليون. وظل الرقم منذ ذلك الوقت في صعود وهبوط، لكنه تجاوز الأربعة ترليونات في 2011 (4.5 ترليون)، ليبلغ 4.6 ترليون بنهاية العام الماضي. وهذه ثروة يعتقد أنها تشكل 98 في المئة من حجم الأموال المتداولة بين بقية الناس في العالم بأسره.

في حال تمكنت laquo;حملة الوعد بالعطاءraquo; من إقناع أولئك الذين أوتوا هذه الأموال الخرافية، التي لا تحلم بها غالبية دول العالم، فإن هذا وحده كفيل بحل العديد من المشاكل التي تطحن البشر في مشارق الأرض ومغاربها.