يحتفل المسلمون الأميركيون بعيد الشكر تفاعلًا مع مجتمع صاروا منه وفيه، مستترين بمألوفه، من غير أن يؤثر ذلك في باطن إيمانهم، وقناعتهم بما يؤكده إمام جامع في أميركا عن عيدين فقط للمسلمين، الأضحى والفطر.
ليس غريبًا أن يُحرّم رجل دين مسلم مشاركة الأميركيين في إحتفالهم بعيد الشكر، لكن الغريب أن يصدح بهذا الرأي إمام مسجد دار الهجرة، المركز الأسلامي الأكبر في الولايات المتحدة الاميركية.
فالشيخ شاكر السيد، الذي يصلي خلفه ثلاثة آلاف مصلٍ في كل يوم جمعة، لم يكترث لردة فعل الأميركيين تجاه رأيه الفقهي الرافض قطعًا الإحتفال بعيد الشكر. وقال لـquot;إيلافquot;: quot;عيد الشكر صنيعة الغرب، ولا أعياد في الإسلامسوى عيدي الفطر والأضحىquot;، مشددًا على أن مسلمي أميركا غير مجبرين على الإحتفال بعيد لم يأمر به الله.
عودوا إلى سنة الرسول
تأتي تصريحات السيد حول عيد الشكر وسط صورة نمطية، تكونت في ذهن المواطنين الأميركيين، تظهر الجالية المسلمة فاشلة في الإندماج ببقية اطياف الشعب الأميركي، الذي يُعتبر تنوعه العرقي والديني والثقافي من أهم العوامل القوية التي ترتكز عليها الولايات المتحدة.
قال في حديثه لـquot;إيلافquot;: quot;لا نحتفل بفتح مكة ويوم بدر ومولد النبي وبعثته ووفاته، على عظمة هذه الأيام، بل نحتفل بعيد الفطر اتمامًا لفريضة الصوم، وعيد الأضحى تسليمًا بأمر الله، أما عيد الشكر فصنيعة الغرب، ولا علاقة له بالإسلامquot;.
وحث امام مسجد quot;دار الهجرةquot;، الذي يقع في مدينة فولس شيرش بولاية فرجينيا، الجالية الإسلامية على عدم مشاركة الاميركيين فرحتهم بعيد الشكر، مطالبًا إياهم quot;بالرجوع إلى سنة الرسول في المدينة المنورة، الذي أكد على الاحتفال بالعيدين فقط عندما وجد الناس يحتفلون بأيام يقدسها اليهود والجاهليةquot;.
ظاهرٌ وباطن
أصل عيد الشكر أن أكثر من أربعمائة شخص استقلوا قارباً في العام 1620، وأبحروا من إنكلترا عبر المحيط الأطلسي ليستقروا في القارة الأميركية المكتشفة حديثًا. استقر بهم المقام في ما يعرف الآن بولاية ماساتشوسيتس، ومر عليهم الشتاء الأول صعباً. فلم يكن لهم ما يزرعونه، ولا مياه صالحة للشرب، ما أدى إلى وفاة الكثيرين منهم.
وبعد انقضاء الشتاء، تعلم هؤلاء الزراعة وصيد الحيوانات والأسماك ممن يعرفون بالهنود الحمر، وهم سكان أميركا الأصليون. وفي خريف العام 1621، حصدوا ما زرعوه فأصابوا منه خيراً وفيراً، ففكروا في إقامة وليمة شكر لـ لله على ذلك، ودعوا زعيم الهنود الحمر وآخرين، وأقاموا حفلًا على نية الشكر.
ومنذ ذلك الحين، صار ذلك عادة لهم في كل خريف، إلى أن استقلت أميركا، فأوصى مجلس شيوخها بجعل الخميس الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من كل عام عيداً للشكر يحتفل به الأميركيون.
وعلى نسيج هذه الرواية، ثمة مسلمون يعارضون السيد في فتواه، ويقولون إن الاسلام شرع للعبد سجدة الشكر عند تجدد النعم. تغريد الراعي مسلمة أميركية تعيش في نيويورك تقول: quot;على الرغم من أن السجدة ليست يوم عيد، وأن في ذلك بدعة، لكننا نستتر بالمألوف، فيكون الاحتفال في منزلنا عشاءً عاديًا، ولو أكلنا الديك الرومي - الحلال طبعًا - فلا نتشبه بالأميركيين إلا من حيث الشكل، ومن حيث الرغبة في تفاعل إجتماعي ظاهري ليس إلا، ويبقى الباطن باطنًاquot;.
وتشير الراعي إلى أن ميزة أميركا quot;حرية التعبير الديني، فلا أحد يلزمنا بالاحتفال، لكن من الجيد الاجتماع العائلي بمناسبة ومن غير مناسبة، فكيف بالحري إن كان الأمر عامًا في كل البلاد التي نعتبرها بلادنا؟quot;
لا صلة لنا
سخر الشيخ شاكر السيد من تفاعل بعض المسلمين مع مواطنيهم الأميركيين بعيد الشكر، وقال: quot;الحكومة الأميركية لا تدعو المواطنين إلى الاحتفال بعيد الشكر، فهو مناسبة اجتماعية تجتمع فيها العائلة، وسياسية إذ يحتفل الأميركي الأبيض بإنتصاره على الهنود الحمر، ودينية يزعم فيها الأميركي بأنه يشكر الله بذبح الديك الرومي وأكله، ولا صلة لنا كمسلمين بكل هذه المناسباتquot;.
وتتفق مع السيد، الذي يصلي خلفه ثلاثة آلاف مصلٍ، غالبية ابناء الجالية الإسلامية في الولايات المتحدة، إذ لا يحتفل بعيد الشكر، إلا الجيل المسلم الجديد، والذي تجمعه علاقات صداقة مع الأميركيين اكتسبها خلال دراسته. فيما يعتبره آخرون فسحة لأخذ قسط من الراحة ولقاء العائلة، لا سيما أنه يوم عيد وطني تمنح فيه الحكومة الفيدرالية جميع موظفيها إجازة رسمية ليومين.
التعليقات