يهلّ عيد الاضحى المبارك في وقت يأمل فيه العراقيون أن يستتب الأمن وأن تنقشع ذكريات أليمة لأعياد ماضية، ذهب الفرح فيها ضحية الفوضى الامنية والخلافات السياسية.

بغداد: أظهر استطلاع أجرته quot;ايلافquot; بين العديد من العراقيين أن أغلبهم يعتبر الهم السياسي هو الغالب حتى في الاعياد، وأن امنياتهم بمناسبة عيد الاضحى المبارك تتجسد في اصلاح الوضع السياسي والاتفاق بين السياسيين، الذين يسبحون في نعيم مكاسبهم المالية واجازاتهم خارج البلاد، من دون التفكير بحل الازمة السياسية ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات.
وتدل مظاهر الحياة اليومية على أن العراقيين يستقبلون عيد الاضحى بقلق من التفجيرات أو الأزمات السياسية التي تعكر مزاج الناس وتدفع بهم إلى اليأس، وعدم الاهتمام بالتحضيرات للعيد.
عودة إلى الجذور
تأمل أم سعد ( 44 عامًا) أن يقترن عيد الاضحى هذا العام باستعادة جزء من العادات والطقوس المليئة بالأفراح والمسرات، مشيرة إلى أن العراقيين بدأوا يسترجعون ذكريات أفراحهم، متجاوزين فترة حروب عصيبة مرت بحياتهم غيرت الكثير من عاداتهم وتقاليدهم.
وفي الوقت نفسه، يحرص مواطنون على الحفاظ على طقوس قديمة مستمدة من ارثهم الثقافي، تبدو شبه معدومة اليوم إذ حلت محلها مظاهر التمدن والحداثة.
أبو حيدر ( 40 عامًا ) معلم متقاعد، يؤكد أن جل أمانيه أن يتحقق الامن والسلام في ربوع العراق، وأن تعود بهجة العيد حين كان الناس ينعمون بالهدوء والاستقرار وبساطة العيش. يقول: quot;بدأنا نستعيد بعضًا من إرثنا الثقافي وتقاليدنا، اذ تسعى الاسر إلى تبادل التهاني، كما يتوجه كثيرون إلى المساجد لأداء صلاة العيدquot;.
ويتابع: quot;ما زال كبار السن ملتزمين بذلك، لكن ظاهرة الحداثة اسهمت في صد الشباب عن أداء واجباتهم الدينية والاجتماعية في العيدquot;.
السياسيون بعيدون عن الشعب
يرى التاجر جميل البياتي أن القوى السياسية في العراق لا تعبأ بمثل هذه المناسبة الا بالقدر الذي يتعلق بمصالحها، ودليله على ذلك أن اغلب السياسيين يقضون اجازاتهم الخاصة بطريقة تدل على الترف بالسفر إلى خارج العراق، أو الترفع عن الشعب عبر حفلات وولائم خاصة تثير انتقاد الشارع العراقي.
يضيف: quot;لم يعد المواطن العراقي يشعر بأن السياسي قريب منه، لا سيما في ايام العطل والاعياد، فهو يسمع ويرى عبر وسائل الاعلام سلوكيات الترف والمتعة التي توفرت لأولئك السياسيين من اموال الشعبquot;.
ويقول هيثم الجنابي، وهو صاحب مخبز: quot;ليس من سياسي عراقي يقترب من الشعب وينزل إلى ساحاته الا في زمن الانتخاباتquot;.
ويرى عمار صاحب أن الشعب العراقي يهنّئ بعضه البعض في عيد الاضحى لكنه لا يهنّئ السياسيين. يتابع: quot;لدينا طبقة سياسية مترفعة ولها عيدها الخاص الذي تقضيه خارج العراق أو في حفلات خاصة وبين مقربين ومحضيين أثروا على حساب الشعبquot;.
ويدعو المدرس نعيم عبد الساسة العراقيين إلى استغلال مناسبة العيد للتصالح مع الشعب.
الهم السياسي طاغٍ
يظهر استطلاع quot;ايلافquot; أن أغلب العراقيين يعتبرون الهم السياسي هو الغالب، لا سيما بين النخب المتعلمة والمثقفة اذ يعتبرون اصلاح الوضع السياسي والاتفاق على برنامج سياسي هو خارطة الطريق نحو التقدم .
فالباحث و الاكاديمي سعدون حسن ينقل وجهة نظر الكثير من العراقيين، الذين يأملون أن توفر مناسبة العيد فرصة لكي يتفق القادة السياسيون على برنامج عمل سياسي، يساهم في تحقيق الانجازات الاقتصادية والاجتماعية للعراقيين.
ويتمنى كريم العذاري، وهو موظف في مصرف، في العيد إطلاق حملة وطنية يقودها الزعماء لانجاز الخدمات المهمة بأسرع وقت ممكن، و محاسبة رموز الفساد. يقول: quot;تدور أحاديث العيد في اللقاءات والتجمعات حول الخلافات السياسية والفساد ونقص الخدمات، وقد تأمّلنا في العيد السابق أن تحدث تغيّرات جوهرية على صعيد الاتفاق السياسي لكن الذي حصل هو العكس تمامًا، فما زالت مظاهر الفساد المالي والاداري تلقي بثقلها على المواطن العراقيquot;.
ويؤكد العذاري أن العراقيين quot;ما زالوا يقلقون من انفجار مفخخة أو عمل ارهابي في أي لحظة حين يخرجون إلى المتنزهات في الاعياد، وهذا يعني أن العراقي لا يثق بمستقبله، وهذه مسؤولية يتحملها السياسيون بالدرجة الاولىquot;.
وتحمل أمنية كريم الاسدي (مدرس تاريخ) همًا سياسيًا أيضًا، إذ يتمنى أن يسود الاستقرار في جميع أنحاء العراق، وان تتوحد القوى السياسية نحو هدف واحد هو خدمة المواطن.