يحذّر تربويون وخبراء عراقيون في علم الاجتماع من ظاهرة انتشار الحبوب المخدرة بين الشباب بين 17 الى 23 عامًا، ومن بدء انخفاض سن تعاطى المخدرات الى 13 عامًا، خصوصًا أنها تباع أحيانًا في الصيدليات على شكل أدوية مهدئة.

بغداد: يصر عدد كبير من متعاطي الحبوب المخدرة في العراق على تبرير تعاطيهم هذا بمبررات يظنونها شرعية، كالقول إنها تنشط الذاكرة، لا سيما في أيام الاختبارات المدرسية، وتزيل القلق الناتج عن الفوضى الامنية والتفجيرات.
الطالب احمد الخفاجي (20 سنة) يقول إنه يتناول الحبوب لأنها تزيل التوتر والقلق الذي ينتابه اثناء الامتحانات. وعلى الرغم من أنه ادمن الحبوب بعد طول استعمالها، الا أنه ينكر حصول أي اعراض سلبية جراء تناولها. وبحسب الخفاجي، فإن الكثير من الشبان يتناولون الحبوب المخدرة لأسباب شتى، إذ يطلق البعض عليها اسم حبوب النشوة، لأنها تمنح الإنسان شعورًا بالراحة والارتخاء. وهو يطلق على حبوب الأرتين، الأكثر شيوعًا بين الحبوب المخدرة، اسماء غريبة مثل أبو الصليب والدموي وأبو الطرة. كما تنتشر أيضًا، على ذمة الخفاجي، حبوب الترامودول المخدرة بين الشباب.
هلوسة ضد القلق
المدرس أمين حميد يؤكد انتشار الظاهرة بين طلاب المدارس، مشيرًا إلى أن إدارة مدرسته تصادر من جيوب الطلاب في أوقات مختلفة شتى انواع المخدرات والسجائر. يقول: quot;اثناء الاختبارات في العام الماضي، صودرت عقاقير هلوسة وحبوب كبتاجون، فالبعض يؤمن حازمًا بأن هذه الحبوب تساعده على التركيز في الامتحانات وعلى إزالة القلقquot;.
لا يتردد الطالب كامل حسين في التأكيد على أن هذا القول صحيح، فثمة عقاقير يتعاطاها الطلاب لتساعدهم على المذاكرة والحفظ والاستيعاب.
يرى الباحث الاجتماعي حسين سيف الدين أن الظاهرة موجودة بصورة خاصة بين المراهقين العاطلين عن العمل، يمكن رصدهم في تجمعات صغيرة في الاحياء ومراكز المدن والساحات العامة، وغالبًا ما تكون تصرفاتهم مثيرة للانتباه، مثل الجهر بالصوت العالي عبر الغناء أو التحرش بالنساء.
ويتوافق قول سيف الدين مع تأكيد أحمد الصافي، ممثل المرجعية الدينية في كربلاء، على تفاقم انتشار الحبوب المخدرة بشكل يدعو الى القلق.
من الصيدليات مباشرة
تؤكد إحصائيات وزارة الصحة العراقية ازدياد حالات الإدمان إلى أكثر من 20 في المئة، فيما يقول مدير برنامج مكافحة المخدرات في العراق سيروان كامل إن عدد المدمنين في كل محافظة يشكل نحو خمسة في المئة من مجموع السكان.
وما شجع على انتشار الظاهرة سهولة الحصول على الحبوب المخدرة من مصادر شتى. ففي كل واحدة من مدن العراق، هناك موزعون يتعاملون بحذر وسرية مع العملاء، وفي بعض الاحيان يمكن الحصول عليها من الصيدليات مباشرة.
يؤكد الطالب الجامعي رعد هادي (19 سنة) أنه يحصل على الحبوب المخدرة من تجار الارصفة، إضافة إلى عملاء يتعاملون مع متاجر الادوية.
وليس التهريب هو المصدر الوحيد للحبوب، فهناك أدوية مزدوجة الاستخدام، مخصصة لمعالجة الاضطرابات النفسية والصرع، لكن يُساء استخدامها كمادة مخدرة.
غير فعالة
يقول توفيق الخزرجي، وهو ضابط شرطة مجتمعية، إن وتيرة استخدام الحبوب المخدرة في تصاعد بحسب الحوادث المسجلة، ونتائجها الوخيمة من حالات انتحار وحوادث طرق تتزايد بسرعة.
يضيف: quot; تبذل الجهات الأمنية المختصة بمكافحة المخدرات ما بوسعها للحد من الظاهرة، لكن اجراءاتها غير فعالة، اذ لا تمنع عمليات الملاحقة والمطاردة التي تقوم بها التجار والمروجين، فالظاهرة تزداد وتيرتها بسبب كميات الحبوب المتزايدة التي تضخ في سوق الاستهلاكquot;. يتابع: quot;لا يمر أسبوع الا وتلقى الاجهزة الامنية على كميات من عقاقير التخدير والهلوسة ناهيك عن المخدراتquot;.
أخطر من الإدمان
يشير الطبيب النفسي صالح الهاشمي إلى إصابة شاب عشريني بالهلوسة، وعدم القدرة على التفكير السوي، بعدما أدمن الحبوب المخدرة، فلم يعد قادرًا على قضاء يومه من دونهاquot;.
ويقول: quot;في مثل هذه الحالة، منع الحبوب عن متعاطيها بصورة مفاجئة أمر اخطر من الادمان، وربما يؤدي الى الجنون أو الانتحارquot;. ويوضح أن الكثير من الفتيات في العراق يلجأن إلى عيادته في الأوقات الصعبة، لا سيما أيام الاختبارات، وأوقات الفوضى الامنية، بغية الحصول على أدوية مهدئة.
ويؤكد الهاشمي أن هناك الكثير من الأدوية التي تساعد على ذلك، لكن اللجوء مباشرة إلى الحبوب المخدرة أمر فائق الخطورة، مشيرًا إلى معاناة الكثير من الأسر من ظاهرة تناول الابناء لهذه الحبوب المخدرة، داعيًا إلى نشر الوعي في مخاطر هذه الظاهرة.