بلغت ايطاليا الثلاثاء مأزقًا سياسيًا مقلقًا بالنسبة الى باقي أوروبا من دون فائز واضح في انتخاباتها التشريعية، كما اقر زعيم يسار الوسط بيير لويجي بيرساني الذي فتح الباب للحركة المعارضة التي يقودها الكوميدي السابق بيبه غريلو.
روما: تحدث مرشح اليسار لمنصب رئيس الوزراء للمرة الاولى منذ اعلان النتائج واظهر انفتاحًا نحو حركة quot;خمس نجومquot; التي احدثت مفاجأة كبيرة بفوزها بربع مقاعد البرلمان الايطالي.
واثار بيرساني قضايا سبق أن ركزت عليها خمس نجوم مثل اصلاح المؤسسات والاخلاق والدفاع عن الفقراء، داعيًا بيبه غريلو الى أن يقول quot;ما يريده بالنسبة الى البلادquot;.
ونبّه بيرساني الى أن اليسار سيطرح اقتراحاته امام البرلمان quot;حيث على كل طرف أن يتحمل مسؤولياتهquot;.
من جهته، اعلن بيبه غريلو أن حركة خمس نجوم لا ترغب في التحالف مع أي حزب بل ستصوت على الاصلاحات في البرلمان بحسب كل حالة على حدة.
وصرّح للصحافيين quot;سنرى، اصلاح تلو الآخر وقانون تلو الآخر. اذا كانت هناك اقتراحات تنسجم مع برنامجنا سنقوم بتقييمهاquot;.
وتؤشر هذه التصريحات الى امكان تأييد مشاريع القوانين التي ستقدمها حكومة يسارية، من دون اتفاق رسمي على ائتلاف مع يسار الوسط الذي يتمتع بغالبية صلبة في البرلمان. وفي حال انضموا الى زملائهم في اليسار، فإن اعضاء مجلس الشيوخ الـ54 المنتمين الى حركة خمس نجوم سيتيحون تأليف غالبية في هذا المجلس.
لكن الخبير السياسي ستيفانو فولي اعتبر أن اقتراح بيرساني quot;غير واضح الى حد بعيدquot; وقد يفضي الى quot;حكومة اقلية تتعرض لاخطار شتى في البرلمانquot;.
وعلق بيرساني quot;ندرك الطابع المأسوي للوضع والاخطار التي تواجهها البلادquot;.
وتعاملت الاسواق المالية بسلبية بالغة مع هذا المأزق الحكومي في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو. وفي هذا السياق شهدت بورصة ميلانو يومًا أسود واغلقت على تراجع ناهز خمسة في المئة.
واكدت المفوضية الاوروبية أنها تلقت quot;الرسالة القلقةquot; التي وجهها المواطنون الايطاليون، داعية روما الى quot;الوفاء بالتزاماتهاquot; المالية والاصلاحية.
واعرب وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي عن الامل في أن تشكل quot;سريعاًquot; حكومة quot;مستقرةquot; في ايطاليا لمواصلة سياسة الاصلاحات quot;التي تصب في مصلحة كل اوروباquot;، في حين اكدت المستشارة انغيلا ميركل أن quot;ايطاليا ستجد طريقهاquot;.
والخاسر الاكبر في الانتخابات الايطالية هو نفسه من كانت اوروبا تعول عليه، اذ لم يحصد ماريو مونتي سوى عشرة في المئة من مقاعد البرلمان.
واعرب مونتي عن ارتياحه لنتائج حزبه الوسطي كونه تأسس قبل شهرين، داعيًا الى العمل على تشكيل الحكومة.
واكد مستشاروه أنهم يراهنون على فرضية تشكيل quot;ائتلاف واسعquot; يضم الحزب الديموقراطي اليساري لبيير لويجي بيرساني وحزب شعب الحرية لسيلفيو برلوسكوني وحزب مونتي الوسطي.
لكن غريلو ندد بهذه الفرضية عبر مدونته واعتبرها quot;نسخة مكررة لحكومة مونتيquot;.
اما برلوسكوني الذي حسن موقعه في شكل لافت فبدا مستعدًا للتحالف مع اليسار لكنه رفض في المقابل أي اتفاق مع مونتي.
ورأى مدير مجلة quot;ميكروميغاquot; السياسية باولو فلوريس داركيس أن اليسار quot;قد يتوصل الى اتفاق مع غريلو عبر اعطائه رئاسة احد المجلسين مع اقتراح حكومة تضم عدداً كبيراً من التقنيينquot; وتطبق برنامجًا quot;مشتركًا لا يخلو من تطلعات اليسار التقليديةquot;.
ولم يجد ماورو كالابريزي مدير صحيفة quot;لا ستامباquot; حلاً آخر سوى quot;ايجاد نقاط التقاء بين الاحزاب التقليدية ونواب (حركة) خمس نجوم الجددquot;. وقال quot;ينبغي التعامل مع هؤلاء كطاقة وليس كعدوquot;.
ويبقى المصير السياسي لايطاليا بين يدي الرئيس جورجيو نابوليتانو الذي قد يعتبر هذا الوضع غير مستقر تمامًا ما يدفعه الى تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية قبل اجراء انتخابات جديدة.
وشدد نابوليتانو الذي يزور ميونيخ في جنوب المانيا على ضرورة quot;البدء بتشكيل حكومة جديدة على اساس بناءquot;، وقال quot;انا واثق بأننا سننجح في ذلك لما فيه المصلحة المشتركةquot;.
التعليقات