يجري التحقق الحثيث في صحة التقارير التي تحدثت عن استخدام أسلحة كيميائية في سوريا. فإذا تأكدت صحتها، سيدفع استخدام هذه الأسلحة الفظيعة الحرب الأهلية في سوريا إلى مرحلة جديدة مخيفة، أيًا كان الطرف المبادر إلى ذلك.


كان الرئيس الاميركي باراك اوباما وضع شرطًا واحدًا اتخذه معيارًا لتعاطيه مع الأزمة السورية، حين أعلن أن استخدام نظام الرئيس بشار الأسد أسلحة كيميائية خط أحمر، يعني عبوره تدخل الولايات المتحدة مباشرةً في النزاع. لكن الدليل على استخدامها يجب أن يكون واضحًا لا يقبل اللبس، قبل القيام بأي عمل. ونقلت صحيفة دايلي تلغراف عن محللين أمنيين أن التدخل العسكري من دون خريطة طريق واضحة لتحديد الجهة المسؤولة عن استخدام اسلحة كيميائية سيوقع الدول الغربية التي تدعم المعارضة السورية في مأزق كبير. ومن شأن غياب الدليل القاطع على أن النظام وليس المعارضة هو المسؤول أن يتسبب بانقسام العالم، بحسب هؤلاء المحللين، الذين أشاروا إلى أن شبح الفشل الاستخباراتي في حرب العراق التي تمر ذكراها السنوية العاشرة هذه الأيام سيلاحق أي قرار بالتدخل في سوريا.

اتهامات متبادلة

في الوقت نفسه، لا يمكن للحكومات الغربية أن تستمر في الوقوف موقف المتفرج إذا تغير موقف الرأي العام في بلدانها وبدأ يطالب بإنقاذ الشعب السوري من حاكمه. ويرى المحللون أن التقارير التي اشارت إلى استخدام أسلحة كيميائية قرب حلب ترفع رهانات جميع الدول التي دعمت هذا الطرف أو ذاك من طرفي النزاع.
وفي حين أن النظام السوري اتهم مقاتلي المعارضة باستخدام هذا السلاح في هجوم أسفر بحسب ارقام النظام عن مقتل نحو 25 شخصًا، فإن متحدثًا باسم قيادة قوات المعارضة قال إن النظام اطلق صاروخ سكود مجهزًا برأس كيميائي على المنطقة.
وايًا تكن الحقيقة، فإن هذا التطور كفيل بتدويل النزاع وإدخاله في مرحلة جديدة، على حد تعبير صحيفة دايلي تلغراف، التي تشير إلى أن اوباما سيلقي نظرة فاحصة ليرى ما إذا كان النظام السوري ضالعًا، كما يقول مقاتلو المعارضة، في استهداف شعبه بأسلحة كيميائية.
من جهة أخرى، اعلنت روسيا أن لديها دليلًا على أن فصائل معارضة استخدمت اسلحة كيميائية ضد الآمنين في منطقة تخضع لسيطرة النظام.

اختلاج ثم وفاة

ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية ndash; سانا أن الهجوم استهدف بلدة خان العسل في ريف حلب، وأوقع 25 شخصًا. ورد مقاتلو المعارضة في شمال سوريا بنفي هذا الخبر، متهمين قوات النظام باستهداف خان العسل بضربة صاروخية. ولم يتسن التحقق من أي من الاتهامين.
وعرض التلفزيون السوري الرسمي مشاهد مصابين على نقالات، في ما بدا أنه ردهة احد المستشفيات في منطقة يسيطر عليها النظام في حلب. وقال وزير الاعلام عمران الزعبي إن مقاتلي المعارضة أطلقوا صاروخًا يحتوي غازات سامة من منطقة النيرب على خان العسل. واضاف: quot;المادة الموجودة في الصاروخ تؤدي إلى الاغماء ثم الاختلاج ثم الوفاةquot;.
وإذا تأكدت صحة هذه التقارير، فإن هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها اسلحة كيميائية منذ اندلاع الانتفاضة ضد نظام الأسد في آذار (مارس) 2011.

التريث للتأكد

طيلة العامين الماضيين، كان هاجس المجتمع الدولي أن يستخدم هذا الطرف أو ذاك ترسانة سوريا الضخمة من الأسلحة الكيميائية، أو أن تقع بأيدي جماعات جهادية تقاتل في صفوف المعارضة، أو بأيدي حزب الله اللبناني المتحالف مع النظام.
ونفى ناشطون مناوئون للنظام اتهاماته بأن فصائل معارضة هي التي بدأت تستخدم أسلحة كيميائية.
كما رفض معاذ الخطيب، رئيس الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية، في اسطنبول ادعاءات النظام مؤكدًا أن المعارضة ضد استخدام الأسلحة الكيميائية من أي جهة.
وقال الخطيب: quot;نحن ضد قتل المدنيين أو استخدام الأسلحة الكيميائية بالمطلق، وأدعو في الوقت نفسه إلى التريث بانتظار الحصول على معلومات دقيقةquot;.