جاءت القرارات التي اتخذتها بريطانيا وفرنسا لتكثيف الدعم المباشر لقوى المعارضة السورية، واحتمال تزويد الثوار بشحنات أسلحة، لتهدد بترك الولايات المتحدة على هامش ما يعتبره كثيرون ذروة وشيكة للجهود المبذولة منذ عامين للإطاحة بالأسد.


ربما يكون ذلك هو الموقف الذي قررت إدارة أوباما أن تتبناه في الأخير، في أعقاب النقاش الداخلي المتجدد الذي أثير بشأن إتباعها سياسة أكثر عدوانية في سوريا أم لا.

وقد تسبب تردد الولايات المتحدة في إحباط بعض من أقرب حلفاء واشنطن الأوروبيين والشرق أوسطيين، الذين يؤكدون أن وقت النقاش ينفد بصورة سريعة. حيث قتل حتى الآن ما يقرب من 70 ألف سوري، ولاذت بالفرار أعداد أخرى تقدر بالملايين. وبدأ يمتد الصراع إلى ما هو أبعد من الحدود السورية، من دون أي انفراجة في الأفق.

كسر الجمود العسكري
نقلت صحيفة واشنطن بوست الأميركية عن مسؤول بارز في إحدى الحكومات الشرق أوسطية، التي تدعم الثوار السوريين، قوله: quot; نحن في مرحلة يتعيّن علينا أن نُظهر فيها بعض التقدمquot;.

وأكد أن الأسلحة المتطورة التي يمكنها أن تساعد على كسر جمود عسكري ممتد منذأشهر داخل وحول دمشق وتعزز مكاسب الثوار في مناطق أخرى من البلاد، قد تقنع مؤيدي النظام في الأخير بأن يتخلوا عن الأسد وأن يعجلوا سقوطه.

أعقب هذا المسؤول بقوله إن الكل كان بانتظار قدوم إدارة جديدة في واشنطن خلال فصل الخريف الماضي من أجل وضع وتنفيذ استراتيجية مشتركة جديدة، وأنه إذا رأى الأسد والقوات الموالية له أن الأمور تسير كعادتها، فإنه سينجو وسيظل باقياً في منصبه.

هذا وتوجه الحكومات المناوئة للأسد في المنطقة انتقادات لاذعة في تقويمها للموقف الأميركي المتردد. فيما يبدي الأوروبيون قدراً أكبر من التفهم، رغم أنهم يتساءلون بشأن ما إن كان نهج أوباما المتعلق بالتعاون الوثيق في قضايا ذات اهتمام مشترك على صعيد السياسة الخارجية قابلًا للتطبيق أم لا إذا رفضت واشنطن المشاركة.

تعميم النموذج الليبي
قال هنا مسؤول أوروبي بارز quot;يقوّض ذلك قليلاً هذا النموذج التي تم إرساؤه من خلال التدخل العسكري في ليبيا. حيث أخذ أوباما على عاتقه هناك مسؤولية تنظيم ودعم استراتيجية تم تنفيذها جنباً إلى جنب مع شركاء أوروبيين وآخرين من منطقة الخليج. ونحن إذ نأمل الآن أن ينضم الأميركيون إلينا بخصوص الشأن السوريquot;.

ووافق مسؤولون من حكومات أوروبية وشرق أوسطية عدة على مناقشة السياسة السورية فقط إذا لم يتم تحديدهم بالاسم أو بالدولة لتجنب استعداء الولايات المتحدة.

فرنسا وبريطانيا: لكسر حظر التسليح
وفي اجتماع بالاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم الجمعة الماضي، دعت فرنسا إلى إنهاء حظر الأسلحة المفروض من قبل الاتحاد الأوروبي، والذي يحول دون وصول شحنات الأسلحة إلى الثوار السوريين، وألمحت في السياق عينه إلى استعدادها التصرف من جانبها بشكل فردي في حال أبدت الدول الأخرى عدم موافقتها على ذلك الأمر.

وهي الدعوة التي أيّدها رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، حيث طالب كذلك بإنهاء الحظر، وتطرق إلى ما يراود أميركا من مخاوف في مؤتمر صحافي في بروكسل.

ثم نوّهت الصحيفة بأن أميركا ليست الوحيدة في موقفها الرافض حتى الآن لتسليح المعارضة، حيث مازالت غالبية دول الاتحاد الأوروبي رافضة للفكرة نفسها. وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في هذا الخصوص: quot;مجرد حقيقة أن دولتين غيّرتا رأيهما لا تعني أنه يتعيّن على الـ 25 دولة المتبقية أن تحذو الحذو نفسهquot;.