تواجه مصر مشكلات بيئية عديدة، لكن التحدي الأكبر أمامها هو ندرة الكوادر البيئية المختصة بمسألة التشجير، لأن قسمًا واحدًا للغابات في جامعة الاسكندرية يخرج نحو 50 تلميذًا كل أربعة أعوام. وهذا كان البند الأهم على طاولة البحث بين مجموعة من أساتذة الجامعات المصرية في ألمانيا.
ميونيخ: شملت زيارة مجموعة من أساتذة الجامعات المصرية إلى المانيا بحث سبل تطوير مناهج البيئة في الجامعات المصرية، ومناقشة عدة برامج مكثفة من أجل الاستعانة بالخبرة الألمانية في تحسين الكوادر العلمية المصرية المتخصصة في البيئة والزراعة والمناهج الجامعية وتدريب الفنيين والمهندسين الزراعيين، وكذلك بحث وتنفيذ مشروع الغابات المستدامة الذي ترعاه الجامعة التقنية في ميونيخ.
مشروعات مشتركة
قال الدكتور صديق عبد السلام، نائب رئيس جامعة الإسكندرية، لـquot;إيلافquot; إن بحث المشروعات العلمية المشتركة مع الجانب الألماني مهم للغاية، quot;فالجانب المصري بصدد تنفيذ مشروعات علمية مشتركة مع الجامعة التقنية لتحسين البيئة في مصر، وهناك اتفاق مسبق بشأن تدعيم قسم الغابات في كلية زراعة الإسكندرية، حيث سيكون له دور في المستقبل القريب عند تنفيذ مشاريع التشجير الطموحة التي تسعى مصر إلى تنفيذها، بالاستعانة بالخبرة الأكاديمية الألمانيةquot;ـ
أضاف: quot;لدينا قسم واحد للغابات في جامعة الإسكندرية، وهذا لا يساعد على تخريج العدد الكافي من الموارد البشرية للقيام بمشاريع غزو الصحراء بالتشجير كما نخطط للمستقبل، لهذا نبحث توسعة هذا القسم في الوقت الراهنquot;.
وعن المشروع العملاق لزراعة مليون ونصف مليون فدان بالأشجار في الصحراء المصرية بمساعدة الجامعة التقنية، قال: quot;لقد بحثنا المشروع مع الفريق المشارك من الجانب الألماني، وعلى رأسهم الدكتور هاني الكاتب، وهو مشروع مهم للغاية سنقف بكل قوة من اجل تنفيذه، فما لا شك فيه أن التشجير والمساحات المزروعة بالأشجار في مصر تعاني اضمحلالًا في الوقت الحالي، والطلاب لا يرغبون في الإلتحاق بقسم الغابات بسبب تراجع ثقافة التشجير في مصر، لهذا بحثنا إعادة تقييم هذا الجانب الأكاديمي مع الجامعة التقنية حتى ننهض مرة أخرى بكوادر وخبراء مدربين لغزو الصحراء من أجل تحسين البيئة المصريةquot;.
قسم وحيد
من جهته، قال الدكتور محمد التركي، عضو الوفد وعميد كلية زراعة الإسكندرية: quot;لدينا في الوقت الحالي قسم وحيد للغابات موجود في جامعة الإسكندرية، وهذا القسم يقوم بدوره التعليمي على أكمل وجه على الرغم من عدم وجود غابات في مصر، ويدرس فيه 50 طالبًا ومدة الدراسة أربعة أعوام، وخريج هذا القسم قد يكون مرغوبًا فيه في الدول الأوروبية، بالنظر إلى مساحات الغابات الشاسعة فيها، أما مستقبله في مصر في ظل عدم الاهتمام بالغابات يصبح صعبًاquot;.
أضاف: quot;ناقشنا مع الجانب الألماني تطوير هذا القسم ومنح الطلاب فرصًا تدريبية في ألمانيا، وإرساء ثقافة بيئية مختلفة يتم اكتسابها من الخبرة الألمانية في الغابات حتى يتم تطوير المشاريع التي تهتم بزراعة الأشجار، ومن ثم يتم توفير فرص عمل جديدة وجيدةquot;.
ويتابع قائلا: quot;تمخضت مناقشتنا مع الخبراء الألمان عن مقترحات سنناقشها في مصر مع الجهات المختصة، وأهمها أننا سنتجه إلى فتح أقسام للغابات في جامعات مصرية أخرى مثل جامعة عين شمسquot;.
تراجع المساحات الخضراء
يعتبر تلوث البيئة في مصر وتراجع المساحات الخضراء مشكلة حقيقية تقلق الجهات المختصة، ويعمل العلماء والخبراء على إرساء مفهوم جديد للبيئة لا يتم فيه استبعاد المواطن المصري من المشاركة في إدارة موارد الدولة البيئية، بل يشمل العمل على فك تنازع الأولويات بين الجهات المختصة في الدولة.
ويرى الدكتور هاني الكاتب، من الجامعة التقنية، أنه لا بد من دور ثقافي بيئي توعوي تقوم به الجامعات المصرية، يعمل على تخريج كوادر فنية مدربة بشكل جيد، يمكنها مستقبلًا من إتاحة المعلومات وإشراك المواطنين في إدارة الموارد البيئية في الدولة.
وفي سياق متصل، قال الدكتور عبد الغني محمد الجندي، عميد كلية الزراعة السابق في جامعة عين شمس: quot;لقد بحثنا مع الجانب الألماني مشاريع الغابات المستدامة التي سيتم ريها باستخدام مياه الصرف الصحي التي تلوث البيئة والتربة ومياه الشرب في مصر، فالأرض موجودة، ومياه الصرف الصحي كذلك، لهذا أجد من المهم هو التركيز على تلك الكوادر البشرية التي ستقود مشاريع المستقبل، لأنه من غير الممكن إنشاء مشاريع واسعة دون أن يكون لديك الكوادر المدربةquot;.
أضاف: quot;من المهم أيضًا إرساء هذه الثقافة عند الخريجين الجامعيين المختصين أنفسهم، فخريج جامعة الإسكندرية قسم الغابات مثلًا يجد صعوبة في الذهاب للعمل في سيناء ومنطقة قناة السويس المتوقع زراعة الأشجار فيهاquot;.
لا بديل عن التشجير
قال الدكتور سيد خليفة، رئيس الإدارة المركزية للتشجير في وزارة الزراعة المصرية، إن في مصر 88 ألف فدان مخصصة لزراعة الغابات، تم شغل 11 ألف فدان منها حتى الآن، quot;ومن جهتنا نرحب بكل المشاريع لشغل الفراغ، والدكتور الكاتب يري إمكانية زرع 1.5 مليون فدان بالأشجار في فترة عشر سنوات، اعتمادًا على مياه الصرف الصحي الذي يبلغ 6 مليارات متر مكعب سنويًاquot;.
وفي الإطار نفسه، قال الدكتور احمد علي عامر الستاوي، أستاذ ورئيس قسم الغابات في جامعة الإسكندرية، إن 4.5 ملايين متر مكعب من الصرف الصحي يتم صرفها في بحيرة كينج مريوط، وتخرج منها إلى البحر الأبيض المتوسط، لذلك فإن معالجة هذه الكمية الرهيبة واستخدامها في زراعة الأشجار في الإسكندرية ستعمل على تحسين البيئة، quot;ونحن نبحث الآن معالجة هذه المياه واستخدامها في تشجير غرب الإسكندرية ومنطقة كينج ماريوط والساحل الشمالي والطريق الصحراوي والطريق الساحليquot;.
أما الدكتور علي عبد العزيز، نائب رئيس جامعة عين شمس، فقال: quot;من خلال خطة الجامعة البحثية، سيتم مخاطبة الدولة بالمنهج الجديد في التفكير وسنعمل على توجيه الناس إلى أهمية هذه المشاريع، سواء في الإسكندرية أو الجامعات الإقليمية الأخرى، حيث يقوم الجميع بطرح الفكرة بالزخم نفسه من خلال وزارة التخطيط، ويمكن وضع اللمسات الأخيرة على الخطة قبل طرحها على رئيس الوزراء، ومن ثم نبدأ في التنفيذquot;.