أعلن في بغداد اليوم عن منح رئيس الوزراء نوري المالكي الوزراء الأكراد في حكومته المقاطعين لاجتماعاتها منذ أسابيع إجازة إجبارية لمدة شهر، وأناط وزاراتهم بوزراء آخرين بالوكالة.. فيما نفذت السلطات العراقية اليوم حكم الإعدام بحق سبعة عناصر من تنظيم القاعدة، إثر إدانتهم بتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق متفرقة من العراق.


أسامة مهدي: في خطوة تصعيدية، فقد أكد علي الموسوي مستشار المالكي أن رئيس الوزراء قد منح الوزراء الأكراد الأربعة في حكومته، والذين يقاطعون اجتماعاتها منذ أكثر من شهر، إجازات إجبارية لمدة شهر، كما أناط مسؤولية وزاراتهم بوزراء آخرين بالوكالة. وأضاف الموسوي، في تصريحات اليوم، أن المالكي قرر إسناد الحقائب الوزارية، التي كان يشغلها الوزراء الأكراد، لوزراء آخرين، لم يذكر أسماءهم، في خطوة ستثير استياء الأكراد.

وكان التحالف الكردستاني قد أعلن مقاطعته جلسات البرلمان العراقي احتجاجًا على إقرار الموازنة الاتحادية في التاسع من الشهر الماضي من دون الأخذ بمطالبه فيها، ثم قرر سحب وزرائه ونوابه إلى أربيل، للتشاور مع قيادتهم، لكنهم لم يعودوا إلى الحكومة والبرلمان حتى الآن.

يستنجدون بالأميركيين
وأشار التحالف إلى أن مقاطعته هذه تأتي بسبب عدم موافقة التحالف الشيعي على المقترحات، التي تقدم بها لتجاوز الخلاف حول مستحقات شركات النفط العاملة في إقليم كردستان.

يأتي قرار المالكي اليوم بإناطة الحقائب الوزارية للأكراد بوزراء آخرين بالوكالة، بالتزامن مع مغادرة وفد كردي رفيع اليوم إلى واشنطن، للتباحث مع الإدارة الأميركية بشأن الخلافات مع بغداد، ومسار الأزمة السياسية في البلاد.

لكن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي قال إن الوفد الكردي ذهب يستنجد بالولايات المتحدة الأميركية، فيما أكد أن الأخيرة لن تتخلى عن دورها في ما وقعت عليه من معاهدات. وقال القيادي في الائتلاف عزت الشابندر إن quot;الكرد ذهبوا يستنجدون بالولايات المتحدة الأميركيةquot;، مؤكدًا أن quot;الولايات المتحدة، التي تربطنا بها معاهدات، تقضي باستمرارها في دعم الديمقراطية في العراق وحمايتها، لن تتخلى ولا بأي شكل من الأشكال عن هذا الدور الذي وقعت عليهquot;.

وأوضح الشابندر في تصريح نقلته وكالة quot;السومرية نيوزquot; أن quot;الكرد يريدون استمرار الدولة العراقية على أساس التوافقquot;، مشيرًا إلى أن quot;هناك لبسًا في فهم معنى التوافق في ظل وجود نظام ديمقراطيquot;.

وقد غادر إلى واشنطن اليوم وفد كردي رفيع لإجراء مباحثات مع الإدارة الأميركية حول تطورات الأزمة السياسية في العراق، وهو يضم فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة الإقليم رئيس الوفد، وآشتي هورامي وزير الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، وفلاح مصطفى مسؤول دائرة العلاقات الخارجية لحكومة الإقليم، وقباد طالباني نجل الرئيس العراقي جلال طالباني مسؤول دائرة التنسيق والمتابعة في حكومة الإقليم.

وتأتي زيارة الوفد الكردي إلى واشنطن بعد ثلاثة أيام من وصول مبعوث للإدارة الأميركية هو مستشار وزير الخارجية الأميركي بريت ماكجورك إلى بغداد، حيث قال: quot;جئت إلى بغداد لمتابعة ما حصل بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى العراق في أواخر الشهر الماضي، وسأقوم باجتماعات مع الكثير من القادة السياسيين، وسأذهب إلى أربيل، وبعدها أعود إلى واشنطنquot;.

ضرورة التحاور
وأشار إلى أنّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري أوصل خلال زيارته الأخيرة للعراق رسالة إلى الكيانات السياسية تحثهم على ضرورة التحاور في ما بينهم، وأن يقدم كل طرف مطالبه بشكل محدد وصريحquot;، موضحًا أن quot;كيري حثّ الأطراف على تقديم تنازلات للوصول إلى حلّquot;. ودعا quot;جميع الأطراف في بغداد إلى الجلوس على طاولة الحوارquot;، وقال: quot;كنا سعداء عندما وجدنا التطورات الأخيرة، واللقاء الذي يحصل بين التحالف الوطني والكردستانيquot;.

وأشار ماكجورك إلى أن quot;النقاط الخلافية بين الإقليم والمركز هي أربع نقاط، الأولى دفع مستحقات الشركات النفطية، وهذا الأمر ترك ضمن الموازنة، وأيضًا مرتبط بقانون النفط والغاز، الذي لم يشرع، والثانية المادة 140 المناطق المتنازع عليها، والثالثة قوات دجلة وتوزيع هذه القوات، وهذا الأمر موضع خلاف، والرابعة مرتبات عناصر قوات البيشمركة الكردية، وهل تدفع من الحكومة المركزية أو الجانب الكرديquot;.

ويوم الخميس الماضي أعلن وفد التحالف الشيعي إثر مباحثات في أربيل مع رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في محاولة لإقناع التحالف الكردستاني بإنهاء مقاطعة وزرائه ونوابه لاجتماعات مجلسي الوزراء والنواب عن اتفاق جرى على تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين تفتح ملفات الخلاف الشائكة كلها، على أن يسبق ذلك وضع أسس ومبادئ لحوار مُثمِر ومُنتِج بينهما.

وتشهد العلاقة بين بغداد وأربيل توتراً مستمرًا يتعلق بخلافات سياسية ودستورية وبعض الملفات العالقة، أبرزها التعاقدات النفطية للإقليم وإدارة الثروة النفطية، والمادة 140 من الدستور الخاصة بتطبيع الأوضاع في المناطق المتنازع عليها، وإدارة المنافذ الحدودية والمطارات، وتسليح قوات البيشمركة الكردية ودفع مرتبات عناصرها من الموازنة الاتحادية، وغيرها من الصلاحيات الإدارية والقانونية.

إعدام عناصر من القاعدة
إلى ذلك، أعلن في بغداد اليوم عن تنفيذ حكم الإعدام بحق سبعة عناصر من تنظيم القاعدة إثر إدانتهم بتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق متفرقة من العراق.

وقالت وزارة العدل العراقية في بيان اليوم إنها نفذت حكم الإعدام بحق سبعة مدانين من تنظيم القاعدة استنادًا إلى الأحكام الصادرة عن القضاء. وأوضحت أن تنفيذ الحكم جاء إثر إدانة quot;الإرهابيينquot; وفق المادة أربعة من قانون مكافحة الإرهاب لضلوعهم بقضايا قتل وتفجير. وأضافت إن الأحكام القضائية هذه نفذت بعد التمييز واكتساب الدرجة القطعية وصدور مرسوم جمهوري بالمصادقة عليها وفقًا quot;لأدلة الشهود واعترافات المجرمينquot;.

والاثنين الماضي نفذ العراق حكم الإعدام بأربعة من رموز تنظيم القاعدة، بينهم quot;والي بغدادquot;، في ما يسمّى بـquot;دولة العراق الإسلاميةquot;، التي أعلنت مسؤوليتها عن العديد من التفجيرات التي عرفها العراق.

وقالت إن quot;دائرة الإصلاح العراقية نفذت، القصاص العادل بحق أربعة من المدانين بالجرائم الإرهابية من رموز تنظيم القاعدة وما يسمّى بدولة العراق الإسلامية، وهم مناف الراوي، الذي يشغل منصب والي بغداد في التنظيم، ومحمد نوري مطر، وإبراهيم عبد القادر علي، ومحمد جابر توفيقquot;.

وأشارت إلى أن المتهمين أعدموا لقيادتهم مجموعات مسلحة quot;خططت ونفذت عددًا كبيرًا من الأعمال الإجرامية بحق الشعب العراقي في عدد من المحافظاتquot;، بينها تفجيرات متسلسلة في محافظتي بغداد والأنبار، إضافة إلى قيامهم بعمليات سطو مسلح على عدد من المحال.

ثالث أكبر بلد ينفذ الإعدامات
واليوم، قالت منظمة العفو الدولية إن العراق أصبح ثالث أكبر بلد في العالم في تنفيذ أحكام الإعدام، لا سيما بحق السجناء خلال الأشهر الماضية، وذلك أكثر مما فعل خلال عقد من الزمن تقريباً، وفقاً لتقرير ستصدره منظمة العفو الدولية هذا الأسبوع.

وقالت تقارير صحافية في لندن اليوم الأحد إن المنظمة ستكشف في تقريرها أن العراق شهد أكبر زيادة في عمليات الإعدام من أي مكان آخر في العالم خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، وأعدم ما لا يقلّ عن 129 شخصاً في العام الماضي، أي ما يعادل تقريباً ضعف عمليات الإعدام في عام 2011 وأعلى رقم خلال السنوات الثماني الماضية.

ويقول التقرير، إن العراق أعدم 16 شخصاً منذ كانون الثاني/يناير الماضي، من بينهم أربعة في الأسبوع الماضي وحده، وتم تنفيذ معظم عمليات الإعدام بتهم تتعلق بالإرهاب أو القتل وفي إطار محاكمات فشلت غالبيتها في الوفاء بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، بما في ذلك استخدام الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

من جهتها قالت مديرة منظمة العفو الدولية فرع المملكة المتحدة، كيت ألن quot;إن العالم يتجه الآن نحو إلغاء أو التخفيف على الأقل من عقوبة الإعدام، لكن العراق خالف هذا الاتجاه بطريقة مزعجة، ونشاهد اليوم نطاقاً مذهلاً من عمليات الإعدام في العراق، يعود بنا إلى الأيام القديمة السيئة من الإعدامات الواسعة النطاق في عهد صدام حسينquot;.

وتقول منظمة العفو الدولية في تقريرها إن أحكام الإعدام في العراق نُفّذت على دفعات، وجرى إعدام 34 شخصاً في يوم واحد خلال حزيران (يونيو) الماضي، من بينهم خمس نساء، كما تم الحكم على اثنتين أخريين على الأقل بالإعدام.

وفي الأسبوع الماضي، أشار وزير العدل العراقي حسن الشمري إلى أن تنفيذأحكام الإعدام بحق الإرهابيين، ينفذ وفقاً لإحكام الدستور، استنادًا إلى القرارات القضائية المصدقة من رئاسة الجمهورية. وأوضح أن الجهات التي تدافع عن الإرهابيين، وتتهم الوزارة بتنفيذ أحكام الإعدام، على ضوء بلاغ المخبر السري، لا أساس لها من الصحة، وادعاءاتها لا تتعدى محاولة ذر الرماد في العيون، كما إن تصريحاتها لم تستند إلى معلومات موثقة، مشيرًا إلى أن المطالبات بإيقاف تنفيذ الإعدام تجاوز على حقوق الضحايا، وخروج على الدستور.

ولفت الوزير إلى أن هذه المحاولات لن تثني الوزارة عن إتمام عملها في الاقتصاص للشهداء، وعوائل الضحايا، التي حرمت من أبنائها، مؤكدًا أن ادعاءات جهة سياسية وصفت تنفيذ الوزارة لإحكام الإعدام استنادًا إلى بلاغات المخبر السري، ليس لها أساس من الصحة، إذ إن أحكام الإعدام تصدر من القضاء وفقًا لأدلة الشهود واعترافات المجرمين، إضافة إلى أن حكم الإعدام الصادر بحق القتلة والإرهابيين يخضع للتمييز لأكثر من خمس مرات، تمتد لسنوات عدة للتثبت من ارتكاب المحكوم للجرم.