الحصار والفقر وتردي الوضع الاجتماعي في غزة تحرم الشبان فرصة الزواج السريع، فيتأخرون، ما رفع معدل العنوسة بين الفتيات. ويدق الفلسطينيون في غزة ناقوس الخطر الاجتماعي بسبب هذه المسألة.


غزة: لم يعد تأخر سن الزواج مقتصرًا على الفتيات في غزة، إذ امتد ليصل إلى الشباب الذين يشكون الفقر والبطالة وقلة الإمكانيات التي تتيح لهم أمر الزواج. وبعضهم أرجع الأسباب لعدم عثوره على الفتاة المناسبة.

قال الموظف محمد صالح (36عامًا) إن الغلاء فاق قدرته على الارتباط، فحتى فكرة أن أخطب في الوقت الحالي شبه مستحيلة، فأنا أُعيل عائلتي المكونة من عشرة أفرادquot;.

وعن مساعدة الأهل كما هو متعارف عليه، يقول: quot;لا يملك أهلي إعالة أنفسهم، فكيف يزوجونني؟ أتمنى أن أجد الفتاة والإمكانيات، خصوصًا أن غزة ليست مكانًا مؤهلًا للزواج، فقد تحطمت آمالي كلها، واليوم أنا من دون وظيفة ومن دون زواجquot;.

يضيف: quot;لا يقدر الشاب بمفرده على أن يكيّف نفسه مع الحياة البسيطة التي يعيشها، فكيف إذا أصبحت لديه زوجة وأولاد، يحتاجون للكثير لكي نوفر لهم حياة كريمة وتعليماً جيداًومستقبلاً آمناً؟quot;.

مكانته تمنعه

أما أحمد سعيد (40 عامًا) فهو طبيب، ولا يستطيع التحجج بضيق ذات اليد لتأخره بالزواج، لكنه لم يجد الفتاة التي تناسب مكانته ومستواه الاجتماعي. يقول لـquot;إيلافquot;: quot;تختلف المكانة الاجتماعية في غزة بشكلٍ كبير، والفتيات لسن بهذا الوعي الذي يُؤهلهن للزواج، وهو ما أخر سن زواجيquot;.

درس سعيد 12 عامًا، وصنع لنفسه مكانة عالية، واليوم يعمل في مستشفى الرياض السعودي براتب عالٍ، وهو أتى غزة لزيارة أهله، ووالدته تبحث دومًا عن عروس له وهو يرفض.

وعن الشروط التي يرغب في توفرها في زوجته المستقبلية، يقول: quot;الجمال عنصر أساسي والمستوى التعليمي المرتفع، وكذلك النسب، وإذا ما تحققت كل شروطي في امرأة واحدة يتحقق حلمي، لكن هذا شبه مستحيلquot;.

ويختم قائلًا: quot;غزة أصبحت مدينة ظلام في الآونة الأخيرة، ولم تعد تُؤهلنا لأي ارتباط، وسيؤثر هذا على الفتيات اللواتي سيتأخر بهن سن الزواج أيضًاquot;.

تجربة فاشلة

أم أحمد (65 عامًا) لديها أربعة أبناء، أكبرهم تجاوز 35 عامًا، ولم يتزوج بعد. تقول: quot;لا يستطيع توفير متطلبات الزواج، ومتى توفرت له تزوج مباشرة، فالأمر يكمن في تأمين منزل خاص له بعيدًا عن العائلة وهذا غير ممكن لأن الراتب في غزة قليل بالمقارنة بالكم الهائل من المتطلباتquot;.

أضافت: quot;ساهم الحصار المفروض على قطاع غزة بشكل كبير في ارتفاع تكاليف البناء، وأسعار العقارات، والبيوت في ارتفاع هائل جدًا، والشباب يفقدون القدرة على الحصول على بيت بهذا الوقت، وابني تعرض لصدمة في حياته، إذ خطب فتاة وفشل في علاقته الأولى ومنذ ذلك الحين وهو يرفض الأمرquot;.

اما ابنها، فيقول: quot;تجاوزت مرحلة الثقة بالفتيات، وقررت أن لا أتزوج مطلقًا، وسأبقى عازبًا طوال حياتي، وأنا أقرر متى أتزوج وكيف أتزوج ومن أتزوج، فهذا مرهون باستعادتي الثقة بالفتياتquot;. وعن أسباب تأخر الشباب في غزة بالزواج يقول: quot;التكاليف الهائلة التي يطلبها أهل الفتاة هي السبب الرئيسي، وكذلك البطالة، إلى أسباب شخصية كالتجارب الفاشلةquot;.

تعارف من دون ارتباط

يقول الدكتور فضل أبو هين إن الزواج شرع الله، وقد أوجبه القرآن في شريعة الإسلام، ويحرص المسلمون عند سنٍ معينة بالتوجه للارتباط من منطلق ديني وغريزة موجودة داخل كل شاب وفتاة، quot;لكن مع عصر التكنولوجيا، ووسط ظاهرة التواصل الاجتماعي، انتشرت ثقافة التعارف من دون ارتباط، وبدأت تغزوهم بل امتد الأمر ليتعدى علاقات التعارف المحرمة شرعًا في الإسلام، وتوجه بعض الشباب لممارستها والاستغناء عن عنصر الزواج، وهو أمر خطير جدًا يجب التنبه إليهquot;.

ويواصل: quot;غياب الوازع الديني وارتفاع المهور ساهما في تأخر الزواج بين الشباب الفلسطينيquot;.

عزوف الشبان عن الزواج يؤخر زواج الفتاة، وبالتالي أصبحت المشكلة اجتماعية واسعة، والسبب ارتفاع التكاليف وتفشي البطالة، لكن الشريعة الإسلامية تُلزم الشباب بالزواج، كما يقول أبو هين، وهم يمتنعون عن تنفيذ أمر من أوامر الاسلام الحنيفquot;.