يعزف الإسرائيليون عن العمل في الشان العام، وعن التطوع في جهاز الموساد، بعدما خفّ بريقه، فما كان من الجهاز إلا أن نشر إعلانات ترويجية واستمارة تطوّع على الانترنت، لجذب العملاء.
هل تريد أن ترى نفسك شخصًا مبدعًا يعيش نمط حياة خارج عن المألوف؟، هل ترغب في العيش في إسرائيل مع القيام بسفرات قصيرة كثيرة إلى الخارج؟، إذا كانت الإجابة عن هذين السؤالين بنعم، فإن عملًا بهذه المواصفات يتوافر في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية quot;الموسادquot;، الذي أطلق حملة تجنيد على الانترنت، يحاول فيها استهداف جيل جديد من المرشحين للعمل جواسيس في صفوفه.
وبدلًا من الاعتماد على التهامس شفاهًا وعلى الوحدات العسكرية النخبوية، التي شكلت تقليديًا المَعين الذي يستمد منه الموساد عناصر جديدة في حملات التجنيد، قرر الآن التوجّه إلى الشباب الإسرائيليين مباشرة بإعلانات وأشرطة فيديو جذابة.
استمارات عمل في الموساد
في شريط فيديو لاقى إقبالًا واسعًا على الانترنت، ترسل امرأة رسالة نصية إلى زوجها تسأله فيها: quot;كيف كان يومك في العمل اليوم؟quot;، ويجيب زوجها العميل في الموساد: quot;لا تسأليquot;. وفي نهاية الحوار، عبارة إعلانية تقول: quot;الموساد منفتح. ليس للجميع. ربما لك أنتquot;.
وبحسب الإعلانات على موقعه، تتوافر في الموساد شواغر لكيميائيين وقانونيين ومحللي قواعد بيانية أيضًا، كما أعلن الموساد عن حاجته إلى نجّار أيضًا. ويستطيع من يتوسم في نفسه المؤهلات المطلوبة أن يتقدم من الوظيفة بسرعة إذا ملأ استمارة على الانترنت، ليأتيه الرد في غضون ساعة لا أكثر.
نقلت صحيفة تايمز عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن سبب لجوء الموساد إلى هذا الأسلوب المباشر هو ضعف الإقبال على العمل في مجال الخدمة العامة، ما تسبب في تناقص المتقدمين إلى العمل في الموساد، إذ يفضّلون العمل في قطاع التكنولوجيا ومع شركات أجنبية. ولعل إخفاقات الموساد الأخيرة أسهمت في عزوف الإسرائيليين عمّا كان يعتبر في السابق وظيفة متميزة وعملًا مثيرًا.
إخفاقات عديدة
كان أكبر إخفاقات الموساد في الفترة الماضية اغتيال محمود المبحوح، المسؤول العسكري في حماس، في أحد فنادق دبي في كانون الثاني (يناير) 2010، إذ التقطت كاميرات المراقبة صور عملاء الموساد في أروقة الفندق متنكرين على نحو غير مقنع بملابس لاعبي تنس. وتردد لاحقًا أن عملاء الموساد استخدموا جوازات سفر بريطانية وفرنسية وألمانية وأيرلندية وأسترالية. ورفض الموساد التعليق على ذلك.
يناقض هذا الإخفاق تاريخ الموساد بوصفه جهازًا جاسوسيًا مرهوب الجانب في أنحاء العالم، لقدرته على تنفيذ عمليات سرية يستخدم فيها منجزات التكنولوجيا المتطورة في خدمة دولة إسرائيل.
ومن عملياته الشهيرة اغتيال العديد من عناصر منظمة أيلول الأسود الفلسطينيين في أوروبا، لمشاركتهم، كما تقول إسرائيل، في قتل 11 رياضيًا خلال دورة الألعاب الأولمبية في ميونيخ في العام 1972.
ولعل أشهر عمليات الموساد قاطبة تعقب مجرم الحرب النازي أدولف آيخمان، الذي كان يعيش حياة سرية في الأرجنتين في العام 1960 واصطياده، ثم نقله إلى إسرائيل لمحاكمته. وأُعدم آيخمان شنقًا في العام 1962.
غير مجربين
يتحدث الكاتب يوسي ميلمان عن عقبات تعترض حملات الموساد لتجنيد جواسيس جدد، فإسرائيل تصبح مجتمعًا أقل أدلجة كلما تقدم بها الزمن وشاخ مجتمعها. ونقلت صحيفة تايمز عن ميلمان قوله إن العمل في الموساد لم يعد له ذلك البريق مثلما كان قبل 20 أو 30 عامًا، لأن إسرائيل تتغير، وأفكار العمل الجماعي ومصلحة الدولة ليست جذابة كما كانت في السابق.
يتذكر جواسيس سابقون أيام كان التجنيد يجري عن طريق حلقات مغلقة من الأصدقاء أو الأقارب، ويشعرون بالقلق، لأن الأساليب الجديدة في تجنيد الجواسيس قد تأتي بمرشحين غير مجرّبين، ولا يمكن الركون إليهم.
بن زيغير مثالًا
وأكد جاسوس سابق، تقاعد في العام الماضي بعد 30 عامًا من الخدمة، أن الموساد يحتاج طائفة واسعة من المتقدمين إلى العمل، quot;فمن بين 100 متقدم يعتقدون أنهم سيكونون جيمس بوند الجديد، ستكون لدى واحد منهم فقط المهارات المطلوبةquot;.
وأشار إلى أن مرشحًا مثل العميل بن زيغير ما كان ليُجنّد قط في ما مضى. وكان اللثام أُميط عن قضية زيغير أو quot;السجين أكسquot; في وقت سابق من العام، الذي عمل جاسوسًا في الموساد، ويحمل الجنسيتين الإسرائيلية والأسترالية. ويُعتقد أنه كان وراء تسريب معلومات عرَّض بها عمليات الموساد في لبنان لخطر الانكشاف. وقال أصدقاء إنه جُند في الموساد بعدما ملأ استمارة على الانترنت.
التعليقات