قال محمود المشهداني لـquot;إيلافquot; إن النماذج العربية الأخرى لا تصح في العراق، مستبعدًا أي حرب طائفية، ومؤكدًا أن استقالة نوري المالكي لا تحل المشكلات، بل التوافق والحوار.

بغداد: أكد رئيس البرلمان العراقي السابق محمود المشهداني أن احوال العراق السياسية تبدو على شفا انقسام اكبر، ما لم يتحقق الصلح السياسي والاجتماعي مع الاصلاح الاقتصادي والثقافي، مستبعدًا نشوب حرب طائفية لأن العراقيين جميعًا ذاقوا مقدمات طعمها في سنوات الفتنة الكبرى.
وقال المشهداني في حوار شامل مع quot;ايلافquot; إن استقالة رئيس الوزراء نوري المالكي ليست حلًا للازمة، وإنما تحويلها إلى صراع، مشيرًا إلى أن الاتفاق على إدارة حكومة رشيدة تحت اي اسم كان هو الحل، فالعبرة أن تكون الحكومة لكل العراقيين غير عرجاء وغير مصابة بشلل الاطفال المزمن، وغير محتاجة إلى اجراء ترقيع كل يوم لنقص في اطرافها.
وفي ما يأتي نص الحوار:
كيف تقرأ الاحوال السياسية في البلد بعد عشر سنوات من التغيير؟
أي قراءة استراتيجية او استشرافية او تحليلية او توصيفية للعراق اليوم تدل على أن الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وحتى الثقافية، ما زالت تمر بما أسميه الشد السياسي والجذب الاجتماعي، ذلك أن مرور عقد على لحظة المشهد الاحتلالي والتحول بعدها أوجدت انقسامات، بعضها سياسي وبعضها اجتماعي وكثير منها اقتصادي، مع دخول المؤثرات الخارجية والداخلية من ارهاب وفساد. واليوم، أحوال العراق السياسية تبدو على شفا انقسام اكبر ما لم يتحقق الصلح السياسي والاجتماعي مع الاصلاح الاقتصادي والثقافي، وأركان ذلك الصلح الدولة والحكومة المجتمع ووجهاته الدينية وغير الدينية والاحزاب والقوى المؤثرة والنخب العراقية في الداخل والخارج، مع مراعاة أن الاحوال السياسية لا تتحمل نموذجًا لما جرى قبل العام 2007، ولا نموذجا ليبيًا ولا سوريًا ولا حتى يمنيًا، بل تحتاج إلى وئام عراقي وابوة عراقية.
هل ترى أن الازمات بين الكتل مختلقة ام حقيقية؟
هنالك أزمات بعضها ظاهر وبعضها خفي، وبعضها لا تعلم الكتل ولا مؤيدوها به، بل أن قادة الكتل لا يعرفون أحيانًا حجم التدخلات في كتلهم من قبل قيادات صغيرة، ويزيد بعض الاعلام الغبي او المستغبي من ذلك. لقادة الكتل أجندة عراقية، لكن الازمات والصراعات تكمن في استراتيجيات متصادمة. وقد كنت إبان رئاستي للبرلمان بين العامين 2006 و2008 أجد أن القادة الكبار لهم وجهة عراقية لكن لبعض تابعيهم لهم اجندات مخالفة.
لا حرب طائفية في العراق
هل انتم مع الانتخابات المبكرة وحكومة الاغلبية السياسية؟
الانتخابات استحقاق، سواء جرت اليوم أو غدًا او في موعدها، يتوافق عليه البرلمان والحكومة والشعب، وتشرف عليه المفوضية. في الكثير من الدول، تجري انتخابات مبكرة إثر ازمات معينة، وليست المشكلة في موعد الانتخابات بل المشكلة في أي حكومة وأي برلمان سينتجان، بين الاغلبيتين السياسية او الاغلبية التكوينية. فمن يريد الاغلبية السياسية له ما يعززه دستوريًا، ومن يريد الاغلبية التكوينية، بمعنى تكوين حكومة متناغمة مع الاقلية والاغلبية، له ما يعززه دستوريًا واجتماعيًا، والعبرة في أن تكون الحكومة حكومة كل العراقيين، غير عرجاء وغير مصابة بالشلل، ولا تحتاج إلى ترقيع يومي.
هل ما يشاع عن حرب اهلية طائفية حقيقة أم مجرد تخويف؟
لن تقع في العراق اي حرب طائفية لأن العراقيين ذاقوا طعمها في سنوات الفتنة الكبرى. اليوم، نستخلص الدروس لئلا يعيد التاريخ نفسه بمأساة الحرب الطائفية. هنالك من يريد أن تقع هذه الحرب، لحاجة في نفسه الارهابية او الفاسدة، وليتكرر نموذج سوريا اليوم التي لا يعترف من فيها من كل الاطراف بأنها في طريقها لتتحول إلى أكبر حروب المشرق العربي الطائفية.
شتان ما بين العراق وسوريا
هل تعتقد أن هناك اجندات خارجية وراء بعض مطالب المتظاهرين؟
المتظاهرون جماعات مختلفة في محافظات مختلفة، مطالبهم مطالب إدارة أزمتها بالحراك الحكومي والسياسي والبرلماني والاجتماعي المتوحد وفق وجهة عراقية ndash; عراقية. أرى أن بعض جهات الاعلام الفتان تحاول أن تعيد صياغة كل الصورة لتكون صورة اخرى، والحوار هو الكفيل بإصلاح الأمور بين الدولة والحكومة والمجتمع المتظاهر، وهناك من يتمنى أن لا يتم الحوار، وأن لا تستجيب الحكومة للمطالب، وأن ينتفض المتظاهرون فتقع الفوضى، لكنني أرى أن العراقيين أعقل من ذلك، وأثق بانهم لن ينخدعوا بمن يزين لهم ربيعًا عراقيًا هو صيف لاهب، فيه حمم نار وحديد ودخان ودماء.
هل ما يحدث في العراق متصل بما يحدث في سورية؟
ما يحدث في العراق مختلف عن سوريا وغير سوريا، مثلما أن ما حدث في سوريا مختلف عما حصل في ليبيا واليمن، ومختلف عما حدث في مصر. فما يجري في العراق أثبت حضاريته ومواطنته وسلميته وتوافقه على ألا نهدم العراق كما هدم غيرنا بلده. فما يجري في العراق احتجاجات داخل الخيمة العراقية، وما يجري في سوريا هو سايكس بيكو الالفية الجديدة للشرق العربي، وشتان ما بين العراق وسوريا.
هل تربط بين مطالب المتظاهرين وبين سلوكيات سياسيين يدعمون هذه المطالب؟
ليس الامر كذلك، بل هو ربط بين مطالب بالاصلاح وبين عجز كلي او جزئي عن الاصلاح. وليس السلوك السياسي الا تحولًا عن سلوك اجتماعي متوافق عليه او مختلف عليه، ومن ثم فالربط هنا يكون بين ادارة الاحتجاج وبين ادارة السلوك السياسي. كنت قد دعوت إلى مدونة سلوك سياسي عراقي اركانها الادارة الواضحة والقيادة المباشرة والاجتماع التوافقي الحزبي غير المهيمن، ولا زلت في طور طرح نسخة مجددة منها بعد الاحتجاجات العراقية السلمية.
ليست جرة قلم
ما رأيك بقرارات اعادة البعثيين إلى مناصب حكومية واعطاء فدائيي صدام رواتب تقاعدية؟
ما تتخذه الحكومة من قرارات وما يوافق مطالب المتظاهرين من قرارات تحكمه نظم الدولة والحكومة والدستور والبرلمان، وبالتالي لا رأي لي في قرار السلطتين التنفيذية والتشريعية ينال الاجماع الوطني. لكنني أرى أن رفع الظلم عن اي انسان عمل مأجور عليه من عمله، على الا يكون سبيلًا ليعود مجرم او قاتل إلى السلطة، ولا شك في أن القضاء هو الحكم الفيصل.
ما موقفك من تأجيل الانتخابات المحلية في نينوى والانبار؟
إانني مع اجراء كل الانتخابات في كل العراق، ولكن اذا صارت موضع خلاف، فهنالك محكمة اتحادية عليا، وهناك مفوضية انتخابات، وبالتالي فالرأي لهما وليس لي.
هل تحل استقالة نوري المالكي مشاكل العراق؟
استقالة الاشخاص تحول الازمة إلى صراع، ولا أعني شخصًا بعينه، بل أجد أن الاتفاق على ادارة حكومة رشيدة تحت اي اسم كانت هي الحل، فالاشخاص يتغيرون ويبقى القانون الوطني للدولة والحكومة. وهناك سوء في فهم أن استقالة فلان ستعقبها حلول سريعة، فالاعلام يرسم مثل هذه الصورة. قرار استقالة او استبدال رئيس الوزراء العراقي يخضع لتوافق برلماني وسياسي وحزبي واجتماعي، ولا يتم بجرة قلم على صفحة كما يتصور من يستسهلون ذلك.
كبيرة في استراتيجيتها
لماذا لم تأتلف مع إحدى القوائم الكبيرة في انتخابات مجالس المحافظات؟
في هذه الانتخابات والانتخابات البرلمانية القادمة، استراتيجيتي أن نكون نحن من يمثل ثقلنا، وليس اسم أي قائمة كبيرة معرضة اليوم او غدًا للتفتت والانشقاق.
هل تأملون في الفوز؟
لدي امل أن توافق قاعدتي في هذه الانتخابات والانتخابات القادمة على مشروعي السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والخدمي. الفوز والخسارة والمشاركة والتواصل هي مجرد تفصيلات. فقد كنت رئيسًا لبرلمان العراق، فهل اطمع اليوم بالفوز بشئ ما؟ أحاول انا ومن معي من اخواني في تياري ومن يتوافق معنا أن نكون قائمة كبيرة في استراتيجيتها وان صغرت في مصادرها ومواردها.
ألم تتعب من هموم السياسة؟
ساجيبك بقطعة قلتها ولم يضمها ديوان من دواويني المطبوعة والمخطوطة ستكون جوابا لسؤالك :
ولقد رأيت متاعبي بك راحة
يا ايها الوطن الأشم الأروع
فلئن تعبت فانت راحة خافقي
ما بين ارضك خافقي يتضوع
ومضت عقود فيك طال مسيرها
السجن فيها والمقاصل شرع
لكنني استبقيت فيك حشاشتي
وحشاشتي في رافديك توزع
انت العراق وانت ارضي كلها
تفديك مني في المخاطر اربع
عيني وقلبي واليدان كلاهما
وعلى ترابك مدفني والمصرع
هل ستتغير الخارطة السياسية في انتخابات مجالس المحافظات؟
لن تتغير الخارطة السياسية في انتخابات مجالس المحافظات، لأنها ليست انتخابات برلمانية، وليست في كل العراق، فهي ستكون في 12 محافظة، اذا استثنينا محافظات الاقليم الثلاثة وكركوك والانبار والموصل بفعل الظرف الخاص. ومن ثم فإن من الواجب التنبه إلى الخلط بين إنشاء كيانات سياسية أو دخول كيانات سياسية لهذه الانتخابات وحجم الكيانات قبل وبعد هذه الانتخابات، وهي طريق لمجالس خدمية. لكن الاعلام الواهم كبرها، وبالتالي فهي لا تدل على الشكل السياسي للخريطة السياسية العراقية بل هي اشبه باطار الصورة من خلال توجهات الناخبين، وفق نسبة مشاركتهم نحو انتخابات 2014.