في ختام مباحثات أجراها في بغداد اليوم وفد كردي برئاسة رئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني مع المالكي وقادة التحالف الشيعي، تم الإعلان عن الاتفاق على ضرورة إقرار القوانين والتشريعات المهمة، التي سيكون لها أثر فاعل في حل المشاكل العالقة بين الطرفين، مثل قانون النفط والغاز، والقوانين الأخرى والاتفاق على مواصلة الاجتماعات وتعزيز التواصل لحل جميع القضايا العالقة وإيلاء الجانب الأمني أهمية خاصة في جميع أنحاء العراق وتعزيز التنسيق بين الجانبين في هذا المجال.


أسامة مهدي: بحث رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد اليوم مع رئيس حكومة إقليم كردستان نجيرفان بارزاني والوفد المرافق له quot;آفاق التعاون والتنسيق بين الحكومة والاقليمquot;. وناقش الجانبان quot;مختلف نقاط الخلاف في جو من الصراحة والجدية والرغبة المشتركة في ايجاد الحلول لكل القضايا العالقة، وتم الاتفاق على حل كل المشاكل طبقا للدستور والنظام الفيدرالي وفي ظل عراق موحدquot;.

واضاف أنه قد جرى الاتفاق على إعطاء الجانب الأمني أهمية خاصة في كل أنحاء العراق وتعزيز التنسيق في هذا المجال وإيجاد السبل الكفيلة لتحقيق ذلك، كما نقل بيان حكومي عقب الاجتماع اطلعت عليه quot;ايلافquot;. واشار الى انه قد تم الاتفاق ايضا quot;على ضرورة العمل على إقرار القوانين والتشريعات المهمة، التي سيكون لها
أثر فاعل في حل المشاكل العالقة، مثل قانون النفط والغاز والقوانين الاخرى والاتفاق على مواصلة الاجتماعات وتعزيز التواصل لحل كل القضاياquot;.

مباحثات مع التحالف الشيعي
قبيل ذلك، عقد بارزاني اجتماعًا فور وصول الوفد الكردي الى العاصمة العراقية صباح اليوم مع قادة التحالف الوطني الشيعي، حيث أعلن بيان صحافي تسلمته quot;إيلافquot; ان ممثلي التحالف الوطنيِّ العراقيِّ برئاسة الشيخ خالد العطية نائب رئيس التحالف التقوا وفد حكومة إقليم كردستان برئاسة نجيرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم وعضوية وزيري الثروات الطبيعية، والتخطيط، وأمين عام وزارة البيشمركة الفريق جبار ياور ومحافظ كركوك نجم الدين كريم وأمين عام.

بينما ضم وفد التحالف الوطني، اضافة الى العطية كلا من رئيس كتلة الاحرار الصدرية النيابية بهاء الاعرجي والقيادي في ائتلاف دولة القانون حيدر العبادي وأمين عام منظمة بدر هادي العامري والقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي حميد معلة والقيادي في حزب الدعوة الاسلامية تنظيم الداخل خالد الاسدي، حيث quot;جرى التأكيد على ما تمَّ الاتفاق عليه في الزيارات واللقاءات التي جرت أخيراً من أهمية سلوك الحوار الصريح والمباشر لإيجاد الحلول لجميع المشاكل في إطار الدستور، وضرورة استمرار التعاون والتنسيق الاستراتيجيِّ بين الطرفين للحفاظ على مكاسب العملية السياسية، ودفع الأخطار المُحدقة بهاquot;.

وأشار الى ان وفد حكومة الإقليم قد رحّب بما تضمّنته الرسالة الأخيرة التي بعثها رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري إلى رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني quot;من تمسُّك التحالف بالعلاقة الاستراتيجية مع الكرد والإشادة بإيجابية المُبادَرات المُتبادَلة بين الطرفين من خلال إرسال الوفود إلى بغداد وأربيل، وما اتُفِق عليه خلال تلك المبادرات واللقاءات من استعداد الطرفين للدخول في حوار جادٍ وصريح لحلِّ المشاكل العالقة، ولاسيَّما ما طرأ منها أخيراً على أساس الدستور، وثوابت العلاقة الاستراتيجية، والمصلحة الوطنية التي يتمسَّك بها الطرفانquot;.

وأضاف quot;ان التحالف الوطنيُّ قد جدد دعوته إلى عودة مُمثـِّلي القوى الكردستانية إلى مجلس الوزراء ومجلس النواب لممارسة مسؤولياتهم المُهِمّة في بغداد، واتفق الجانبان على ضرورة مواصلة اللقاءات والاجتماعات ووضع الصيغ القانونية، والإجراءات العملية لحلِّ جميع الخلافات، بما يُكرِّس وحدة العراق، وتعايش جميع مُكوِّناته في ظلِّ النظام الديمقراطيِّ الاتحاديّquot;.

وقد لوحظ غياب رئيس التحالف الوطني ابراهيم الجعفري عن الاجتماع، الذي كان من المفترض ان يترأس خلاله وفد التحالف.
وكانت القيادة الكردية قررت في وقت سابق إرسال وفد الى بغداد للبحث في الخلافات بين الطرفين، فيما يواصل الوزراء والنواب الاكراد مقاطعة اجتماعات مجلسي النواب والحكومة الاتحاديين.

وتبادل التحالفان الوطني والكردستاني خلال الاسبوعين الاخيرين الرسائل والوفود لغرض معالجة القضايا العالقة، وأبرزها المادة 140 من الدستور ومستحقات الشركات النفطية الأجنبية ومصير قوات البيشمركة والشراكة الوطنية. وهناك مشاكل قديمة بين بغداد وأربيل بشأن مناطق متنازع عليها وإدارة الثروة النفطية وكذلك ميزانية حرس الإقليم quot;البيشمركةquot; وغيرها.

وتميزت علاقة كردستان بالتوتر الشديد مع الحكومة الاتحادية خلال الولاية الثانية لرئيس الوزراء نوري المالكي، الذي تتهمه القيادة الكردية بالتفرد في القرارات وقيادة البلاد نحو الدكتاتورية.

الوفد الكردي يحدد طبيعة مباحثاته في بغداد
وقبيل وصوله الى بغداد اليوم، اجتمع نجيرفان بارزاني رئيس حكومة اقليم كردستان مع الوزراء والنواب الاكراد في مجلسي النواب والحكومة الاتحاديين وعدد من مسؤولي الاقليم والاحزاب الكردستانية وناقشوا الوضع السياسي العام في العراق والعلاقات الثنائية بين الحكومة الاتحادية والاقليم.

وقال متحدث باسم بارزاني إن الاجتماع قرر تشكيل الوفد المغادر الى بغداد quot;لإجراء الحوار حول مستقبل العملية السياسية في العراق، والتي تواجه تحديات، وتتطلب العمل من قبل جميع الاطراف، من اجل تجاوزها وايجاد الحلول التي تخدم جميع مكونات الشعب العراقي وحل المشاكل العالقة بين حكومتي المركز والاقليمquot;.

ومن اجل الوصول الى هذا الهدف، طالب الاجتماع وفد الاقليم بإجراء حوارات واسعة وصريحة مع رئيس الوزراء نوري المالكي وكتلة التحالف الوطني الشيعي، وكذلك مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي وممثلي قائمة quot;متحدونquot; بزعامته وكذلك مع قادة القائمة العراقية والاطراف السياسية حول المستجدات على الساحة العراقية والعلاقات بين الطرفينquot;.

كما قرر الاجتماع الاستمرار في التشاور وعقد جلسات مقبلة بعد عودة رئيس وزراء الاقليم والوفد المرافق له من بغداد لاتخاذ الخطوات اللاحقة على ضوء نتائج الاجتماعات مع الاطراف العراقية ورئيس الوزراء الاتحاديquot; كما اوضح المتحدث الكردي.

استياء بغداد من انتشار القوات الكردية في مناطق انسحب منها الجيش العراقي
وقد جرت مباحثات اليوم في وقت قالت وزارة البيشمركة في حكومة اقليم كردستان امس انها قامت بملء الفراغ، الذي خلفه الجيش بعد انسحابه من المناطق المختلف عليها. وقال الامين العام للوزارة جبار ياور ان quot;الجيش العراقي ترك معظم قواعد ومقار الوحدات العسكرية التابعة للفرق 5 في محافظة ديالى (وسط) و4 في صلاح الدين (غرب) و12 في كركوك ونينوى (شمال) لاسيما في اوقات الليل خشية تعرّضها لهجمات المجاميع المسلحةquot;.

واكد أن الامر تسبب بحصول فراغ كبير في المناطق المحيطة بالمدن والقصبات التابعة لتلك المحافظات، لاسيما محيط مدينة كركوك المتنازع عليها. واشار الى انه quot;من اجل حماية أرواح المواطنين بكل مكوناتهم القومية والاجتماعية والدينية والطائفية، وبعد التشاور مع محافظ كركوك، تقرر أن تقوم قوات البيشمركة بملء تلك الفراغات بشكل عام ومحيط كركوك بشكل خاصquot;.

واوضح ياور أنه بعد الأحداث الدامية الأخيرة في البلاد quot;تحركت القوات العراقية خوفا من مهاجمتها من قبل المجموعات المسلحة وهذا أدّى إلى فراغ في هذه المناطق والمدن التابعة للمحافظة، وخاصة في مدينة كركوك وضواحيهاquot;. وجاء انسحاب قوات الجيش العراقي من مواقعها عقب الأحداث الدامية التي تلت اقتحام ساحة الاعتصام في الحويجة الثلاثاء الماضي.

تحذير من انتشار البشمركة في كركوك
لكن قائد القوات البرية في الجيش العراقي الفريق علي مجيد غيدان حذر من انتشار البشمركة هذا في مدينة كركوك، بعد انسحاب الجيش، وقال إن ذلك يمثل محاولة لعزل الفرقة الـ12 من الجيش عن جنوب كركوك، ووصف هذه الخطوة بالتطور الخطير. وأشار غيدان إلى أن وزارة الدفاع لديها اتفاق مع وزارة البشمركة على نشر نقاط تفتيش مشتركة في كركوك وديالى والموصل منذ عامين quot;والذي حصل في كركوك اليوم يمثل خرقا للاتفاقية بشكل سيولد نتائج وأحداثا كثيرةquot;.

يشار إلى أن كركوك تضم قوميات مختلفة من الأكراد والعرب والتركمان، وهي الجزء الرئيس من الأراضي الشاسعة التي يطالب إقليم كردستان العراق بضمها في مواجهة اعتراضات شديدة من حكومة بغداد.

من جهتها، قالت وزارة الداخلية العراقية انه quot;في الوقت الذي تنشغل فيه القوات العراقية بتداعيات الأعمال الإرهابية التي جرت أخيراً في محافظتي كركوك والأنبار، فإن انتشار قوات البشمركة هذا جاء من دون موافقات الحكومة الاتحادية، وأثار القلق من أن يؤدي إلى توترات وتصعيد امني خلافاً لما اتفقت عليه اللجنة الأمنية العليا بين وزارتي الدفاع والداخلية في حكومتي المركز والإقليمquot;.

وقالت الداخلية إن تاريخ الإخوة العربية الكردية والنضال المشترك الذي قامت به القوى الديمقراطية العربية والكردية، والتي لها مصلحة واقعية في استقرار العراق الجديد، quot;يحتم على الإخوة في كردستان الحذر في اتخاذ إجراءات وسياسات من شأنها أن تضيف عاملاً آخر للتوتر في البلاد، وهذا ليس في مصلحة استقرار العراق الاتحادي الديمقراطي، وقد يصب في مصلحة القوى الإرهابية الساعية إلى إحداث فتنة طائفيةquot;.

ودعت الداخلية العراقية مسؤولي الملف الأمني والعسكري في إقليم كردستان العراق الىquot;مراجعة المواقف وتغليب المصلحة العليا والرجوع إلى الروابط الكبيرة والكثيرة، التي تربط شعبنا بمختلف قومياته وطوائفه، من اجل تفويت الفرصة على أعداء العراق والمتصيدين بالماء العكر من قوى الإرهاب، الذين يحاولون استغلال الأمور وتوظيفها لخدمة مآربهم الدنيئة في النيل من وحدة بلدناquot;.

واشنطن والأمم المتحدة عبّرتا عن الأمل بتوصل مباحثات نجيرفان لمصالحة
وقد رحّبت الادارة الاميركية بزيارة نجيرفان بارزاني الى بغداد ومباحثاته مع المالكي وبقية القادة السياسيين. وقالت السفارة الاميركية في بغداد في بيان quot;ان المسؤولين الأميركيين دأبوا على فتح قنوات اتصال وثيق مع القادة السياسيين، الذين يمثلون جميع الأطياف في العراق، من أجل تشجيع الخطوات الإيجابية، مثل تلك الخطوة التي ترمي إلى تهدئة الأزمة الحاليةquot;.

واهابت السفارة بجميع الأطراف النظر إلى اجتماع اليوم كفرصة لاتخاذ إجراءات إيجابية تجاه تحقيق المصالحة الوطنية التي ستمكن العراق من التغلب على خطر الإرهاب، كما ستعمل على تعزيز المؤسسات الديمقراطية في البلاد وتحقيق الإزدهار للعراقيين كافة.

كما رحّبت الامم المتحدة ايضا بمساعي التهدئة والتوصل الى حلول للازمة بين بغداد واربيل خلال زيارة نجيرفان بارزاني، واكد رئيس بعثتها في العراق مارتن كوبلر في تصريح صحافي ارتياحه للاجتماع. وقال quot;آمل حقا ان يسهم هذا الاجتماع في إيجاد حلول طويلة الأمد، تستند إلى الدستور للتغلب على الأزمة الراهنة في العراق وفي عودة الوزراء الاكراد إلى عملهم في مجلس الوزراء الاتحادي قريباquot;.

واضاف quot;في هذه المرحلة الحرجة لا بد من الجلوس معا والتحدث بروح بناءةquot;. وشدد على ان quot;الحوار هو أفضل وسيلة للتغلب على المشاكلquot;. واشار كوبلر الى ان كلا الطرفين quot;بحاجة إلى معالجة المسائل العالقة وإلى الأبد، مثل الشراكة الحقيقية والأمن والميزانية وتقاسم الواردات بطريقة شفافة وصريحةquot;.

وقالت مصادر كردية ان مباحثات بارزاني تهدف الى إعطاء المحادثات دفعة قوية لتسوية الخلافات بين حكومتي بغداد أربيل والأزمة السياسية ككل في البلاد في ظل الرغبة القائمة في التمسك بالحوار والابتعاد عن العنف.