صعّد المحتجون في محافظات عراقية غربية وشمالية اليوم الجمعة من خطابهم المضاد للحكومة ورئيسها المالكي، وأعلنوا عن تشكيل جيش من العشائر لحماية مواطنيها، وهددوا بأن عدم الاستجابة لمطالبها سيدفعها إلى حكم نفسها بنفسها، وطالبوا التحالف الشيعي باستبدال رئيس الوزراء ومحاكمته وقادته العسكريين المسؤولين عن مهاجمة معتصمي الحويجة، واتهموا ميليشيات آتية من إيران بقتل العراقيين.


أسامة مهدي: شهدت محافظات الأنبار ونينوى وديالى وصلاح الدين وكركوك ومناطق في بغداد اليوم تجمعات جماهيرية في ساحات الاعتصام، حيث أقيمت صلوات جمعة شيعية سنية موحدة، استمع خلالها المصلّون إلى خطب الجمعة، التي أكدت على استمرار المحتجّين بمطالبهم، التي تنادي باستبدال المالكي.

وفي العاصمة اتخذت الأجهزة الأمنية إجراءات أمنية مشددة في مناطق غرب بغداد ومنطقتي الأعظمية والدورة، ونشرت أعدادًا كثيرة من عناصرها قرب الجوامع في هذه المناطق تحسبًا لخروج تظاهرات تندد بما حصل في الحويجة. وقامت الأجهزة الأمنية بالتدقيق في هويات الداخلين والخارجين من هذه المناطق.

ورغم هذه الإجراءات فقد انفجرت عبوة ناسفة وضعت إلى جانب الطريق، استهدفت مصلين في جامع الكبيسي عقب الانتهاء من أداء صلاة الجمعة في منطقة البياع في بغداد، مما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وجرح 16 آخرين.

الاستقالة احتجاجًا على المالكي
وفي مدينة سامراء (125 كم شمال غرب بغداد) قال خطيب الجمعة في الآلاف من المحتجين، الذين أدّوا الصلاة، إنه قد أصبح ضروريًا على quot;المسؤولين الشرفاءquot; الاستقالة احتجاجًا على ممارسات الحكومة ورئيسها المالكي، وناشد محتجي المحافظات الست بالوحدة وعدم السماح بتفرقة كلمتهم والتهيؤ للدفاع عن أنفسهم.

وأعلن أن المحافظات الست قد بدأت بتشكيل جيش عشائري للدفاع عن أموال وأعراض وأرواح مواطنيها. وأشار إلى أن هذا الجيش، الذي أطلق عليه quot;جيش العزة والكرامةquot;، سيضم شباب العشائر والعسكريين في كل محافظة وفق القانون والشرع حتى الوصول إلى تحقيق المطالب.

استهداف المؤسسات حرام
ودعا الخطيب المحافظات الست إلى الإسراع في تشكيل هذا الجيش، بعدما يئس المواطنون من استجابة الحكومة للمطالب واستعدادها لتكرار عدوان الحويجة في مناطق أخرى بالتعاون مع الميليشيات الآتية من إيران. وقال إنه إذا لم ترتدع الحكومة عن ممارساتها ضد المحافظات، فإن أبناءها سينزلون إلى الشوارع ويحمون أنفسهم.. وحذر من الاعتداء على الإدارات والمؤسسات الحكومية، مشددًا على أن ذلك محرم شرعًا.

وذكر الخطيب بالاعتداء على معتصمي الحويجة وقبله على الآخرين في الفلوجة ونينوى والعامرية في بغداد، وقال إن الديمقراطية الجديدة قد ذبحت فيها. وطالب بالقصاص من المالكي وقادته العسكريين، ومن كل من هيّأ ونفذ للهجوم في الحويجة، ودعا إلى سحب الجيش من المدن وتسليمها إلى قوات الشرطة وعدم الاحتكاك بالمواطنين، وشدد بالقول quot;إن هذه الجرائم لن تمر من دون عقابquot;.
وأكد أن المحتجين باقون في ساحات الاعتصام حتى quot;النصر وتحقيق المطالبquot;، ودعا إلى اجتماع عاجل في سامراء لممثلي المحافظات الست لبحث الخيارات المستقبلية، موضحًا أن جميع الخيارات مفتوحة للدفاع عن المطالب، متوعدًا الميليشيات الإيرانية بالقصاص لما قال إنها جرائم ترتكبها ضد العراقيين.

التهديد بحكم ذاتي
أما خطيب جمعة الرمادي (110 كم غرب بغداد) فقد أكد على تمسك المحافظة بإقالة المالكي، وأشار إلى تشكيل جيش العشائر quot;للموت في سبيل الله والأرواح والأعراضquot;.. ودعا إلى استبدال المالكي بآخر، يرضى عنه المكوّن الشيعي، وإلا quot;فإن المحافظات الست ستضطر لحكم نفسها بنفسهاquot;. وحذر من أن العراق يسير نحو الهاوية والتفتيت، نتيجة ما وصفه بالسياسات الرعناء للمالكي.
وعقب انتهاء الصلاة أعلن ضابط برتبة رائد من أبناء المحافظة استقالته من تشكيله العسكري، وانضمامه إلى المعتصمين في الرمادي.

وخلال الأيام الثلاثة الماضية وجراء المعارك فقد قتل حوالي 200 شخص، وأصيب 286 آخرون، بينهم عدد كبير من عناصر الشرطة والجيش الحكوميين. وتعتبر هذه الاضطرابات الأشد دموية، التي ترتبط بتظاهرات احتجاج ضد رئيس الوزراء نوري المالكي، انطلقت في 25 من كانون الأول (ديسمبر) الماضي في المناطق ذات الغالبية السنية في هذا البلد، الذي يشكل الشيعة غالبية سكانه.

وتقول الحكومة الاتحادية إن غالبية مطالب المتظاهرين المشروعة تمّ تنفيذها، وإنها أفرجت عن العديد من المعتقلين والمعتقلات وأحالت الآلاف من ضباط جيش النظام السابق إلى التقاعد.

يذكر أن محافظات بغداد والأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى تشهد منذ 25 كانون الأول (ديسمبر) الماضي تظاهرات احتجاج واعتصامات، تطالب بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الأبرياء ومقاضاة quot;منتهكي أعراضquot; السجينات، فضلاً عن تغيير مسار الحكومة وإلغاء المادة 4 إرهاب وقانون المساءلة والعدالة والمخبر السري وإصدار عفو عام وإلغاء الإقصاء والتهميش لمكونات عراقية.

لجنة برلمانية تبحث في كركوك ملابسات اقتحام الحويجة
ويجري وفد برلماني عراقي وصل إلى محافظة كركوك اليوم مباحثات مع المسؤولين ورجال العشائر والقوات الأمنية فيها للإطلاع على تطورات الأوضاع فيها بعد أحداث قضاء الحويجة.

يضم الوفد أعضاء من لجنتي حقوق الإنسان والأمن والدفاع النيابيتين، حيث عقد فور وصوله اجتماعاً طارئاً مع محافظ كركوك نجم عمر كريم ونائبه روكان سعيد ومدير دائرة صحة كركوك صديق عمر لبحث أحداث قضاء الحويجة.

من جهته، أعلن رئيس مجلس قضاء الحويجة علي صالح الجبوري اليوم أن عشائر الجبور ترفض quot;المزايداتquot; بدم أبناء القضاء من قبل البعض، وقال إن quot;شيوخ عشائر قبيلة الجبور في الحويجة والزاب والعباسي (55 كم جنوب غرب كركوك) عقدوا اجتماعاً ليل أمس، في مضيف أمير قبائل الجبور وعضو البرلمان العراقي الشيخ نايف إبراهيم المهيري لمناقشة الأوضاع بعد حادثة اقتحام ساحة الاعتصام في القضاءquot;.

وأضاف أن quot;الاجتماع حضره النائب عمر الجبوري ورؤساء المجالس المحلية للمدن العربية جنوب وغرب كركوكquot;، موضحاً أنه quot;تم تدارس الموقف الحالي في الحويجة بعد حادثة الاقتحام، وتم الاتفاق على عدد من النقاط للتحرك في المنطقة، ومنها عدم التصعيدquot;.

واعتبر الجبوري في تصريح نقلته وكالة السومرية نيوز أن quot;هناك بعض الشخصيات بدأت التزايد باسم شهداء وموضوع ساحة الاعتصام، من خلال تصريحات مزايدة على أن العشائر تفرض التفاوض مع اللجان الحكومية، بل إن عمداء قبيلة الجبور رحّبوا باللجان، التي سوف تأتي للوقوف على الحقائق، والتحقيق سيكشف من السبب ويقدمه للقضاءquot;، مشدداً على أن quot;للشهداء حقوقًا ونعمل على إعطاء الحقوق لعوائلهمquot;.

وكان رئيس مجلس النواب العراقي أسامة النجيفي طرح أمس مبادرة لتهدئة وتطويق الأزمة الناشبة في الحويجة والحيلولة دون اتساعها، تتضمن الطلب من قوات الجيش والشرطة الاتحادية الانسحاب الكلي والفوري من داخل المدن التي تشهد أوضاعًا متأزمة وتسليم الملف الأمني لقوات الشرطة المحلية وإلى محافظي تلك المدن، وضمان تحقيق إجراءات قضائية quot;عادلة ونزيهةquot;، على أن تقدم القضية إلى محكمة استئناف كركوك حصرًا.

من جهتها، طالبت قائمة quot;متحدونquot; بزعامة النجيفي بإلغاء quot;قوات سواتquot; لمكافحة الإرهاب المرتبطة مباشرة برئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي، والتي أنشأتها القوات الأميركية، وتلقت تدريباتها في معسكراتها quot;على عقيدة المحتلquot;، كما قال الناطق باسم القائمة ظافر العاني.

وأضاف العاني قائلًا على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي quot;فايسبوكquot; إن كل العمليات العسكرية التي قامت بها هذه القوات قد أكدت أنها لم تكن إلا ضد أبناء الشعب العراقي، ولم تتردد عن أعمال القتل المروّع تجاه العراقيين وبدم بارد، وآخر أعمال القتل التي قامت بها هي جريمتها في الحويجة، حيث تأكدت لدينا المعلومات بأنها قامت بالإجهاز على حياة الجرحى والمعتصمين السلميين، حتى الذين أرادوا الخروج من ساحة الاعتصام.

وأوضح أن quot;قائمة (متحدون) إذ تطالب بإلغاء قوات سوات، فإنها تعتبرها من مخلفات الاحتلال، الذي انتهى إلى غير رجعة، وهي تشكيل خارج إطار الدستور، وتدعو اللجان التحقيقية إلى تقديم قادتها إلى المحاكم المختصة عن جرائم القتل المتعمد وغير القانوني التي قامت بهاquot;.

وشهد قضاء الحويجة في محافظة كركوك في 23 من الشهر الحالي عملية اقتحام لقوات الجيش لساحة الاعتصام في قضاء الحويجة في محافظة كركوك، أدت إلى مقتل 50 شخصاً وإصابة 110 آخرين، بحسب دائرة صحة المحافظة.

يذكر أن رئيس الوزراء نوري المالكي قام بتشكيل لجنة وزارية برئاسة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك وعضوية نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ومجموعة من الوزراء، للتحقيق في أحداث الحويجة quot;ومحاسبة المقصرينquot;، حيث اعتبرت هذه اللجنة في أول اجتماع لها الأربعاء الماضي جميع من قتلوا خلال الاقتحام من المتظاهرين والجيش quot;شهداءquot; ولهم جميع الحقوق والامتيازات، فضلاً عن إطلاق سراح جميع الموقوفين في تلك الأحداث، مؤكدة أنه ستتم معاقبة المقصّرين.

ويشهد العراق منذ، الثلاثاء الماضي، عقب حادثة اقتحام ساحة اعتصام الحويجة، هجمات مسلحة على نطاق واسع طالت مناطق متفرقة من جنوب وجنوب غرب كركوك، وجنوب الموصل ومناطق مختلفة من صلاح الدين والفلوجة والرمادي، مما أدى إلى مقتل حوالي 200 شخص، وإصابة 300 آخرين بجروح من عناصر قوات الجيش والشرطة والمسلحين من عناصر جيش رجال الطريقة النقشبندية بقيادة عزة الدوري الأمين العام لحزب البعث المحظور واحتراق العشرات من المركبات العسكرية المختلفة.