احتفل الأفارقة السبت بالذكرى الخمسين لولادة منظمة الوحدة الأفريقية، وهي المنظمة التي سبقت الاتحاد الأفريقي، الذي ولدت فكرته على يد الزعيم الليبي الراحل معمّر القذافي، من خلال إعلان سرت في العام 2009.


نصر المجالي: في كلمة في بدء الاحتفالات، حدد هايلي مريم ديسيلين رئيس وزراء أثيوبيا، التي تستضيف القمة، حدد هدفًا للقادة المجتمعين في العاصمة الأثيوبية، والمتمثل في: quot;بناء قارة خالية من الفقر والنزاعات، ينعم فيها مواطنونا بأوضاع بلد متوسط الدخلquot;، فاتحًا بذلك النقاش أمام العديد من الشخصيات الآتية من مختلف أرجاء العالم.

واعتبر رئيس الوزراء الأثيوبي أن هذه الأهداف يجب أن تشكل مرادفًا جديدًا للوحدة في أفريقيا، في تحية إلى مؤسسي منظمة الوحدة الأفريقية وquot;سعيهم إلى الوصول إلى الوحدة الأفريقيةquot;.

تشارك في القمة الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، ووزير الخارجية الأميركي جون كيري، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وينضم إليهم لاحقًا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

الوحدة ضد العنف
من جهتها، دعت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما القارة الأفريقية إلى الحزم في تولي مصيرها. وقالت دلاميني زوما في المقر الجديد لمنظمة الاتحاد الأفريقي quot;إذا كنا نتحدث عن حلول أفريقية للمشاكل الأفريقية، فذلك لأننا نعلم بأننا لا نستطيع إسكات الأسلحة إلى الأبد إلا إذا تحركنا بتضامن ووحدةquot;.

وكان الاتحاد الأفريقي اعتمد منذ تأسيسه عددًا من الوثائق المهمة، والتي ترسي معايير جديدة على صعيد القارة السوداء، وذلك لتكملة الوثائق المعمول بها بالفعل عند إنشائها، وتشمل اتفاقية الاتحاد الأفريقي لمنع ومكافحة الفساد (2003) والميثاق الأفريقي للديمقراطية والانتخابات والحكم (2007)، فضلًا عن الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (NEPAD) وما يرتبط بها من الإعلان حول الديمقراطية والسياسية والاقتصادية وحوكمة الشركات.

نادي الطغاة!
تعود الأسس التاريخية للاتحاد الأفريقي إلى نشأة quot;اتحاد الدول الأفريقيquot;، وهي منظمة صغيرة أسسها كوامي نكروما في ستينات القرن الماضي، كما كانت قد ظهر العديد من المحاولات الأخرى لتوحيد القارة، فتأسست quot;منظمة الوحدة الأفريقيةquot; في 25 مايو/ أيار، 1963، وquot;الجماعة الاقتصادية الأفريقيةquot; في 1981.

انتقد البعض قائلًا إن مجهود منظمة الوحدة الأفريقية في حماية حقوق وحريات الشعوب الأفريقية من قياداتهم السياسية لم يكن كافيًا، ووصفوها quot;بنادي الطغاةquot;.

وكانت فكرة إنشاء الاتحاد الأفريقي في منتصف التسعينات، تحت قيادة زعيم ليبيا السابق الراحل معمّر القذافي، وكان حينها دعا رؤساء الدول الأفريقية بعد quot;إعلان سرتquot;، الذي سمّي على اسم مدينة سرت الليبية في 9 سبتبمر/ أيلول 1999 إلى إنشاء الاتحاد الأفريقي.

أعقب ذلك الإعلان العديد من القمم لإنجاز ذلك المشروع، ففي عام 2000 أقيمت قمة في لومي، والتي اعتمد فيها القانون التأسيسي للاتحاد، واعتمدت الخطة لتنفيذ الاتحاد الأفريقي في قمة لوساكا في سنة 2001، وفي الوقت نفسه، تم تنفيذ مباردة إنشاء الشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا (NEPAD).

علم جديد
وقد تم إنشاء الاتحاد الأفريقي عمليًا في 9 يوليو/ تموز 2002 في قمة مدينة ديربان في جنوب أفريقيا، وكان أول رئيس للجمعية العامة للاتحاد الأفريقي هو الجنوب أفريقي ثابو مبيكي. أما الدورة الثانية، فقد أقيمت في مابوتو في عام 2003، واستضافت أديس أبابا الدورة الثالثة في 6 يوليو 2004.

وقد اختارت مفوضية الاتحاد الأفريقي علمًا جديدًا للاتحاد الأفريقي بعد مسابقة قدم فيها 106 تصميمًا للعلم، شاركت في اختيار التصميم مجموعة من الخبراء من المناطق الجغرافية الأفريقية الخمس. يمثل اللون الاخضر، كما في العلم السابق، الأمل الأفريقي، ةيتوسط العلم خريطة القارة من دون حدود داخلية، تشعّ منها 53 نجمة ذهبية تمثل عدد أعضاء الاتحاد. وقد اعتمد الاتحاد الأفريقي نشيدًا وطنيًا باسم، quot;هيا نتحد ونحتفل سويًاquot;.

أديس أبابا العاصمة
وتعتبر مدينة أديس أبابا في أثيوبيا هي العاصمة الإدارية والرئيسة للاتحاد الأفريقي، حيث يقع فيها المقر الرئيس للجنة الاتحاد الأفريقي. ويستضيف عددًا آخر من أعضاء المجلس العديد من الهياكل الأخرى، فعلى سبيل المثال بانجول، يوجد فيها المقر الرئيس للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان وحقوق الشعوب. وغامبيا، التي تستضيف أمانتي، آلية مراجعة النظراء الأفريقية والشراكة الجديدة من أجل تنمية أفريقيا. فضلًا عن البرلمان الأفريقي، والذي يقع في مدينة ميدراند الجنوب أفريقية.

يضم الاتحاد الأفريقي جميع دول القارة كأعضاء، باستثناء المغرب، التي عارضت عضوية الصحراء الغربية باعتبارها الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية.

مع ذلك، للمغرب وضع خاص داخل الاتحاد الأفريقي، من ناحية الاستفادة من الخدمات المتاحة لجميع أعضاء الاتحاد الأفريقي من المؤسسات التابعة له، مثل مصرف التنمية الأفريقي.

ويشارك المندوبون المغربيون أيضًا، في وظائف الاتحاد المهمة. ويعملون أيضًا على مواصلة المفاوضات في محاولة لحل النزاع القائم مع جبهة البوليساريو في تندوف والجزائر وأجزاء من الصحراء الغربية.

رؤساء الاتحاد وأهدافه
يشار إلى أن عددًا من الرؤساء الأفارقة تولوا قيادة الاتحاد منذ تأسيسه على النحو الآتي: ثابو مبيكي (جنوب أفريقيا)، جواكيم شيسانو (موزامبيق) أولوسيجون أوباسانجو (نيجيريا)، دنيس ساسو نغيسو (الكونغو)، جون كوفي أجيكوم كوفو (غانا)، جاكايا كيكويتي (تنزانيا)، معمّر القذافي (ليبيا)، بينغو وموثاريكا (مالاوي).

من بين أهداف مؤسسات الاتحاد الأفريقي الأساسية هي تسريع وتسهيل الاندماج السياسي والاجتماعي الاقتصادي للقارة، وذلك لتعزيز مواقف أفريقيا المشتركة بشأن القضايا التي تهمّ القارة وشعوبها، تحقيقًا للسلام والأمن؛ ومساندةً للديموقراطية وحقوق الإنسان.

أقسام الاتحاد
ويتكون الاتحاد الأفريقي من جزئين، أحدهما سياسي، والآخر إداري. ويعرف أكبر صانع للقرارات في الاتحاد الأفريقي بالجمعية العامة، التي تتألف من رؤساء الدول الأعضاء أو ممثلي حكوماتها. يرأس حاليًا الجمعية العامة رئيس ملاوي بينغو وموثاريكا، الذي تم انتخابه في الاجتماع نصف السنوي الرابع عشر للجمعية العامة في يناير/كانون الثاني 2010.

ولدى الاتحاد الأفريقي هيئة تمثيلية، أيضًا، في ما يعرف بالبرلمان الأفريقي (برلمان عموم أفريقيا)؛ الذي يتألف من 265 عضوًا ينتخبون من قبل البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء، والذي يرأسه إدريس موسى.

توجد أيضًا لدى الاتحاد الأفريقي مؤسسات سياسية أخرى، مثل المجلس التنفيذي، والذي يضم وزراء خارجية الدول الأعضاء، ومن المهام الرئيسة للمجلس تهئية القرارات لتمريرها للجمعية العامة والهيئة التمثيلية للاتحاد، التي تضم سفراء الدول الأعضاء في أديس أبابا.

كما يوجد أيضًا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي (ECOSOCC) والذي يهتم بالناحية المدنية للدول. يشار في الختام، إلى أن الاتحاد الأفريقي قام بأول تدخل عسكري له في دولة عضو في مايو/ أيار 2003، حيث نشر قوة لحفظ السلام من جنوب أفريقيا وأثيوبيا وموزمبيق إلى بوروندي للإشراف على تنفيذ العديد من الاتفاقات العسكرية المختلفة هناك. كما نشر أيضًا الاتحاد قوات لحفظ السلام في السودان ضمن صراع دارفور، وذلك قبل تسلم الأمم المتحدة تلك المهمة في 1 يناير/كانون الثاني 2008، كما قام الاتحاد بنشر قوات حفظ سلام من أوغندا وبوروندي في الصومال.