تشكل التحركات الاحتجاجية في تركيا مادة دسمة لوسائل الاعلام والمسؤولين في سوريا للتشفي وفرصة للانتقام من انقرة الداعمة للمعارضة السورية والسباقة قبل سنتين الى انتقاد قمع النظام السوري ومطالبته بالرحيل.


دمشق: على شاشة قناة quot;الاخباريةquot; السورية، صرخ محلل سوري اتصل به التلفزيون هاتفيا ليقيم الوضع التركي، متوجها الى اردوغان، quot;عليك ان تستقيل اذا كنت فعلا تحترم الديموقراطية. هذا الحراك في تركيا هو الربيع الحقيقيquot;، مؤكدا quot;وقوف سوريا مع الشعب التركيquot;.
وكان وزير الاعلام السوري عمران الزعبي اتهم السبت رئيس الوزراء التركي بقيادة بلاده quot;باسلوب ارهابيquot;. وقال ان quot;قمع رجب طيب أردوغان للمظاهرات السلمية أمر غير واقعي ويكشف انفصاله عن الواقعquot;، مضيفا quot;ان الشعب التركي الشقيق لا يستحق هذه الهمجية ولا مبرر ان يتحدى اردوغان شعبهquot;.
وتابع quot;على اردوغان التنحي اذا كان عاجزا عن اتباع وسائل غير عنفيةquot;.
وفي اليوم التالي، دعا الزعبي الى quot;الافراج عن معتقلي الرأي في تركياquot;، مضيفا quot;على اردوغان احترام ارادة شعبه وان يغادر الى الدوحة التي قد تستضيفهquot;.
اما وزارة الخارجية السورية فقد quot;نصحت المواطنين السوريين بعدم السفر الى تركيا خلال هذه الفترة حفاظا على سلامتهم وامنهم وذلك بسبب تردي الاوضاع الامنية في بعض المدن التركية خلال الايام القليلة الماضية والعنف الذي مارسته حكومة اردوغان بحق المتظاهرين السلميين من ابناء الشعب التركيquot;.
وتستخدم دمشق عبارات سبق للمسؤولين الاتراك ان توجهوا بها الى نظام الرئيس السوري بشار الاسد في معرض انتقادهم لقمع الحركة المطالبة برحيله في سوريا والتي بدأت سلمية في منتصف آذار/مارس قبل ان تتحول الى نزاع دام بعد اكثر من ثمانية اشهر.
وتدهورت العلاقات التركية السورية نتيجة دعم انقرة للمعارضة السورية.
وتشهد ساحة تقسيم في اسطنبول ومدن تركية اخرى مواجهات منذ الجمعة بين متظاهرين والشرطة بدأت باحتجاج على مشروع بناء سوق تجاري يتطلب اقتلاع بعض الاشجار في تقسيم، وتطورت الى انتقادات لاداء حكومة اردوغان في مجالات عدة، لا سيما الاجتماعية واتهامات من البعض بانها تعمل على quot;اسلمة البلادquot;.
وفي شريط اخباري على اسفل شاشة تلفزيون quot;الاخباريةquot;، تؤكد القناة ان المطالب في تركيا تطورت من quot;اقتلاع اشجارquot; الى quot;اقتلاع اردوغانquot;.
وتضيف ان ما يجري في تركيا quot;ضد الطغمة الحاكمةquot; هو quot;رفض تغيير الوجه العلماني لتركيا وتحويلها الى سلطنة عثمانية محكومة بعصور الظلامquot;.
وفي نشرات الاخبار، يقدم التلفزيون الاحداث التركية تحت عنوان quot;اردوغان الجاني على نفسهquot; او quot;الشعب يثور على الطاغيةquot;، واصفا ما يحصل بانه quot;ثورة حقيقية لم تتورط فيها قطر او اسرائيلquot;.
ولم تعترف دمشق بتاتا بان التحرك الذي بدأ في درعا بخربشة صبية على الجدران تطالب برحيل النظام، هو تحرك شعبي، وقمعته منذ اليوم الاول بالرصاص والقوة، ما اوقع الاف القتلى قبل ان يلجأ المعارضون بدورهم الى السلاح.
ولم تطلق وسائل الاعلام السورية في اي يوم عبارة quot;احتجاجات شعبيةquot; او quot;ثورةquot; او quot;تظاهرات سلميةquot; على التحركات الاحتجاجية ضد النظام، بل هي تتحدث منذ البداية عن quot;استهدافquot; لسوريا وquot;مؤامرة خارجيةquot; وعمليات تقوم بها quot;مجموعات ارهابية مسلحةquot; مدعومة من الغرب ومن تركيا وقطر والسعودية.
وذكر تلفزيون quot;الاخباريةquot; الاحد نقلا عن quot;مصادر تركيةquot; ان بناء السوق التجاري في تقسيم هو مشروع quot;لمستثمرين قطريين واشخاص من عائلة اردوغانquot;.
ويقوم تلفزيون الاخبارية والتلفزيون الرسمي منذ السبت بتغطية متواصلة وغالبا مباشرة من ساحة تقسيم في اسطنبول للتحركات الاحتجاجية، مستضيفين محللين ومثقفين من تركيا وسوريا وغيرها من الدول يهاجمون سياسة اردوغان، ويؤكدون ان quot;العلة الاساسيةquot; لانقلاب الشعب عليه quot;موقفه من سورياquot;، وان quot;مشروع ساحة تقسيم هو الشعرة التي قصمت ظهر البعيرquot;.
ومن هؤلاء المحللين المحلل التركي بركات كار الذي قال عبر الهاتف للتلفزيون السوري ان اسباب ما يحصل في تركيا quot;اخطاء داخلية وخارجية، خصوصا الموقف تجاه سوريا والشرق الاوسط والتعامل مع القوى الجهادية والتكفيريةquot;، معتبرا انه quot;من الصعب عودة الاستقرار الى تركيا كما كان قبل الحراك الشعبيquot;.
وفي اليوم الاول من التظاهرات، وبعد اطلاق الشرطة التركية قنابل مسيلة للدموع احدثت دخانا اسود كثيفا في ساحة تقسيم، قطع التلفزيون السوري برامجه لينقل الصورة مع عبارة quot;اسطنبول الآنquot; في اسفل الشاشة.
ويتحدث الاعلام السوري عن quot;اشتباكات بين قوات الامن والمطالبين باستقالة اردوغانquot;.
وكتبت صحيفة quot;الوطنquot; السورية الاحد تحت عنوان quot;الربيع التركي ينطلق من تقسيمquot;، quot;انقلب السحر هذه المرة على الساحر. فبعد عشرات التصريحات التي لم تخرج عن حد التنظير لانتقاد سورية، أطلق رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان العنان لقواته باستخدام الهمجية والقوة المفرطة ضد آلاف المتظاهرين السلميين في عشرات المدن التركية لتوقع مئات الجرحى والمعتقلين بين صفوفهمquot;.