اعتبر عراقيون ان لقاء قادة وممثلي كتل وأحزاب اضافة الى نواب ورجال دين السبت الماضي، تلية لدعوة أطلقها رئيس المجلس الاسلامي الاعلى في العراق عمار الحكيم لبحث التدهور الامني والسياسي في الاشهر الاخيرة، لا يعني شيئا بقدر ما تعني النتائج المتمخضة عنه.


وسيم باسم من بغداد: أبدى عراقيون قلقهم من أن يكون لقاء الساسة ورجال الدين السبت الماضي كمثيلاته من اللقاءات السابقة، أي رد فعل مؤقت على تداعيات الاحداث، سرعان ما تتلاشى الاتفاقيات الناتجة عنه مثل الفقاعة.

لاتفاعل مع عناق المالكي والنجيفي

انعقد الاجتماع في وقت تشهد فيه البلاد تدهورا امنيا متصاعدا وازمات سياسة متواصلة وعلى رغم نقل شاشات التلفزيون مشاهد حية لمصافحة بين رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ورئيس البرلمان اسامة النجيفي، كما قّبل احدهما الاخر، الا ان الكثير من العراقيين لم يتفاعلوا مع (اللقطة)، بحسب الباحث الاكاديمي في العلوم السياسية، توفيق الدايني، لسبب بسيط، وهو اجترار الحوارات واللقاءات، بين الزعماء والنواب الذين اصبحوا نجوم تلفزيون اكثر منهم خادمين للشعب عبر السياسة.

يقول الدايني : العراقيون يبحثون اليوم عن التطبيقات العملية والتفاصيل التي تهم حياتهم اليومية بعدما تعبوا من كثرة ظهور السياسيين على شاشات التلفزيون عبر اجتماعات ولقاءات لم تثمر عن نتيجة في مجال الامن والخدمات. لكن الدايني من جانب آخر يأمل ان يكون لقاء مبادرة الحكيم بادرة خير على رغم اعتقاده بان نتائجه معنوية فقط مثلما هو رمزي بالفعل كما اعتبره منظموه.

تبويس اللحى

الا ان الكاتب يوسف ابو الفوز اعتبر اللقاء جزء من ظاهرة (تبويس اللحى) التي اعتاد عليها الحكام العرب، وليذهب الشعب الى الجحيم.

وكان المالكي والنجيفي تصافحا وتبادلا القبلات تحت انظار وتصفيق الحاضرين في مشهد غاب عن شاشات التلفزيون منذ فترة ليست بالقصيرة.

المهندس احمد سعيد عضو مجلس بلدي سابق، اعتبر ازالة الخلافات بشكل نهائي امر جيد، لكن السؤال كيف يمكن انهاءها في اجتماع واحد اذا لم ترتب آليات مستقبلية ؟

يضيف: اعتقد ان اغلب الحاضرين جاءوا (مجاملة) للدعوة من دون وضع آليات مسبقة لبحث الخلافات والدليل هو ما تشهده الايام القادمة حيث ستتكرر نفس المشاكل القديمة.

وبحسب الاكاديمي في علوم السياسة جعفر الموسوي فان أي اجتماع لا يتضمن معالجة مشاكل المتظاهرين ومطالب المكونات الاخرى بصورة جدية سوف يبقي الخلافات كما هي.

وتساءل قائلا: هل ينكر السياسي العراقي ذاته ويبحث في اسباب الاوضاع المتردية التي وصل اليها البلد والتي هو جزء منها؟.

ومن جهته اعتبر رجل الدين عبد الحسين علي من كربلاء (108 كم جنوب غربي بغداد) ان الاجتماع خطوة مشجعة ومفرحة العراقيين، لكن لا نريده ان يكون شكليا، لان ما فهمته من وسائل الاعلام انه اجتماع رمزي.

وأضاف : سيكونون القادة على قدر المسؤولية اذا نجحوا في ايقاف الفوضى الامنية وطورا الخدمات وهذا ما ينتظره المواطن.

لا قناعة بانتهاء الازمات

لكن كريم الاسدي (اعلامي ) لا يقتنع ان ما بعد الاجتماع سيؤدي الى خروج من الازمة، مؤكدا ان المسالة اكبر من تبادل القبل وهز الكفوف بالسلام، لان العملية السياسية قامت بالأساس على اساس طائفي، وتقسيم المناصب والمنافع، وفي مثل هكذا نظام يستمر الخلاف الى الابد.

وفيما اذا للاجتماع تأثير على التفجيرات وأعمال القتل، لايتوقع الاسدي ذلك، مؤكدا ان المستقبل سيرهن ذلك.

وبغض النظر عن اسماء المواطنين الذين تم لقائهم، فان اغلبهم يرون ان اللقاء لم يستطع ان يقنع الشارع العراقي بانه (ميثاق شرف) قبل ان يجد له تطبيقا جديا وحقيقيا في الشارع بسبب عمق الخلافات بين الاطراف.

ويعتقد الأسدي ان الاملاءات الاجنبية ستمنع بعض القادة السياسيين من التحاور المستقبلي بعد اللقاء في منزل الحكيم.

يشهد العراق تدهورا امنيا ذا ابعاد طائفية حيث قتل اكثر من الف شخص الشهر الماضي بحسب ارقام الامم المتحدة.

ويتخوف المواطنون على مختلف مستوياتهم الاكاديمية والاقتصادية من ان يكون تدهور الوضع الامني سببا في حرب اهلية تعيد العراق الى زمن العنف الطائفي قبل سنوات.

الخطاب المتشنج

يرى النائب عن كتلة الفضيلة حسين المرعبي، في حديث معه ان على جميع الاطراف الابتعاد عن الخطاب المتشنج الذي يدعو إلى التفرقة وضرب القوات الأمنيةrdquo;.

ويرى حبيب العيساوي عن حزب الدعوة الاسلامي في بابل (100 كم جنوبي بغداد ) في حديث معه انه يأمل ان تتحول نتائج الانتخابات الى صيغة دائمة تشكل ميثاقا تتبعه خطوات عملية للتهدئة ولحل كافة الخلافات.

ويتابع: المس اليأس الناتج عن التدهور السياسي والامني لدى المواطن الذي سوف لن يكتفي بالاجتماعات بعد الان.