يزداد المرشحون الأوفر حظًا في السباق الرئاسي الإيراني تعنتًا واقترابًا من مواقف صقور النظام، إذ للحرس الثوري الإيراني كفته الراجحة في توجيه الناخبين لانتخاب من يراه متوافقًا مع سياسته.


لندن: فيما يتساءل كثيرون أي من المرشحين الثمانية للرئاسة الايرانية سيكون الأوفر حظًا في كسب اصوات الناخبين، فإن السؤال الأشد الحاحًا هو أي منهم يحظى بدعم مراكز القوى في السلطة الحاكمة، مثل الحرس الثوري الايراني. فإن الحرس الثوري لاعب كبير في السياسة الايرانية منذ الثورة الاسلامية في العام 1979، وسطوته تتخطى نفوذ المؤسسة العسكرية حصرًا. ولا يقوم الحرس الثوري بدور مباشر في إملاء السياسة أو يختار الرؤساء بمفرده، ولكن لديه ما يكفي من القوة في إطار النظام الحاكم لإجهاض أي مبادرات كبيرة وترويج أجندته المتشددة الخاصة.

وكان مرشحون رئاسيون، سابقون مثل أكبر هاشمي رفسنجاني ومهدي كروبي، اتهموا الحرس الثوري الايراني مباشرة بالتأثير في نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في العام 2009، ومن المرجح أن يكون ثقله محسوسًا حين يتوجه الايرانيون إلى صناديق الاقتراع في 14 حزيران (يونيو) الحالي ايضًا.

كفة الحرس الراجحة

لا يعلن الحرس الثوري الايراني موقفًا رسميًا في السباقات الانتخابية، لكنه يصدر توجيهات عامة إلى افراده مسلطًا الضوء على المزايا الشخصية والمواقف السياسية للمرشح الأمثل بنظره. واستخدم الحرس الثوري وميليشيا الباسيج التابعة له هذا التكتيك في انتخابات 2005 و2009 لدعم محمود احمدي نجاد.

لكن رسالة الحرس الثوري الايراني كانت ملتبََسة في هذا العام. ومن المرجح أن تزداد الصورة وضوحًا مع اقتراب يوم الانتخابات، لكن هناك حتى الآن متنافسَين اثنين مرشحين لنيل تزكية الحرس الثوري الايراني بصورة غير رسمية، هما محمد باقر قليبايف وسعيد جليلي. فكلاهما من اقطاب النظام، وكلاهما من الموالين للمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وكلاهما من المحاربين القدماء في صفوف الحرس الثوري الايراني.

وأجرت وكالة انباء فارس، التي تخضع لسيطرة الحرس الثوري الايراني، استطلاعًا أظهر أن قليباف وجليلي هما المرشحان الأكثر شعبية، ونقلت نتائج الاستطلاع منافذ اعلامية أخرى تابعة للحرس الثوري.

غير تكتيكه

لدى قليباف رصيد من الخبرات الأمنية التي اكتسبها حين كان قائد سلاح الجو في الحرس الثوري الايراني وقائد الشرطة الايرانية، وكان من الناحية العملية حاكم أكبر مدينة ايرانية بحكم توليه منصب عمدة طهران.

وحاول قليباف حين دخل حلبة السباق الرئاسي أول مرة في العام 2005 أن يوسع قاعدته أبعد من أوساط المحافظين والمتشددين، بتصوير نفسه مرشحًا عصريًا يواكب التطورات التكنولوجية. وقد تكون هذه المحاولة أسفرت عن توسيع شعبيته ولكنها كلفته ايضًا ثقة رموز النظام، وبينهم العديد من قادة الحرس الثوري والباسيج الذين أيدوا احمدي نجاد وقتذاك.

لعل الخوف من تكرار هذه النتيجة هو الذي دفع قليباف إلى تغيير تكتيكاته هذه المرة. فسعى إلى التقرب من المحافظين مروجًا سيرة حياته بوصفه مسؤولًا حارب الاصلاحيين بلا هوادة. كما أن مكانته بين قادة الحرس لثوري الايراني قد تسهم في تحسين فرصه. وكانت تقارير افادت أن قليباف نال تزكية الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني وأحد اقطاب النظام.

لا مهادنة

اما سعيد جليلي فهو يترشح لأول مرة. وعلى النقيض من قليباف، فإن دوافعه واضحة لا تتحمل الكثير من التساؤلات. ونال جليلي رضا الحرس الثوري الايراني والباسيج، بوصفه نصيرًا قويًا للمحاربين القدماء، وهو نفسه مقاتل أُصيب بجروح في الحرب مع العراق. ويعتبر جليلي من الموالين ولاء مطلقًا للمرشد الأعلى.

ونال تزكية آية الله تقي مصباح يزدي، ابرز المتشددين بين كبار الملالي الايرانيين. ويتخذ جليلي مواقف متعنتة في السياسة الخارجية وفي مسألة البرنامج النووي. وشعار حملته الانتخابية غني عن البيان في هذا الشأن: quot;لا مهادنة، لا استسلام، فقط جليليquot;.

وكان نائب وكيل المرشد الأعلى في الحرس الثوري الايراني استعرض مواصفات المرشح الأمثل في اسبوعية صبح صادق الناطقة باسم الحرس، قائلًا إن على رئيس الجمهورية أن يطمح في أن يكون خادم الشعب لا أن يكون ذلك شعارا شعبيا من باب الادعاء، وعليه أن يقاوم العدو لا أن يكون سلبيا وخائفا.

ولا يريد الحرس الثوري الايراني أن ينازعه احد على مجالات نشاطه المتعددة ويريد التزما لا يتزعزع بالمقاومة، وسواء أكانت هذه المواقف دعم رئيس النظام السوري بشار الأسد أو رفض التنازل بشأن برنامج ايران النووي أو قمع المعارضة الديمقراطية، فان الحرس الثوري الايراني يريد رئيسًا يمكن أن يعمل معه، والأهم من ذلك رئيسا لا يتحدى دائرة نفوذه. وقد يكون جليلي هذا المرشح، من دون اسقاط قليباف من الحساب.