ثمانية محظوظين في سباق الرئاسة الإيرانية، لكن الأوفر حظًا منهم هو من أراده المرشد الأعلى علي خامنئي رئيسًا، إذ لا يريد النظام مجازفة أخرى كالتي ارتكبها حين جدد لمحمود أحمدي نجاد، الذي يقف اليوم متحديًا الرغبة العليا للمرشد الأعلى.


بيروت: شكلت الثورة الخضراء في إيران، عقب انتخابات 2009 المشكوك جدًا في نزاهتها، فسحة أمل للإيرانيين الذين ضاق بهم العيش في ظل المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي، الذي لم يعد وارفًا جدًا، خصوصًا أن شهيته للسلطة المستدامة تمسك بتلابيب الشعب الإيراني وتقوده خطوة بعد أخرى إلى الديكتاتورية.

إلا أن الثورة الخضراء اختنقت في مهدها، رغم أن مراقبين غربيين يرون فيها البذرة الصغيرة التي أنبتت الربيع العربي في ما بعد.

لا مجازفة

أما الربيع الإيراني، فثمة من رأى تباشيره الباهتة في تقدم أكبر هاشمي رفسنجاني بترشيح نفسه للرئاسة الإيرانية، رغم أن الرجل ليس من الاصلاحيين بشيء، ولا من المعتدلين أيضًا، إنما تفرقه عن خامنئي جفوة، رأى فيها إيرانيون كثيرون خرم إبرة نحو التغيير.

أتى قرار مجلس صيانة الدستور بإعادة إيران إلى خريفها، باستبعاد رفسنجاني. فعاد الأمر بكليته إلى قبضة السيد المرشد. وعكس استبعاد اسفنديار رحيم مشائي القريب من الرئيس المنتهية ولايته محمود احمدي نجاد، إلى جانب رفسنجاني، رغبة لدى النظام الايراني في تجنب أي معارضة لسلطة المرشد، بحسب ما قال خبراء ومراقبون. فنظام الملالي لا يريد المجازفة، بأي شكل من الأشكال، في الوقوع في خطأ تزكية نجاد، الذي آلت به الحال إلى التصدي للمرشد ورغباته السياسية، وما زال اليوم في تحديه إرادة خامنئي بإصراره على إعادة قبول ترشح مشائي، ومطالبته المرشد الأعلى إعادة النظر في قراره.

المحظوظون

قبضة الخامنئي على عنق النظام في إيران شديدة، لم تهزها حتى أعتى العقوبات الاقتصادية الدولية التي فرضت على طهران، بسبب تمسكها ببرنامجها النووي. وله كانت الكلمة الفصل في قبول من يجوز له الترشح للرئاسة الإيرانية، المقررة في 14 حزيران (يونيو) المقبل.

فمن بين 686 مرشحًا، حصل خمسة مرشحين محافظين قريبين من خامنئي ومعتدلان واصلاحي واحد على موافقة مجلس صيانة الدستور، وهم غلام علي حداد عادل، رئيس البرلمان الإيراني السابق، وأول رئيس لمجلس الشورى الإسلامي، وابنته متزوجة من جتبى الخامنئي، ابن المرشد الأعلى، ومحمد باقر قاليباف السياسي والعسكري الذي شغل أحد المناصب القيادية العليا في قوات الدفاع الإيرانية أثناء الحرب مع العراق، وعلي أكبر ولايتي الذي كان وزيرًا للخارجية الإيرانية، ليصبح مستشارًا للمرشد العام للثورة الإيرانية في الشؤون الدولية. ويشكل حداد عادل وقاليباف وولايتي إئتلافًا ثلاثيًا، إذ اتفقوا على عدم التنافس في ما بينهم، وعلى التنسيق والتعاون على أساس القانون والقبول لدى الناخبين، أي أن يدخل مرشح واحد منهم في سباق انتخابات إيران الرئاسية.

مع هؤلاء، تأهل سعيد جليلي أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، ويعد من أكثر المحافظين تشددًا، ويعتبره البعض من رجال المرشد الأعلى الأوفياء، ومحسن رضائي أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام وأحد رموز الثورة الإسلامية، ومن الوجوه السياسية البارزة في إيران والرئيس السابق للحرس الثوري، وحسن روحاني، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية لمجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران، ويعتبر من المحسوبين على التيار الإصلاحي، وهو مقرب من رفسنجاني، ومحمد رضا عارف، الذي كان نائبًا لرئيس الجمهورية محمد خاتمي بين العامين2001 و2005، ويحسب على جبهة الإصلاحيين، ومحمد غرضي، الوزير والنائب السابق، الذي شغل مناصب عدة في الحرس الثوري.

الأوثق بالمرشد يفوز

لقيت هذه التطورات استهجانًا غربيًا، لما فيه من تضييق سياسي في استحقاق ينبغي أن يكون عامًا. فنددت فرنسا رسميا بالاغلاق المفروض على النظام، وانتقدت الولايات المتحدة اختيار المرشحين الثمانية، الذين يمثلون مصالح النظام الحاكم في إيران وليس مصالح الشعب الايراني.

واعتبر كريم ساجدبور، الخبير في مؤسسة كارنيغي من أجل السلام، في الولايات المتحدة أن الانتخابات الايرانية لم تكن في السابق حرة أو عادلة او يمكن توقع نتائجها، quot;والسلطة تحاول اليوم تقريب النتيجة من التوقعاتquot;.

أضاف: quot;الهيئات الانتخابية الاقوى في إيران هي الحرس الثوري والسلطة القضائية ومجلس تشخيص مصلحة النظام، المكلف تعيين ومراقبة المرشد الاعلى وحتى إقالته، والبرلمان، وكلها خاضعة لسيطرة مسؤولين عينهم خامنئي، أو أشخاص يخضعون لهquot;.

وأشارت مصادر دبلوماسية غربية أن المرشحين الذين يتمتعون بفرص أكبر للفوز هم الأوثق ارتباطًا بالمرشد الاعلى أو بالجهاز الامني الإيراني. فعلى الرئيس المنتخب أن يعلن ولاءه للمرشد الأعلى، بحسب جليلي، أحد المرشحين الاوفر حظًا في الفوز بالانتخابات. قال: quot;على الرئيس الخضوع للمرشد الاعلى واظهار هذا الموقف عمليًاquot;.

ولفت خبراء غربيون إلى أن استبعاد مشائي بسبب ليبراليته الزائدة، ورفسنجاني بسبب دعمه حركة الاحتجاجات الخضراء في العام 2009، قد يفقدان الانتخابات مصداقيتها. ورأى تريتا فارسي، رئيس المجلس الوطني الايراني الاميركي أن ما حصل دليل إلى أي حد مضى المحافظون القريبون من خامنئي لاستبعاد منافسيهم السياسيين.