يقترب موعد الانتخابات الإيرانية، ما يرفع من وتيرة التصعيد الشعبي في إيران، مع تخوف عام من تكرار تجربة انتخابات 2009، التي أنتجت حركة معارضة ممثلة بمير حسين موسوي ومهدي كروبي الموضوعين في الاقامة الجبرية.


بيروت: بدأت الانتخابات الرئاسية الإيرانية ترخي بثقلها على كل مفاصل الحياة اليومية في إيران، مع اقتراب موعدها المقرر في 14 حزيران (يونيو) الجاري. فالاصطفاف الإيراني غير منظور من النظرة الأولى، لكن الصدع في المجتمع الإيراني عميق، تحاول السلطات التخفيف من شأنه، لإظهار الإيرانيين موحدين خلف المرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية علي خامنئي.

هتافات لموسوي وكروبي

لكن الأمر ليس كذلك. فالاصطفاف يتخذ شيئًا فشيئًا أشكالا شعبية متنامية وأكثر حدة. ففي خلال تشييع آية الله جلال الدين طاهري، الذي عرف عنه تأييده للإصلاحيين والذي توفي عن سبعة وثمانين عامًا، أطلق مشيعون هتافات مؤيدة لمير حسين موسوي ومهدي كروبي، تكالب بإطلاق سراحهما، وتنادي بالموت للديكتاتور، بحسب ما نقلت مصادر إعلامية تابعة للمعارضة الإيرانية.

وكان موسوي وكروبي تزعما حركة احتجاج خضراء، بعد إعادة انتخاب محمود احمدي نجاد المثيرة للجدل في العام 2009، ونددا بعمليات التزوير التي اعترتها هذه الانتخابات، ودعيا انصارهما الى النزول للشارع في تظاهرات قمعها النظام بعنف. ومنذ ذلك الحين، وهما موضوعان قيد الاقامة الجبرية.

وبعد التشييع، أصدر مكتب طاهري بيانا تضمن دعوة الى الهدوء، وانتقادًا للهتافات التي اطلقتها قلة، والتي لا تتفق مع رغبة طاهري. ويذكر أن حسن روحاني، المرشح المعتدل للانتخابات الرئاسية، كان مشاركًا في تشييع طاهري، وهو نفسه الذي اعتقل في أحد لقاءاته السياسي عددٌ من الأشخاص الذين رفعوا صور موسوي.

روحاني المتعاون

روحاني مقرب من الرئيس الاصلاحي السابق محمد خاتمي، ومقدر له أن يحصل في الانتخابات على نسبة من أصوات الاصلاحيين أو المعتدلين، خصوصًا بعدما تم استبعاد اكبر هاشمي رفسنجاني، الموصوف بالاعتدال.

وروحاني الإصلاحي أكد أنه سيتعاون مع جميع التيارات السياسية التي من الممكن التعاون معها، في حال تم انتخابه لرئاسة الجمهورية الإسلامية، quot;ولا أرى مشكلة في موضوع التعاون مع الإصلاحيين أو المحافظين، لكنني أتحفظ على موضوع التعاون مع المتشددين، فهم مصيبة إيرانquot;.

ووعد روحاني بأن يعمل على تحويل التيار المتشدد إلى تيار معتدل، وأن ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران جاء بهدف ذلك. كما قال إن وصوله إلى سدة رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية لن يغير سياسة بلاده إزاء سوريا والأزمة الناشبة فيها.

أضاف: quot;إيران تولي الملف السوري أهمية خاصة، فسوريا هي جبهة المقاومة بوجه إسرائيل، وإحدى ركائز العملية السياسية الإقليمية، والنظام السوري نظام ذو شرعية، ويجب أن يستمر في إدارة سوريا حتى العام 2014، تاريخ موعد الانتخابات السورية المقبلة، وفي حال انتخابي سأدعم الشرعية التي ستتمخض عن تلك الانتخاباتquot;.

نافل القول

وهذا اللعب على الهامش الانتخابي لا يقدم كثيرًا في الخيارات الإيرانية العليا ولا يؤخر فيها. فهناك اطراف عديدون يترنحون بين مرشح وآخر. فللإعلام دور كبير في رسم الخطوط الحمراء للناخبين. وعلى الرغم من أن هذا الاعلام يؤكد اتخاذه المواقف المتوازنة من المشاركين في السباق الانتخابي، إلا أنه لم يحد عن توصيف الفتنة التي يريد الغرب رمي إيران بها.

ويرى المحللون الغربيون أن الإيرانيين لا يريدون تكرر تجربة العام 2009، حين اعلنت خسارة موسوي وكروبي، ولا يريد الأمن الإيراني هذا أيضًا. ومن هنا، تتصل أجهزة الأمن أكثر فأكثر بالشأن الانتخابي، وخصوصًا الحرس الثوري، وتعلن تأهبها واستعدادها للتعامل مع أية مستجدات أمنية مرتبطة بالانتخابات، مع تأكيد وقوفها على مسافة واحدة من كل المرشحين.

لكن المحللين يسخرون من ذلك، ويقولون إن حصر المرشحين في من يرضى عنه المرشد الأعلى دون غيرهم يضع مزاعم الحياد موضع القول النافل.