قانون الانتخاب الكويتي الذي أوكل الدستور للسلطة والبرلمان معًا حق إصداره وتنظيمه، لا يزال يثير العديد من الأزمات منذ سنّ أول قانون عام 1962، علمًا أنه خضع للتعديل أكثر من مرة.


إيلاف من الكويت: يلف الغموض الوضع السياسي في الكويت، وذلك في ظلّ تقديرات متضاربة جدًا بشأن مصير الإنتخابات البرلمانية المقبلة، والمحددة في السابع والعشرين من الشهر الحالي، نجاحًا أو فشلاً، بسبب انعقادها في ذروة فصل الصيف في العاصمة الكويتية التي تصل درجة الحرارة غالبًا الى 50 درجة مئوية، وأيضًا عقد الانتخابات في شهر رمضان الذي يبدأ في الأقطار الإسلامية يوم الأربعاء،وللمرة الاولىفي التاريخ الكويتي.

دور سلبي للمناخ

تؤكد أوساط كويتية رفيعة لـquot;إيلافquot; أن عوامل حرارة الصيف وشهر رمضان يمكن أن يلعبا دورًا سلبيًا يطغى على الإنتخابات البرلمانية المقبلة، بما يعجل سياسيًا في تقصير عمر البرلمان المقبل.

لكن قبل ذلك كله يظل قانون الإنتخاب الذي عدلته الحكومة الكويتية في أكتوبر من العام الماضي هو العامل الأكبر الذي يمكن أن يؤثر تأثيرًا سلبيًا على المشهد الإنتخابي المقبل، فالتحصين الجزئي للمحكمة الدستورية لقانون الإنتخاب لم يغيّر في قناعات المعارضة الكويتية، بل دفعها الى القول إنّ مقاطعة الإنتخابات المقبلة صارت أوجب من المقاطعة التي حصلت في آخر نسخة من الإنتخابات التي أجريت في ديسمبر من العام الماضي.

مبررات المعارضة

يبدو أنّ التعديل الجزئي الذي أجرته الحكومة في شهر أكتوبر من العام الماضي، والذي قلص أصوات الناخب من أربعة أصوات الى صوت واحد، مع بقاء التقسيم الإنتخابي كما هو الى 5 دوائر إنتخابية، هو السبب الرئيسي لمقاطعة المعارضة الكويتية.

وتقول المعارضة في خطاباتها وتصريحاتها وبياناتها المتكررة، إنّ سبب المقاطعة هو عدم جواز أن تنفرد السلطة التنفيذية - خلافًا للدستور الكويتي- بمسألة وضع أو تعديل قانون الإنتخاب.

وهو رأي تبنته شخصيات سياسية كويتية بارزة، لكن العديد من أطياف العمل السياسي رأت في حكم المحكمة الدستورية الأخيرة تحصينًا لتعديل قانون الإنتخاب، وبالتالي قررت العودة عن قرار المقاطعة، في حين أبقى نحو 30 نائبًا في البرلمان المُبْطَل قبل السابق على هيئة سياسية مصغرة أخذت على عاتقها الترويج للمقاطعة للإنتخابات المقبلة في أوساط القبائل التي شكلت في الإنتخابات الأخيرة حاضنة لهذه المقاطعة.

قانون الإنتخاب

الخلاف بين السلطة والمعارضة بشأن قانون الإنتخاب ليس جديدًا ولا طارئًا.

يقول الناشط السياسي عبدالله القهيوي لـquot;إيلافquot; إن كل القوى السياسية الكويتية إنتفضت في عام 2006 ضد الحكومة طالبة إقرار قانون إنتخاب جديد يجعل من الكويت خمس دوائر إنتخابية، لكن السلطة وقتذاك أرادت تقديم قانون إنتخابي جديد بعشر دوائر، وهو ما رفضته المعارضة في برلمان 2003، قبل أن تنسحب من جلسة المناقشة، وتقدم إستجوابًا لرئيس الحكومة وقتذاك الشيخ ناصر المحمد الصباح، قبل أن يؤثر الأمير حل البرلمان، وعقد إنتخابات جديدة وفقًا للنظام القائم بلا أي تعديل، لكن برلمان 2006 سرعان ما شرع ومرر قانون الخمس دوائر ليصبح العمل به نافذًا منذ إنتخابات عام 2008.

يرى القهيوي أن السلطة منذ إنتخابات 2008 لاحظت أن البرلمان سيظل مسيطراً عليه من قبل المعارضة، مؤكدًا أن السلطة لا تريد عقد أكثر من إنتخابات 2008 و 2009 و2012 وفق قانون الدوائر الخمس.

ولفت الى أن برلمان عام 2008 لم يدم أكثر من سنة، وبرلمان 2009 تعرض لتعطيل كبير ومع ذلك لم يدم أكثر من عامين، قبل أن تبطل المحكمة الدستورية برلمان 2012 لينتهي سريعًا قانون الدوائر الخمس من دون تكوين إنطباع دقيق عن مخرجاته.

سر المعارضة

الناشطة خلود العيسى قالت لـquot;إيلافquot; إن القضية ليست كما تروج لها المعارضة بشأن تعديل قانون الإنتخاب في غياب البرلمان، إذ أن الحكومات السابقة إتخذت العديد من القوانين في غياب البرلمان على سبيل مراسيم الضرورة، والعديد من هذه المراسيم لم تكن تنطبق عليها مراسيم الضرورة أبدًا.

وقالت إن القضية اليوم هي أن المعارضة وفقًا لقانون الصوت الواحد لن تستطيع إبرام تحالفات إنتخابية تؤمن لها نفوذًا وصوتًا عاليًا في أي برلمان، إذ ترى العيسى أن المعارصة الكويتية عبر قانون الأصوات الأربعة كانت تعقد تحالفات إنتخابية قبلية عابرة للدوائر الإنتخابية، وعلى مستوى الدائرة نفسها الأمر الذي كان يحرم الكويت من كفاءات ووجوه جديدة.

العيسى رأت أن الصوت الواحد أوقف هذا العبث، وأصبح للناخب الكويتي صوت واحد يختار به من يشاء بدون ضغط التحالفات والضغوط القبلية.

ووفقًا لتقدير العيسى، فإن خوض الإنتخابات من قبل المعارضة سوف يعني نهاية سياسية محتومة لكثير من الأسماء في المعارضة، بيد أن فوز بعض أعضاء المعارضة هو أمر مسلم به، ولا يمكن الجدال فيه، خاصة الشعبية الكبيرة التي يحظى بها المعارض مسلم البراك، على حدّ تعبيرها.

مطالب أكبر

من جهته، يرى الكاتب ورجل القانون الكويتي محمد الجاسم، أن بلاده سوف تشهد مطالب سياسية أكبر في المرحلة المقبلة، وأنه لا يجد الإستعصاء السياسي الحالي في بلاده يقتصر على شكل القانون الإنتخابي، بل من المؤكد أنه سينتقل الى البحث في وضع مطالب شعبية إستثنائية وحساسة موضع التنفيذ.

وأكد أن إرادة الكويتيين، وإصرارهم على المضي قدمًا في مطالبهم السياسية عبر التاريخ كفيلان بنيل مطالبهم.

يشار الى أن قانون الإنتخاب الكويتي وُضِع للمرة الاولىعام 1962 لإجراء أول إنتخابات برلمانية بعد أشهر قليلة من تأليف الدستور، لكنه سرعان ما خضع للتعديل والتغيير في أعوام 1963، 1970، 1972، 1980، 1983، 1986، 1995، 2006، 2012 وسط توقعات متنامية بأن قانون الإنتخاب الحالي لن يمكث طويلاً بلا تغيير، على وقع مطالبات تضغط لجعل الكويت دائرة إنتخابية واحدة، وإدخال نظام القوائم البرلمانية إليه، علمًا أن المحكمة الدستورية كانت قد اعتبرت قانون الدائرة الإنتخابية الواحدة أمرًا غير جائز.