داداب: مدينة داداب في شمال شرق كينيا تضم مجمعا من مخيمات اللاجئين المبنية عشوائيا من اغصان الاشجار والقطع البلاستيكية، ويقيم فيه مئات الاف الصوماليين الذين يشعرون بقلق متزايد لفكرة العودة الى بلادهم التي تضغط بصددها نيروبي. ويعيش اليوم اكثر من ستمئة الف لاجئ صومالي في كينيا.وقد فتحت مخيمات داداب التي تبعد نحو مئة كيلومتر عن الحدود الصومالية، قبل نحو عشرين سنة على اثر سقوط الرئيس سياد بري في 1991 وبداية الحرب الاهلية الصومالية.

ولم تتوقف منذ ذلك الحين عن التوسع، لاسيما وان الصومال لم تنعم بعد بالسلام، كما لا يزال الاف اللاجئين يتدفقون كل سنة عبر الحدود. ومنذ عام تقريبا باتت الصومال مجهزة للمرة الاولى خلال عشرين سنة بحكومة تطمح ببسط سلطتها شيئا شيئا بعد التقهقر العسكري لمتمردي حركة الشباب الاسلامية المتطرفة. وكينيا، التي تشكو من العبء الذي يشكله لها مجمع المخيمات الضخم في داداب تستفيد من الفرصة للمطالبة بعودة اللاجئين الصوماليين الى بلادهم.

وقد بدأت نيروبي محادثات مع السلطات في مقديشو التي تسلمت مهامها في ايلول/سبتمبر 2012. والعديد من اللاجئين الصوماليين يرغبون في العودة خصوصًا وان مجمع داداب بعيد ان يكون مكانا آمانا. فالهجمات تكاثرت فيه في السنوات الاخيرة كذلك عمليات الاغتصاب تسجل فيه بانتظام. لكن في معظم الاوقات يعتبر اللاجئون ان بلدهم ما زال شديد الاضطراب وغير مستقر للقيام بهذه الخطوة.

لخص عبدي ارتي مسؤول احد المخيمات في داداب الوضع بقوله quot;لا اعرف مكانا واحدا مستقرا بشكل كاف في الصومالquot;، مضيفا quot;لكن الحكومة (الكينية) تصرّ على ترحيل اللاجئين الى ديارهمquot;. وتؤكد الحكومة الكينية التي امرت في العام الماضي نحو 30 الف لاجئ صومالي مقيم في نيروبي بالذهاب الى داداب، ان الترحيل الى الصومال سيجري على اساس quot;طوعيquot;.

الا ان اللاجئين يبقون على حذر بعدما خابت امالهم من المعاملة التي خصتهم بها السلطات الكينية في السنوات الاخيرة. وقد نددت منظمات عدة مدافعة عن حقوق الانسان بالتجاوزات العديدة التي ارتكبت بحق اللاجئين الصوماليين خصوصا منذ ان ارسلت كينيا جيشها الى الجنوب الصومالي اواخر 2011 لمطاردة متمردي حركة الشباب الاسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة وما اعقب ذلك من هجمات عديدة بالعبوات والقنابل على اراضيها.

وفي تقرير نشر في ايار/مايو الماضي اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش الشرطة خصوصا بارتكاب العديد من عمليات الاغتصاب بحق اللاجئات الصومالية وباحتجاز مشبوهين في ظروف quot;مهينةquot;. وقالت هيومن رايتش ووتش quot;ان الشرطة احتجزت موقوفين (...) وهددت باتهامهم بدون اي دليل بالارهاب او تعكير صفو الامن العامquot;.

ويقول اللاجئون انفسهم ان قوات الامن تتربص بهم دوما حتى وان لم يكن في نهاية المطاف اي من المتهمين بالهجمات المختلفة التي ضربت كينيا مؤخرا من الاتنية الصومالية. وقد لجأ نحو مليون صومالي الى افريقيا الشرقية ومنطقة القرن الافريقي. لكن في داخل الصومال هناك مليون شخص اخر نازح غير قادرين على العودة الى منازلهم بسبب المعارك المستمرة.

وقال ابراهيم روبل المسؤول عن مخيم اخر في داداب quot;انه ليس الوقت المناسب للعودةquot;، مشيرا الى ان quot;عددا كبيرا منا هنا في داداب يأتون من اماكن في الصومال لا تزال مضطربةquot;.

وشدد المفوض الاعلى في الامم المتحدة لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس اثناء زيارة الى مقديشو ونيروبي الاسبوع الماضي على ان اي عودة للاجئين يجب ان تكون طوعية. وقال امام صحافيين quot;ان جرت عمليات العودة بشكل صحيح فانها قد تكون مفيدة للصومالquot;، quot;لكن ان عاد عدد كبير من اللاجئين قبل الاوان فذلك قد يؤدي الى زعزعة الاستقرارquot;.

وعدد من اللاجئين الشبان ولدوا في داداب وعاشوا فيها طوال حياتهم وليس لديهم اي فكرة عن الحياة في بلادهم الاصلية. ويأتي اللاجئون من كل المناطق الصومالية وعودتهم تعني في الغالب المرور في مناطق قتال تسيطر عليها ميليشيات مختلفة بينها حركة الشباب.

وتساءل محمد ادي وهو من اللاجئين quot;لا يمكن ارسالنا الى النار بهذه الصورة، ما هي الخطة المقررة من الحكومة؟quot;. وقال quot;اننا لا نفهم فالوقت غير مناسب لابعاد اللاجئينquot;. في هذه الاثناء يستمر الصوماليون بالهرب من بلادهم. وبين كانون الثاني/يناير وحزيران/يونيو وصل نحو 21 الفا الى البلدان المجاورة، مثل كينيا او اثيوبيا بحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين.

وعددهم يميل الى الانخفاض قياسا الى السنوات السابقة لكنه يمثل قرابة ضعف عدد اللاجئين الذين اختاروا بالرغم من كل شيء العودة الى الصومال خلال الفترة نفسها.