من بين عشرات البرلمانات التي جاءت ورحلت على وقع أزمات سياسية منذ أول برلمان منتخب في العام 1962، ثمة أسماء حاضرة يصعب أن يُعالج أي حدث كويتي من دون تناولها. ومع إقتراب موعد الإنتخابات الكويتية، تستحضر quot;إيلافquot; هذه الأسماء في ملف خاص.
الكويت: يمكن القول إن العام 1992 شهد آخر إطلالات أحمد الخطيب البرلمانية في مجلس الأمة الذي انتخب في ذلك العام، قبل أن يخالف رغبة الشارع السياسي العريض في الكويت ويغادر المشهد السياسي، راكنًا الى الظل للمراقبة والكتابة والتأليف والتعليق السياسي إن قدّرته حالته الصحية، التي أخذت تتراجع بشكل لافت في العقد الأخير.
تقدمه الكبير بالسن، وهو المولود في العام 1923، لم يلغِ هرولة بعض السياسيين إلى عيادة له يمارس فيها مهنة الطب، للحصول على لقاحات وحقن سياسية في الكثير من الأزمات التي شهدتها الكويت في العقدين الأخيرين. لكنه في العامين الأخيرين، وفي ظل سقوط السقف الذي كان يحتكم إليه الجميع في الكويت في التعاطي السياسي، أضحت حقن ولقاحات الخطيب بلا مفعول، فأصبح الإعتذار رده الدائم.
القوميون العرب
سافر الخطيب إلى لبنان في منتصف أربعينيات القرن الفائت لدراسة الطب في الجامعة الأميركية في العاصمة اللبنانية بيروت، وشكل مع زملائه وديع حداد وجورج حبش وهاني الهندي حركة القوميين العرب. لكنه عاد إلى الكويت في منتصف الخمسينيات وعمل طبيبًا في الحكومة في المستشفى الأميري، وبعدها فتح عيادة خاصة به. كان له دور بارز في العام 1961 عندما طالب الرئيس العراقي الراحل عبد الكريم قاسم بضم الكويت إلى العراق، فسافر الخطيب حينها إلى مصر ليستثمر علاقته الجيدة مع الزعيم جمال عبدالناصر. وعندما التقى الخطيب بعبد الناصر تعهد الأخير بحماية الكويت والذود عنها.
حبكة الدستور
يعتبر الخطيب آخر الأعضاء الأحياء ممن أوكل إليهم في العام 1961 إعداد الدستور الكويتي الدائم، الذي أبصر النور في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) من العام ذاته. فبعد حصول الكويت على الاستقلال في العام 1961، قرر أمير الكويت آنذاك الشيخ عبد الله السالم الصباح أن يؤسس نظامًا ديمقراطيًا يشترك فيه الشعب بالحكم.
وكانت البداية برغبة من الأمير بوضع دستور دائم للكويت، يكون نابعًا من الشعب. تقرر إجراء انتخابات لإختيار ممثلين من الشعب يصيغون الدستور الدائم للكويت. وفي 26 آب (أغسطس) 1961، أصدر الشيخ عبد الله السالم الصباح مرسومًا أميريًا تحت رقم 22 لسنة 1961 يقضي بإجراء انتخابات للمجلس التأسيسي، وذلك لإقامة نظام ديمقراطي. وقام الأمير لاحقًا بإفتتاح أول جلسات المجلس بتاريخ 20 كانون الثاني (يناير) 1962، وتم اختيار عبد اللطيف محمد ثنيان الغانم رئيسًا للمجلس، والدكتور أحمد محمد الخطيب نائبًا للرئيس.
والدكتور الخطيب، الذي فاجأ الأوساط الكويتية بتأليف كتاب جديد يحمل إسم quot;الكويت من الإمارة الى الدولةquot;، أفشى فيه الكثير من الأسرار وحل العديد من الألغاز والكواليس الخاصة بتأليف الدستور، وكتابة عقد إجتماعي جديد بين العائلة الحاكمة والشعب الكويتي في مدينة الطائف السعودية، لم يغب عن البرلمان الكويتي والحدث السياسي الداخلي إلا مرات نادرة، قبل أن يقرر طوعًا الغياب الأكبر بعد العام 1992.
التعليقات