في سابقة غير معهودة في تاريخ النظام السياسي المصري، ستنصب الدكتورة ليلى راشد اسكندر وزيرة للبيئة في الحكومة المصرية، وهي المرأة الرابعة في حكومة الدكتور حازم الببلاوي.


ستنضم ليلى راشد إسكندر إلى أربع نساء أخريات في بادرة غير مسبوقة في تاريخ الحكومات المصرية لتصبح وزيرة للبيئة في حكومة الدكتور حازم الببلاوي.

الدكتورة ليلى راشد إسكندر درست الاقتصاد والعلوم السياسية في كلية السياسة والاقتصاد في جامعة القاهرة، ودراسات الشرق الأدنى وتطوير التعليم الدولي في جامعة بيركلي في كاليفورنيا، وجامعة كولومبيا في نيويورك.

ولم يكن اسم ليلى راشد من الأسماء المعروفة في دوائر عالم المال والأعمال والاقتصاد، مثلما كان معروفًا بين سكان أحد أفقر الأحياء المصرية وهو حي (الزبّالين) في المقطم، الذي أمضت فيه خمسة عشر عامًا تُطَبِّق فيه خبرتها ودراستها الأميركية فى التعليم على أبناء الزبالين، وقد ذاع صيتها حين اختارها منتدى الاقتصاد الدولي في (دافوس) ليمنحها جائزة quot;شوابquot; للإبداع الاجتماعي، نظير أعمالها التطوعية في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية، خلال انعقاد المنتدى في شرم الشيخ.

والدكتورة ليلى راشد اسكندر هي رئيسة مؤسسة التنمية المجتمعية والمؤسسية للاستشارات (CID) التي حصلت على جائزة quot;أفضل ناشط اجتماعي لعام 2006quot; من منظمة quot;شوابquot;، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي.

وحسب سيرتها الذاتية التي تناقلتها صحف ومواقع مصرية، فقد عملت الدكتورة إسكندر في هيئة التحكيم الخاصة بجائزة اليونسكو الدولية لمحو الأميّة، وتمثل المنطقة العربية منذ عام 2005 في الأمم المتحدة لمحو الأمية (UNLD)، وعقد التعليم من أجل التنمية المستدامة (ESD)، وتعمل كذلك مستشارة لشؤون التعليم لدى الوكالة الكندية للتنمية الدولية (CIDA)، ومستشارة لشؤون السياسات في برنامج تحسين الأداء التعليمي للبنات (GILO)، وهو أحد المشاريع التعليمية التي تمولها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية لمساعدة وزارة التربية والتعليم في مصر على تحسين الأداء التعليمي في عدد من المدارس المختارة في المرحلتين الابتدائية والإعدادية، كما دخلت قائمة المبدعين الاجتماعيين الذين يصل عددهم لدى منتدى دافوس إلى 97 مبدعاً في 40 دولة في العالم.

هجرة لأميركا

تلقت ليلى راشد تعليمها في مدرسة الإرسالية البريطانية ثم حصلت على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من جامعة القاهرة، وتزوجت وهاجرت مع زوجها إلى الولايات المتحدة عام 1968، واستقرت في ولاية كاليفورنيا وعملت فى إحدى الإدارات التعليمية الأميركية وحصلت على شهادة من جامعة كاليفورنيا في التربية، أهلتها للتدريس لطلبة الثانوي في منطقة وادى السيليكون الشهيرة بصناعة الحاسبات وأجهزة الكومبيوتر وتكنولوجيا المعلومات.

وتمتلك ليلى راشد اسكندر خبرة ميدانية في المجال البيئي وفتحت مكتبا استشاريا للاستشارات البيئية في غاردن سيتي، وتعد من الخبرات النسائية في المجال البيئي، ومن الوجوه المألوفة في المنتديات والمؤتمرات الدولية.

شاركت ليلى اسكندر في مشروع quot;بساطةquot; المقام في نويبع لتدوير المخلفات، كما شاركت في ورش التدوير للقمامة بمنشية ناصر، وشاركت في الدراسة التي أعدتها وزارة البيئة حول نقل مصانع تدوير القمامة في المنطقة الكائنة خلف العبور.

قامت اسكندر بتدريس الاقتصاد لطلبة من أذكى الطلاب مما كان يشكل حافزاً للإبداع والتطوير في طرق التدريس، وبعد عشر سنوات من النجاح في عملها والحياة المرفهة في الولايات المتحدة، انتابها الحنين إلى مصر وقررت العودة إليها، وقبل العودة للوطن عملت لمدة عام ونصف العام في الصندوق الصناعي السعودي وهي خطوة هامة في حياتها، تعلمت خلالها معنى laquo;التنميةraquo; حيث تقوم الدولة بتدخلات مخططة ترفع الاقتصاد في اتجاهات معينة تقود إلى التنمية، بينما الوضع يختلف في الولايات المتحدة حيث يقود القطاع الخاص السياسة الاقتصادية، وتهيئ له الدولة المناخ المناسب للانطلاق.

من السعودية لمصر

وبهذه الخبرة في مجال التنمية من السعودية عادت إلى مصر عام 1981 ووجدت أن مفهوم التنمية في مصر يختلف هو الآخر عن السعودية لأنه مرتبط بالفقر، وقررت أن تكون التنمية والتطوير هما هدفها، ولم تجد وظيفة تناسبها، وبعد فترة وجدت إعلاناً يطلب متطوعين للتدريس في حي الزبالين في المقطم، وتحمست للفكرة، وفي أول يوم رأت مدى الفقر وصعوبات الحياة التي يعيشها الزبالون في هذا الحي، حيث يسكنون أكشاك من الصفيح والكرتون حول أكوام من الزبالة والحيوانات النافقة.

وهناك قررت أن تنقل خبرتهافي جامعة كاليفورنيا إلى حي الزبالين وقوامها التعليم الفردي، حيث ينطلق في هذا النظام كل طالب في دراسته وفقاً لقدراته دون انتظار للآخرين، وطبقت النظام بأدوات بسيطة وتمويل وهبات من أهل الخير وتبرعاتهم وأسست نظامًا يعتمد على محو الأمية والتعليم التنموي من خلال القصص والحرف البسيطة، وتزايد عدد الأطفال حتى وصلوا خلال ست سنوات إلى 300 طفل بعد أن بدأت بعشرة، وبالتوازي مع هذا العمل التطوعي في حي الزبالين، طَبَّقَت الأفكار نفسها في بلدتها في محافظة المنيا مع الفلاحين، وحاولت نقل النظريات في التنمية وطرق التعليم إلى خارج المدرسة من خلال مشروعات يتم الربط بينها وبين التعليم خارج الإطار الرسمي، فأي مشروع مثل مشروعات إقراض المرأة أو الحرف اليدوية تضع له برنامجاً ومنهج عمل يتمركز حوله التعليم.

النول اليدوي

وتضرب ليلى إسكندر مثالاً لذلك بمشروع النول اليدوي للسيدات، حيث يتم وضع برنامج لتعليم الفتاة كيفية العمل على النول مع ربط النظافة الشخصية بحوافز العمل، فتأتي الفتاة بملابس نظيفة لأنها تعلمت أنه إذا اتسخ النسيج الذي تنتجه سينخفض الأجر الذي تحصل عليه، وفي الوقت نفسه تتعلم أصول الحساب التي تؤهلها لتفهم كيف تبيع وتشتري وتتعلم القراءة في إطار أسماء المنتجات وأسعارها، كذلك في مشروعات تربية الأرانب يتعلم القائم بالمشروع كتابة المواعيد الخاصة بجداول نضج نوعيات الأرانب وطعامها ويتعلم الحساب وعمليات البيع والشراء وهكذا.

ولكن كيف تحول الأمر من عمل تطوعى إلى quot;بيزنسquot; أسست من خلاله شركة خاصة، وهل تحقق الشركة أرباحاً من خلال عملها في التنمية؟ تجيب ليلى إسكندر: هناك عدد كبير من الجمعيات الأهلية بها رجال ونساء يقومون بأعمال تطوعية، وبدأت أتعرف إلى بعضها، ومع صعود تيار المشروعات الممولة من الجهات المانحة للتنمية، بدأت أقارن بين مشروعات تأخذ ملايين الدولارات ولا تحقق النتائج المرجوة منها.

وأضافت إسكندر quot;هناك مشروعات أخرى تتم بتمويل ذاتي بسيط وتؤدي نتائج أكثر من المتوقع، ومن هنا جاءت فكرة إنشاء الشركة عام 1995 مع مجموعة من أصدقائي من القطاع الخاص وأسسنا الشركة برأسمال 60 ألف جنيه، على أساس أن تُقَدِّم خدمات تقليدية في البداية مثل الاستشارات والتدريب والدراسات والأبحاث حتى نصل إلى القيام بمشروعات شراكة لتحقيق التنمية دون اللجوء إلى جهات مانحة، وهذا لا يعنى ألا نحقق ربحاً، لكن أن نعمل على أساس كيف نختار المشروعات التي تؤدى إلى تقوية وبناء المؤسسات، وقمنا بالعمل مع ثلاثة قطاعات هي الحكومة والقطاع الخاص والجمعيات الأهلية.

البيزنيس والتنمية

وتقول ليلى إسكندر: كان من المهم في الشركة أن نقوم بتنظيم برامج تربط ما بين البيزنس والتنمية، وعلى سبيل المثال ساعدنا إحدى شركات الشامبو التي كانت تعاني مشكلة الغش التجاري للعبوات الفارغة التي تحمل اسمها ويتم إعادة استخدامها، فأسسنا جمعية أهلية في حي الزبالين، وعلمنا الأولاد أن يشتروا العبوات الفارغة (بأموال الجمعية الأهلية) ويقوموا بتكسير العبوات وإعادة تدوير البلاستيك والزجاج المكسور وبيعه للشركات وتحقيق عائد يعود جزء منه لبناء فصول ومشروعات جديدة للحي.

وتشير ليلى إسكندر إلى أن شركتها قامت بتصميم خرائط رقمية لكل ورشة في حي الزبالين في المقطم وعدد العمالة بها وحجم استثماراتها، موضحة أنه يوجد 600 مشروع صغير ومتوسط في مجال إعادة تدوير المخلفات في حي الزبالين، تورد المخلفات التي يتم تصنيفها إلى خمسين أو ستين مصنعاً على مستوى الجمهورية تعيد استخدام هذه المخلفات.

وتحلم ليلى إسكندر بأن ترفع الوعي بأهمية إعادة تدوير المخلفات، موضحة أن إحدى الدراسات التي قامت بها أكدت أنه في حال فصل المخلفات من المنبع أي في المنازل والمنشآت سيخلق كل طن من المخلفات 7 فرص عمل.