فرار نحو 500 سجين في العراق، ونسبة كبيرة منهم من عناصر تنظيم القاعدة، يجعل البلاد تنتظر أيامًا سوداء، وربما تكون أكثر صعوبة من التي تعيشها اليوم.


بغداد:يضع هروب quot;قادة كبارquot; لتنظيم quot;القاعدةquot; في العراق من سجنين قرب بغداد، البلاد على اعتاب quot;أيام سوداءquot; تنذر بمرحلة أمنية اكثر خطورة من تلك التي تشهدها حاليًا، بحسب ما يرى محللون ومسؤولون. ويقول استاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل لوكالة فرانس برس: quot;ستكون لهذه العملية تداعيات كبيرة وتداعيات خطيرةquot;.
ويضيف أن quot;موضوع هروب سجناء بهذه الطريقة المنظمة من اكبر السجون في العراق علامة أخرى على التدهور الذي يصيب البلاد، ونسأل هنا الى متى يستمر الحديث عن خطط امنية واستراتيجيات عسكرية اثبتت فشلها؟quot;.
وتعرض سجنا التاجي وابو غريب الى الشمال والغرب من بغداد مساء الاحد الى هجوم مسلح تخللته اشتباكات تواصلت حتى صباح الاثنين. وقال المتحدث باسم وزارة العدل وسام الفريجي لفرانس برس إن 21 سجينًا قتلوا خلال العملية، فيما افادت مصادر امنية وطبية أن 20 على الاقل من رجال الامن قضوا ايضًا اثناء الاشتباكات.
وذكرت مصادر نيابية أن اكثر من 500 سجين تمكنوا من الفرار. ووقع الهجوم وهو احد اكبر العمليات المنظمة ضد السجون في العراق منذ 2003، بعد عام تمامًا من نشر رسالة صوتية لزعيم تنظيم القاعدة في العراق ابو بكر البغدادي دعا فيها الى مهاجمة سجون العراق.
وقد تبنى تنظيم quot;الدولة الاسلامية في العراق والشامquot;، الذي يتبع قيادة quot;القاعدةquot;، اليوم الثلاثاء الهجوم على السجنين. وذكر بيان نشر على موقع quot;حنينquot; الذي يعنى بأخبار الجماعات الجهادية أن quot;كتائب المجاهدين انطلقت بعد التهيئة والتخطيط، مستهدفة اثنين من اكبر سجون الحكومة (...) وهما سجن بغداد المركزي ابي غريب وسجن الحوت التاجيquot;.
وتابع البيان أن العملية جاءت quot;استجابة لنداء الشيخ المجاهد ابي بكر البغدادي حفظه الله في أن تختم خطّة هدم الاسوار المباركة التي بدأت قبل عام من اليوم بغزوة نوعيّة تقهر الطواغيت المرتدّين وتكسر القيود وتحرّر الاسود الرابضة في غياهب السجونquot;.
واعلن التنظيم عن quot;تحرير المئات من أسرى المسلمين بينهم ما يزيد على 500 مجاهد من خيرة من ولدتهم الارحامquot;.ويؤكد مصدر امني رفيع المستوى لفرانس برس أن quot;ايامًا سوداء تنتظر العراق، فالذين فروا من كبار قيادات القاعدة وكل العملية نفذت من اجل مجموعة معينة منهمquot;. ويوضح quot;الكبار تمكنوا من الفرارquot;، مشيراً الى أن quot;الفارين سيعملون على تنفيذ اعمال انتقامية قد تكون معظمها انتحاريةquot;.
بدوره يقول النائب حاكم الزاملي عضو لجنة الامن والدفاع النيابية لفرانس برس إن quot;اغلب السجناء الذين فروا من سجن ابو غريب هم من القياديين الكبار في تنظيم القاعدة، ومحكومون بالاعدامquot;. ويرجح الزاملي بأن quot;يتوجه الارهابيون الى سوريا لاعادة التنظيم والعودة من جديد الى العراق لتنفيذ هجمات ارهابية ضد الشعب العراقيquot;.
وجاء الهجوم ضد السجنين في اطار موجة عنف متصاعدة قتل فيها 2500 شخص خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، بحسب ارقام الامم المتحدة، التي حذرت من أن البلاد باتت تقف عند حافة حرب اهلية جديدة. وقتل في العراق منذ بداية تموز/يوليو اكثر من 615 شخصًا، بحسب حصيلة تعدها فرانس برس استناداً الى مصادر امنية وعسكرية وطبية، ما يجعله الشهر الاكثر دموية في البلاد منذ بداية العام.
وتعتمد الحكومة العراقية مبدأ quot;النأي عن النفسquot; في ما يتعلق بأعمال العنف المتصاعدة، حيث يتجاهل مسؤولوها الكبار هذه الهجمات، التي تتجاهلها ايضًا وسائل الاعلام الرسمية، أو تحاول التقليل من اهميتها.
وبعيد الهجوم على السجن، لم يصدر عن السلطات سوى بيان واحد نشرته وزارة الداخلية واكدت فيه أنها تلاحق الفارين. ويذكر أنه رغم مرور نحو ثلاث سنوات على تشكيل الحكومة الحالية، وهي حكومة quot;شراكة وطنيةquot; تجمع الموالين والمعارضين، يبقى منصبا وزيري الدفاع والداخلية في حالة شغور بسبب الخلافات التي تعصف بالحكومة.
ويقول حميد فاضل quot;يبدو أن الملف الامني ضحية الصراع السياسي الذي يجري في العراق اليوم، اذ إن هذا الصراع يراد له ان يحل عبر السيارات المفخخة والاحزمة الناسفةquot;. ويضيف quot;المؤسسة الامنية فيها الكثير ممن ينتسبون الى من هم في دائرة الصراع السياسي، ولذا فإنها تتأثر بالسياسة وما يدور فيهاquot;.
ويرى الزاملي أن quot;ما حدث من انهيارات امنية وعدم استقرار واقتحام للسجون يدعو الحكومة لأن تكون اكثر حزماً وقوة، والا فستكون الاستقالة افضلquot;.