بفعل توتر العلاقة بين إيران وحماس على خلفية الملف السوري، لجأت طهران إلى دعم حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة، في وقت أوقفت مساعدتها إلى حماس.


كان عشرات من المتطوعين الفلسطينيين الشباب منهمكين في تعبئة الزيت والسكر وغيرهما من المواد الغذائية الأساسية في صناديق لتوزيعها على فقراء قطاع غزة خلال شهر رمضان. وبدا نشاطهم عملاً خيريًا منزهًا عن أي أغراض سياسية. ولكن في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس لا يوجد شيء بلا نكهة سياسية.

وكانت صناديق الأغذية تحمل شعار حركة الجهاد الإسلامي والعلم الإيراني إلى جانب العلم الفلسطيني.

وقال منظمون في مركز تعبئة هذه المواد إن مؤسسة الإمام الخميني للإغاثة، وهي جمعية خيرية إيرانية مقرها في بيروت، تتولى تمويل مشروع لتقديم مساعدات غذائية إلى سكان غزة بقيمة مليوني دولار. ومُنحت حركة الجهاد الإسلامي شرف توزيع 40 ألف رزمة غذائية في حملة من المتوقع أن تُكسبها رصيدًا شعبيًا في زمن عصيب تواجه فيه حركة حماس تحديات كبيرة بالارتباط مع مشهد إقليمي متغيّر.

وأوقفت إيران خلال الأشهر الماضية ملايين الدولارات من الدعم المالي الذي كانت تقدمه شهريًا إلى حركة حماس لأنها أغلقت مكاتبها في سوريا، ولم تقف مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، راعيها السابق، ضد قوات المعارضة. وبخلاف حماس فإن حركة الجهاد الإسلامي لم تغادر قاعدتها في دمشق وحافظت على علاقاتها مع نظام الأسد.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة مخيمر ابو سعدة أن المساعدات الغذائية تذكير إيراني لحركة حماس بأن إيران سندها الوحيد الذي يمكن الركون إليه.

واضاف ابو سعدة quot;أن المساعدات تهدف أيضًا إلى دعم حركة الجهاد الإسلامي بوصفها حركة مقاومة ضد إسرائيلquot;.

وتأثرت حماس سلبًا بتطورات الوضع في مصر، حيث أسفر تصعيد حملة الجيش المصري ضد المسلحين الإسلاميين في سيناء عن تدمير أو غلق غالبية أنفاق التهريب التي تمر تحت الحدود بين مصر والقطاع، وبذلك حرمان حكومة حماس من إيرادات كبيرة.

وهناك بوادر تشير إلى أن حماس تحاول الآن ترميم علاقاتها مع إيران. إذ شاركت حماس مؤخراً مع فصائل أخرى اجتمعت في احد مكاتب حركة الجهاد في غزة للمساهمة في إعداد فعاليات يوم القدس العالمي، الذي أطلقه آية الله الخميني بعد مجيئه إلى السلطة في إيران عام 1979 وصادف الاحتفال به يوم الجمعة الماضي. وكانت حركة الجهاد الإسلامي وحدها تحتفل بهذه المناسبة بتظاهرات محدودة فيغزة خلال السنوات الأخيرة.

وفي ما قد يكون مبادرة هدفها تخفيف حدة التوتر، قال مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي إن الحركة خصصت 3000 رزمة من المواد الغذائية الممولة إيرانيًا لحركة حماس كي توزعها على العائلات الفقيرة في غزة.

وقال القيادي في حماس محمود الزهار إن توفير كميات إضافية من الأغذية أصبح ضروريًا في ضوء الحملة المصرية على أنفاق التهريب. ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الزهار quot;أن توزيع المساعدات من الأمة الإسلامية عمل مبارك في هذه الظروف الصعبةquot;.

وأكد المسؤول في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش أن من حق الفلسطينيين في غزة أن يتلقوا مساعدات من الجمهورية الإسلامية مثلما يتلقونها من الولايات المتحدة.

في هذه الأثناء، رحبت أم انور (53 عامًا) وهي أرملة فلسطينية لديها ثلاثة أطفال في مخيم جباليا شمال غزة بالمعونة الغذائية بصرف النظر عن مصدرها. وقالت quot;إن الذي يساعدنا أفضل من الذي لا يساعدناquot;، ملوحة لسيارة أجرة أن تتوقف كي تنقل صندوقاً ثقيلاً محملاً بالأغذية تسلمته من مخزن حركة الجهاد.