أكدت مصادر عراقية أمنية وطبية اليوم الاحد ارتفاع حصيلة خسائر تفجير 15 مفخخة ضربت العاصمة العراقية ومدنًا أخرى إلى 400 قتيل وجريح، فيما عبّر رئيس البرلمان اسامة النجفي عن غضب واستياء شديدين من فشل خطط واستراتيجيات الاجهزة الأمنية وكذب وعودها بعيد آمن، داعيًا إلى تدابير مهنية وتفعيل الجهد الاستخباري وتشخيص الثغرات والبدء بحملة حقيقية لايقاف نزيف الدماء.


لندن: ضربت تفجيرات بالسيارات المفخخة والعبوات الناسفة مدنًا عراقية من الجنوب إلى الشمالية معظمها في العاصمة مساء أمس، حيث شهدت مناطقها في الشعلة وابو دشير وبغداد الجديدة وحي العامل والسيدية والشعب والكاظمية والزعفرانية هذه التفجيرات، بالاضافة إلى محافظات كربلاء وذي قار وبابل الجنوبية وكركوك ونينوى الشماليتين مخلفة مئات القتلى والجرحى الذين صبغت دماؤهم احتفالات العراقيين بعيد الفطر في واحد من أسوأ الايام التي تشهدها البلاد عنفًا.

وفي أول رد فعل على هذه التفجيرات، قال رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي: quot;في الوقت الذي ندين ونستنكر بأشد العبارات التفجيرات الاجرامية الآثمة التي استهدفت اهلنا وأحباءَنا في بغداد ومحافظات أخرى وراح ضحيتها مواطنون ابرياء عزل، فإننا ننظر باستغراب إلى حالة الضعف والتدهور المزرية التي آل اليها الأمن في العراق، بعد أن لازم الوهن المستمر قدرة وفاعلية الاجهزة الأمنيةquot;.

واشار النجيفي في بيان صحافي تسلمته quot;إيلافquot; إلى أنّ الوعود التي اطلقتها الاجهزة الأمنية بشأن خطط واستراتيجيات جديدة ستشرع بتنفيذها خلال فترة عيد الفطر المبارك وستكون كفيلة بتوفير أجواء آمنة للمواطنين quot;انما هي وعود لا تتعدى كونها محض دعاية اعلامية، ومحاولة غير موفقة للتغطية على الخروقات والاخفاقات المتكررة التي كبدت العراق خسائر جسيمة في ارواح مواطنيه وممتلكاتهمquot;.

وطالب القيادات الأمنية باتخاذ موقف مسؤول وجاد حيال ما يحدث، من خلال الاسراع باتخاذ تدابير تعتمد على المهنية، وتفعيل الجهد الاستخباري، وتشخيص الثغرات، والبدء بحملة حقيقية لايقاف نزيف هذه الدماء الزكية الطاهرة وتوفير الأمن والطمأنينة للعراقيينquot;.

ارتفاع حصيلة التفجير

وقد أكدت مصادر أمنية وطبية ارتفاع حصيلة 15 تفجيرًا ضربت مقاهي واسواقاً ومطاعم ومتنزهات ومرافق عامة في عدد من مدن العراق الليلة الماضية إلى حوالي 100 قتيل و300 مصاب، في وقت يحتفل العراقيون بعيد الفطر بعد شهر رمضان الذي كان الاكثر دموية منذ سنوات.

وجرى تفجير مجموعة من السيارات المفخخة في ثمانية احياء مختلفة في بغداد بعضها تسكنه غالبية من الشيعة والبعض الآخر غالبية من السنة، بينما يسكن بعضها الآخر خليط من السنة والشيعة في هجمات يبدو أنها منسقة واستهدفت اسواقًا عامة ومقاهي ومطاعم ومرافق عامة أخرى.

لكن السلطات العراقية، وفي محاولة منها للتخفيف من فداحة خسائر التفجيرات، فقد قالت وزارة الداخلية في بيان صحافي بوقت متأخر الليلة الماضية تسلمته quot;إيلافquot; إن هذه الخسائر لم تتعدَّ قتيلين واصابة 28 آخرين.

وقالت الوزارة: quot;في محاولة للنيل من فرحة أبناء شعبنا في عيد الفطر المبارك، قامت المجاميع الإرهابية بإستهداف المواطنين الأبرياء من خلال تفجير عدد من العجلات المفخخة، إلا أن الإجراءات الأمنية ساهمت في تقليل الخسائر حيث أجبرت العدو إلى تفجير تلك العجلات في جانب الطرق والساحات المتروكة في مناطق (الكاظمية ، الدورة ، جسر ديإلى ، حي العامل ، الشعب ، الشعلة والبياع )، حيث أسفرت الإعتداءات الجبانة عن إستشهاد شخصين أحدهما من القوات الأمنية وإصابة 28 آخرين بجروح غادر 15 منهم المستشفيات وفق إحصائيات وزارة الصحةquot;.

وجاءت هذه التفجيرات وسط تصاعد العنف الذي فشلت السلطات في وقفه، حيث بلغ سفك الدماء أسوأ مستوياته منذ خمس سنوات وسط مخاوف من عودة الحرب الطائفية التي بلغت ذروتها بين عامي 2006 و2007.

وقتل اكثر من 800 شخص في هجمات خلال شهر رمضان الذي بدأ في الاسبوع الثاني من تموز(يوليو) وانتهى الخميس الماضي في البلاد. واستهدف مسلحون اهدافًا من بينها مقاهٍ يتجمع فيها العراقيون عادة بعد الافطار يوميًا ومساجد كانت تجري فيها صلوات التراويح. وجاءت اعمال العنف بعد اسابيع من هجمات جريئة على سجون في ابو غريب والتاجي تم خلالها تحرير مئات المعتقلين.

وحذر محللون ومنظمة الانتربول للشرطة العالمية من أن عملية الفرار من السجون يمكن أن تؤدي إلى زيادة الهجمات لأن العديد من الفارين يرتبطون بتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام.

واندلعت الاحتجاجات في المناطق التي تسكنها غالبية سنية في اواخر 2012 كما أنه اضافة إلى المشاكل الأمنية فإن الحكومة العراقية تعاني من اخفاقها في توفير الخدمات الاساسية مثل الكهرباء والماء النظيف وووقف انتشار الفساد بشكل واسع.

ويقول خبراء إن الوضع يمكن أن يشهد مزيداً من التوتر مع الازمة السياسية التي لا تبدو لها نهاية قريبة، والتي تزيد من تدهور الوضع الأمني في البلاد بعد سنوات قليلة من الحرب الطائفية التي اسفرت عن مقتل الآلاف.

ورغم أن الحكومة توصف بأنها حكومة وحدة وطنية وتضم ممثلين من الكتل السياسية الرئيسية في البلاد الا أن القادة السياسيين المتخاصمين غالبًا ما ينتقدون بعضهم البعض علنًا ويتبادلون التهم بشأن العديد من القضايا. وعادة ما يتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بتركيز السلطة في يديه، بينما يتهم هو خصومه السياسيين بالتحالف مع قوى خارجية.

ولم يتم اطلاق سوى مبادرات رمزية مثل اجتماع القادة السياسيين في الاول من حزيران (يونيو) الماضي كما لم يتم اتخاذ سوى القليل من الخطوات الملموسة لمعالجة الازمة السياسية، لذلك فإنه ليس من المتوقع أن تشهد البلاد هدوءًا قبل الانتخابات النيابية العامة المقرر اجراؤها اوائل العام المقبل.