في ظل فشل التوصل إلى حل يقضي بفض الإسلاميين لاعتصامهم المطالب بعودة مرسي للحكم، وازدياد معدلات الهجمات في سيناء، تشير الكثير من التقديرات إلى أن مصر ذاهبة نحو الفوضى.


الفوضى وانعدام القانون في شبه جزيرة سيناء أصبح نذير شؤم ينبئ بما يمكن أن يحدث في البلاد، فالأيام المقبلة لا تحمل الكثير من الأمل، وذلك بعد أن فشلت الحكومة المؤقتة في التوصل إلى حل سلمي مع المعتصمين الإسلاميين المناصرين للرئيس المعزول محمد مرسي.
خلال الأسابيع الخمسة الأخيرة، منذ أن أطاح الجيش بالرئيس الإسلامي محمد مرسي، تحول العنف إلى ظاهرة يومية متفشية جعلت من شبه جزيرة سيناء منطقة quot;إرهابيةquot;، وفقاً لصحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot;، فضلاً عن مهاجمة مسلحين غامضين للمنشآت العسكرية والشرطة كل ليلة تقريباً.
الاحتمال الأكثر إثارة للقلق
منذ عزل الرئيس مرسي، أصبحت الفوضى في سيناء تمثل الاحتمال الأكثر إثارة للقلق، فخلافاً لجماعة الإخوان المسلمين التي تصر على سياسة نبذ العنف، خرج الجهاديون من أجل إراقة الدماء مستمدين القوة والذريعة من زيادة تمسك الجيش بزمام السلطة، الأمر الذي جعل الكثير من المصريين يتخوفون من عودة الإرهاب الذي عانوا منه منذ العام 1990، لا سيما في حال لجأت الشرطة إلى استخدام القوة لإبعاد المتظاهرين.
أحد أسباب إطاحة الجيش بمرسي هو الاعتقاد بأنه كان متساهلاً للغاية مع الجهاديين المتطرفين، فالرئيس المعزول اعتبرهم بمثابة حلفاء محتملين لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها، وهذا الموقف أضعف الجيش الذي لم يعد قادر على إحباط العصابات الغامضة والمسلحين.
في الأسبوع الماضي، هدد العنف في سيناء بجر إسرائيل إلى معركة عسكرية. حيث إن إسرائيل أغلقت يوم الخميس الفائت مطار إيلات على البحر الأحمر لفترة وجيزة بعد أن حذرت المسؤولين المصريين حول إمكانية إطلاق نشطاء للصواريخ من سيناء. في اليوم التالي، قتل ما يصل الى خمسة متشددين مشتبه بهم ودمرت منصة لاطلاق الصواريخ في غارة جوية في سيناء، حسبما ذكرت وسائل الإعلام، فيما أشارت التقارير الإخبارية إلى أن الضربة من تنفيذ إسرائيل.
المسيحيون يهربون
أدت الهجمات في سيناء إلى مقتل حوالي 62 شخصاً، وفقاً للمسؤولين، إلى جانب اعتقال الكثير من المشتبه بهم، لكن هذه الأحداث دفعت الكثير من المسيحيين للهرب من المنطقة خوفاً من تعرضهم لهجمات قاتلة.
متري شوقي متري، صاحب متجر ينتمي إلى الديانة المسيحية يبلغ من العمر 53 عاماً، يقول إن ابنه مينا، اختطف على أيدي مسلحين في وقت مبكر من هذا الشهر. ويضيف: quot;نحن نعيش في حال من الرعب المستمر، ولم تحرك الشرطة ساكناً، كذلك لم يفعل الجيش اي شيء. الحياة توقفت بالنسبة لنا، لا يوجد وظائف أو عمل، كما تم إغلاق جميع الكنائسquot;.
مثل كثير من المسيحيين الذين يعيشون في سيناء، يخطط متري للرحيل بعد أن وضع على منزله لافتة quot;للبيعquot;.
وقتل كاهن مسيحي واحد على الأقل في سيناء خلال الشهر الماضي، وتعرض الكثير من المسيحيين للخطف، بينهم امرأتان والتاجر مجدي لامي، الذي قطع رأسه. وقال متري إن العديد من المسيحيين في سيناء تلقوا تهديدات بالقتل من متشددين اسلاميين أنذروهم بمغادرة سيناء أو الموت.
من جهته، قال سامح محمد، وهو مسلم محافظ قتل شقيقه في الهجوم على حافلة في المنطقة، إن شهود عيان أكدوا أن طائرة عسكرية مصرية قامت بإطلاق صاروخ على الحافلة.
وقال الشيخ عبد الهادي الطايق السواركة، وهو زعيم إحدى القبائل الرئيسية في المنطقة أن القادة المحليين ساهموا في تأزم المشكلة، مؤكداً: quot;لقد عاملونا كما لو كنا نحن المتاجرين والمجرمين، وجعلونا مهمشين على أرض أصبحت ساحة للإرهابquot;.
سيناء عانت من مشكلة الجهادية منذ زمن طويل، وحاولت قبائل البدو مقاومتها لعقود من الزمن. وكان التهريب والاتجار في المخدرات إلى إسرائيل وقطاع غزة من العوامل التي ساعدت على تنامي هذه الجماعات المتطرفة في هذه البقعة من العالم.