يزداد التوتر بين باراك أوباما والقيادات العسكرية الأميركية، فالضباط يرون أن الرئيس ينهك الجيش بأنصاف الحلول، وبالتردد الذي اعتمده خلال الأزمة السورية.


تسببت الأزمة السورية على مدار الأسابيع القليلة الماضية في إقحام الرئيس الأميركي باراك أوباما في دور لا يشعر فيه بالارتياح، ألا وهو دور القائد العام للقوات المسلحة، خاصة في ظل تأزم الموقف في سوريا. وكشف احتمال شنّ الهجوم لمعاقبة نظام الأسد على استخدام الأسلحة الكيميائية عن حقيقة العلاقة المترددة والمتوترة إلى حد ما بين أوباما وقادة الجيش الأميركي.

دائرة قرار ضيقة
أدى التذبذب الكبير الذي يتعامل من خلاله أوباما مع الملف السوري، بدءًا من انعزاله عن الأحداث هناك، ثم اقترابه من الإعلان عن شنّ هجوم عسكري، وأخيرًا الاستقرار على تسوية الأزمة بحل دبلوماسي محتمل، إلى انزعاج كثير من العسكريين.

وأعرب وزيرا الدفاع الأميركيان السابقان ليون بانيتا وروبرت غيتس عن رفضهما سعي أوباما إلى الحصول على تفويض من الكونغرس لشنّ هجوم على سوريا. فبينما أوضح بانيتا أن شنّ هجوم بصواريخ كروز كان أمرًا جديرًا بالاهتمام، فإن غيتس لفت إلى أن الخطة كانت أقرب لإلقاء بنزين على نار متقدة للغاية في الشرق الأوسط.

وأكدت صحيفة واشنطن بوست الأميركية بهذا الخصوص أن احتمال قيام الجيش الأميركي بتدخل جديد في الشرق الأوسط أثار تذمّر جيل أنهكته الحرب من كبار القادة والمحاربين القدامى، الذين لديهم تحفظات مماثلة لتلك التي عبّر عنها بانيتا وغيتس. ولفتت الصحيفة كذلك إلى المخاوف التي يرددها كثير من ضباط الجيش بشأن احتكار البيت الأبيض عملية صنع القرار في دائرة ضيقة، يهيمن عليها المدنيون، وتتداول كثيرًا، ولا يوجد لديها رغبة أو قدرة على ما يبدو على صياغة سياسات حاسمة.

أنصاف الحلول
وقال بيتر مونسون، وهو ضابط متقاعد من سلاح البحرية عمل مستشارًا لدى أحد قادة سلاح مشاة البحرية: quot;يشعر الجيش الأميركي بأنه حُرِق بأنصاف الحلول، وسينفر كبار قادة الجيش من استخدام القوة حين لا تكون هناك نهايات واضحةquot;. هذا وقد تلاشى احتمال قيام الولايات المتحدة بشنّ هجوم على سوريا بعدما اتفقت واشنطن وموسكو على خطة تفكيك ترسانة الأسلحة الكيميائية الخاصة بالرئيس بشار الأسد.

وها هو البيت الأبيض يواجه سيلًا من الانتقادات بسبب رد فعله الضعيف على ذلك الهجوم الكيميائي، الذي استهدف ضواحي دمشق قبل أسابيع، وراح ضحيته المئات من الأطفال والنساء والرجال، خاصة وأن واشنطن لم تبدأ في التحرك إلا بعدما دخلت الحرب المشتعلة في البلاد عامها الثالث، وسط حالة كبيرة من الخراب.

وثق بهم فخانوه
نقلت واشنطن بوست عن أنطوني كوردسمان، الخبير في الشؤون الاستراتيجية والعسكرية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية وضابط الاستخبارات السابق لدى البنتاغون، قوله: quot; أثارت تلك الأسابيع القليلة الماضية موجة من الشكوك بخصوص عجزهم المؤلم عن التوصل إلى قرار واضح، فتلك هي أسوأ لحظات الرئيسquot;.

وكانت العلاقة بين أوباما والجيش قد تشكلت على نحو ثابت في بداية ولايته الرئاسية الأولى، حيث أثير نقاش عام 2009 بخصوص زيادة عدد القوات في أفغانستان.

وقال أحد المسؤولين بعدما رفض الإفصاح عن هويته: quot;يرى أوباما أنه يثق بقادة الجيش، وهم يخونوه، وأتصوّر أن ذلك هو ما جعل البيت الأبيض يؤكد أنه يعتزم إدارة كل الأمور المتعلقة بالسياسة الخارجية من داخل مبنى المكتب التنفيذيquot;.