لمعت قطر صورتها جيدًا حين دعمت طالبي الحرية العرب في موجات الربيع العربي، لكن تقريرًا عن معاملة العمال النيباليين معاملة العبيد أثناء عملهم في إنشاءات مونديال قطر 2022 يفتح ملف خرق حقوق الإنسان في هذه الدولة.


سالم شرقي من دبي: منذ بداية موجة الربيع العربي، وقفت دولة قطر إلى جانب المنتفضين العرب على طغاتهم، فموّلتهم ماديًا، وحثت قناتها quot;الجزيرةquot; لتكون لهم صوتًا وصورة، رافعة لواء التحرّر من الطغيان، والانتصار لحقوق الإنسان.

وفي سوريا، ظهرت قطر كأبرز مموّلي الكتائب المقاتلة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، طلبًا للحرية من نظام قمعي بوليسي بطش بثورة شعبه حين كانت سلمية، فحوّل بلاده إلى جحيم، يكتوي بناره آلاف من المعتقلين والمعتقلات في سجون النظام.

عبودية حديثة
إثر ذلك كله، لمّعت قطر صورتها كنصيرة لحقوق الإنسان في العالم، ونجحت في ذلك، حتى تلقت صفعة قاسية، تمثلت في تقرير نشرته صحيفة quot;غارديانquot; البريطانية، فاتحة بين طياته ملفّ استضافة قطر لنهائيات كأس العالم 2022 لكرة القدم، وكاشفةً الستار عن مخالفات صارخة وخروق بليغة لحقوق عمالة آسيوية استقدمت من النيبال، عبر إجبارهم على العمل تحت نير العبودية الحديثة، في ظروف قاتلة، على حد تعبير الصحيفة، وذلك من أجل إنجاز الإنشاءات والملاعب والبنية التحتية قبل العام 2022.

وقدمت الصحيفة وثائق حصلت عليها من سفارة النيبال في الدوحة، تبيّن أن 44 عاملًا نيباليًا لقوا حتفهم بين 4 حزيران (يونيو) و8 آب (أغسطس) الماضيين، ما يعني حصول حالات وفاة يومية، بسبب ظروف العمل القاسية، ودرجة الحرارة المرتفعة، وغياب تدابير الأمن والسلامة. وقد اشتكى بعضهم بسبب عدم حصولهم على الماء مجانًا في ظروف جوية قاسية وسط الصحراء.

تسوّل الطعام
إلى ذلك، قالت غارديان إن هؤلاء العمال لم يقبضوا رواتبهم منذ فترة طويلة، quot;بل تحجز مستحقاتهم كي لا يفكروا في الهرب، وتصادر جوازات سفرهم، ولا يمنحون بطاقات إقامة تعرّف عنهم، ما يعقد موقفهم القانونيquot;. وذكر التقرير أن 30 نيباليًا لجأوا إلى سفارتهم، وطلبوا العودة إلى بلادهم هربًا من ظروف العمل الوحشية.

وكشف التقرير عن أن غالبية التجاوزات في حقوق العمالة حدثت في مدينة لوسيل، ناقلة شكوى عامل يُدعى رام كومار، قال: quot;تمر علينا 24 ساعة بلا طعام، منها 12 ساعة في العمل، وفي الليل لا نجد ما نسدّ به رمقنا، وحين رفعت صوتي شاكيًا تعرّضت للإهانة والتهديد من مديري، وحرمت من مستحقاتي، ما دفعني إلى تسوّل الطعامquot;.

قطر: حالات فردية
وحرصت غارديان على نشر رد فوري جاءها من قطر، تعقيبًا على نشرها ملف عبودية العمالة النيبالية في قطر. فقد أرسلت شركة لوسيل للصحيفة تأكيدًا على أن غالبية الحالات التي تم ذكرها هي فردية، وسيتم التعامل معها والتحقيق فيها بصورة جدية، بما يتوافق مع قانون العمل القطري. وأضاف بيان الرد: quot;هناك شركات صغيرة تعمل من الباطن، قد تكون تجاوزت في حق العمالquot;.

كما أتى ردٌ من اللجنة العليا المنظمة للمونديال في قطر على تقرير الصحيفة البريطانية، حبل بالتعهدات بأن يتم أخذ هذه الإدعاءات بأعلى درجات الجدية، من أجل معرفة حقيقة ما يحدث على أرض الواقع.

الجدير بالذكر هنا أن قطر ما زالت تواجه هجمة تشكيك إعلامية عالمية في أحقية الدوحة بالحصول على حق تنظيم كأس العالم 2022، كما اعترف جوزيف بلاتر، رئيس منظمة فيفا، بأن ضغوطًا سياسية واقتصادية دفعت بعض الأعضاء إلى التصويت لمصلحة قطر.

سجن شاعر
وهذه ليست المرة الأولى التي يشار فيها إلى قطر بسبابة الاتهام بخرقها حقوق الإنسان، إذ حكمت محكمة أمن الدولة القطرية قبل نحو عام من اليوم بالسجن المؤبد على الشاعر القطري محمد بن الذيب بتهمة إهانة أمير البلاد والتطاول على رموز الدولة والتحريض على الإطاحة بنظام الحكم، في إحدى قصائده الشعرية.

وفي شباط (فبراير) الماضي، خفضت إحدى محاكم الاستئناف في قطر سجن العجمي إلى 15 عامًا. وأثارت هذه القضية منظمات حقوق الإنسان في العالم، إذ اعتبرتها جزءًا من قمع حرية التعبير المنتشر في دول الخليج، بما في ذلك محاكمة ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي بتهم إهانة الحكام. وشددت المنظمات الحقوقية من هجومها على السلطات القطرية بسبب هذه القضية، إذ أدانت ازدواجيتها في دعم الباحثين عن الحرية خارج قطر، وزجّها بمواطنيها من الشعراء الأحرار في سجونها.